عضو بموازنة البرلمان يكشف فوائد تقليص حقائب الحكومة ل20 وزيرا    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه.. استقرار ملحوظ مع نهاية التحديثات    «زراعة القاهرة» تحصل على شهادة الأيزو الخاصة بجودة المؤسسات التعليمية    "بنك إن بوكس" تعلن عن شراكتها مع بنوك وشركات تكنولوجيا مالية    تضامنا مع غزة، كولومبيا توقف تصدير الفحم لإسرائيل    بعد طلبه إلغاء الدوري، مجلس الزمالك يصدم أحمد سليمان    منتخب مصر يتوج ب14 ميدالية في بطولة العالم لليزر رن بالصين    بعد منع الأهلي والزمالك.. ليكيب: فيفا يتجه إلى الموافقة على إقامة مباريات الدوري خارج البلاد    إحالة 3 أشخاص للمحاكمة لاتهامهم بالتنقيب عن الآثار بأكتوبر    النيابة تطلب تقرير الفحص الفني ل تريلا مُحملة برخام أعلى الأوتوستراد    هيئة الدواء تكشف حصيلة حملاتها الرقابية في المحافظات خلال شهر مايو    هل يقدم عمرو دياب اعتذارا رسميا في واقعة الصفع؟ مصدر مقرب يكشف التفاصيل    فتح باب التقديم لجائزة لوريال - اليونسكو 2025 لدعم النساء البارزات في العلوم    مراسل القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تواصل قصف مدينة رفح ومخيم النصيرات    رئيس القومي لحقوق الإنسان: قوة مصر الناعمة لها تأثير كبير في تكريس حقوق الإنسان    ورش ولقاءات توعوية للأطفال في احتفالات اليوم العالمي للبيئة بأسيوط    تعرف علي موعد عرض فيلم "أهل الكهف"    أفضل الأدعية في العشر الأوائل من ذي الحجة    "جهز نفسك".. أجر صيام يوم عرفة 2024    خالد عبد الغفار يشيد بأول عيادة تجميل تابعة للوزارة في مستشفى العلمين النموذجي    لمرضى السكر.. 8 فواكة صيفية يجب تضمينها في نظامك الغذائي    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    رئيس الشؤون الدينية بالحرمين: نستهدف توزيع مليون مصحف مترجم خلال موسم الحج    تقارير: باريس سان جيرمان يتفاوض لضم أوسيمين    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    10 أسماء.. قائمة الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    مصر تدين بأشد العبارات الاعتداءات الإسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    سناء منصور تحتفي بنجيب الريحاني في ذكرى وفاته: «كوميديان نمبر وان»    لمواليد برج العذراء.. التوقعات الفلكية في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (تفاصبل)    #الامارات_تقتل_السودانيين يتصدر "لتواصل" بعد مجزرة "ود النورة"    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    ما حكم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة؟.. «الإفتاء» تجيب    يوسف أيوب يكتب: الحكومة الجديدة أمام مهمة صعبة    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    العثور على 5 جثث في منطقة جبلية بأسوان    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخرجة هالة خليل: سعيدة لأن رئيس وزراء مصر جاء من «التحرير»
نشر في القاهرة يوم 22 - 03 - 2011

هل لك أي انتماء سياسي؟ وهل أنت «ثورجية» أصلاً، وشاركت في مظاهرات من قبل؟ - لم يكن لي أي انتماء لأي حزب سياسي قط، وزمان، أيام دراستي بالجامعة، ومعهد السينما، كنت «يسارية»، وكنت أشارك في التظاهرات والاعتصامات، ولما كبرت والدنيا تطورت من حولي وقمت بإعادة التنظيم والقراءة لكل ذلك صارت ميولي «ليبرالية» تماماً. الإحباط كان واضحاً في أعمالك، في فيلم «قص ولزق» بالذات، هل كان ذلك انعكاساً لحالتك الشخصية؟ - نعم، كنت محبطة جداً من الواقع وأزمة البطالة الشديدة والمشاكل الاقتصادية، كنت شديدة اليأس والاكتئاب وعندي إحساس بأن بلدنا منهوبة وقد استولت عليها عصابة مسلحة بالشرطة ومباحث أمن الدولة والمخابرات.. ولن يمكننا مواجهة كل هذا الفساد المتوحش.. وكنت أدعم فكرة الهجرة من مصر. هل كان من الممكن ان تفكري في الهجرة أنت أيضاً؟ - بل فكرت في الهجرة فعلاً. هل كانت معاناة واكتئاب المثقف أو الفنان المتفاعل مع ما حوله، أم كنت متضررة من النظام السابق بشكل مباشر؟ - أنا شخصية شديدة الارتباط والتفاعل مع الأحداث المحيطة بها، ومشاركاتي في التظاهرات والاعتصامات - من زمان- كانت رد فعل حقيقي لعلاقة حقيقية بالمجتمع المصري، عمري ما شعرت أبداً بالانفصال، ليس بالضرورة ان أعاني مشاكل اقتصادية - مثلاً- لأشعر بالفقراء، الإنسان الحقيقي لابد ان يرتبط بالواقع. ثم إنني كنت أعاني أموراً لها علاقة بحرية التعبير، وعجزي عن ان أكون فاعلة ومؤثرة في مجتمعي، العجز عن محاسبة أي مسئول.وأذكر لك مثلاً بسيطاً مما كان: كنت - بحكم عملي- أعود إلي بيتي في ساعات متأخرة، فأمر ببعض لجان الشرطة.. وأقل ما أقوله لك انهم كانوا يتسلون بالناس، وربما يضايقونني، رغم أنهم يعرفونني ويعرفون أنني أعود متأخرة بسبب التصوير. وهو إحساس سخيف جداً ان تشعر طول الوقت بأنك معرض لمشاكل كبيرة ولابد ان تمشي «جنب الحيط».. وتبلع شعوراً بالانكسار لأنك لا تملك حق الاعتراض علي سلب حقوقك.. واضطرارك للجوء إلي «الواسطة» لإنهاء مشكلة أو حتي اجراء عادي في أي مصلحة حكومية، هذا ليس سخيفاً فقط لمن يضطر لذلك ولا يستطيع ولكنه شيء لا يطاق بالنسبة للإنسان الطبيعي الذي لديه «وساطات» كثيرة جداً يلجأ إليها لممارسة حقوقه الطبيعية كمواطن مصري. أنت فتحت عينيك علي مصر «مبارك».. - أنا من مواليد عام 67 يعني كان عمري حوالي 13 سنة في آخر عصر السادات. استطعت تكوين فكرة عن الفترة التي عاصرت فيها «السادات؟ وأي العصرين كان أفضل من وجهة نظرك؟ - لكل عصر مزايا وعيوب، لكن النقلة التي حدثت في عصر السادات جعلت مصر في أزمة، لأن مصر انقلبت فجأة من الاشتراكية إلي سياسة الانفتاح والاقتصاد الحر.. وبعد ذلك جاء مبارك الذي - للأسف- ليس لديه مشروع قومي أصلاً. وإذا كنا ضد الانفتاح ونري أنه من أسباب تدمير الاقتصاد المصري لكننا كنا سنشعر بالأمل إذا جاء الحاكم ولديه مشروع جديد أو حتي قادراً علي التفاعل مع المشروع القائم، وهذا ما لم يحدث. ... سأحدثك عن عصر «عبدالناصر» الذي لا أعرف لماذا أشعر بأنني عشته، وأري أنه كان فيه إيجابيات افتقدناها في عصر السادات وعصر مبارك، رغم المساوئ التي كانت في عصر «ناصر» مثل الاعتقالات والسجون السياسية، فقد كانت هناك نزاهة وأمانة، لأن عبدالناصر كان لديه مشروع يريد تحقيقه، وكان يهدف للبناء والنهضة، وكان أميناً ومخلصاً له. كم كنت أتمني ان نري الحاكم، أي حاكم، في مصر لديه مشروع أي مشروع لكن المهم ان يقوم علي مثل هذه الأمانة والإخلاص للفكرة وللوطن. تتمنين مشروعاً محدداً لمصر الآن؟ - الديمقراطية الحقيقية هي مطلبنا الآن طبعاً، نحن نريد حرية وشفافية وعدالة اجتماعية ومساواة، ومتابعة ومحاسبة الديمقراطية هي ما لابد منه الآن، وحتي مشروع جمال عبدالناصر القائم علي الاشتراكية لم يعد صالحاً الآن، رغم حبي الشديد له. ما رأيك في رئيس وزراء مصر الجديد الدكتور عصام شرف» - أنا في منتهي السعادة طبعاً، فهو رجل شريف ومحترم جداً وكان معنا- أصلاً- في ميدان التحرير، ومعروف أنه ثائر علي أي ظلم وفساد.. وعلي فكرة، أنا كنت شبه متأكدة من أنه سيذهب للقاء الناس في ميدان التحرير، ليؤكد ان شرعيته مستمدة من الشعب، وأنه قادم من بين الثوار في الميدان. من المهم ان نشير إلي أنكم كمخرجين مثلاً، لاتفرحون بالعمل مع الأحب إليكم، أو الأكثر إخلاصاً بقدر ما يكون هو الأقدر والأصلح للقيام بالدور، فتكون الفرحة مزدوجة بكونه الأحب والأقدر معاً وهو ما يمكننا - في السياسة- اعتباره جمعاً بين «أهل الثقة» و«أهل الكفاءة» في نفس الوقت. نعم وهذا ما ينطبق تماماً علي الدكتور عصام شرف وقد عرفناك ربما لا يصح ان أسألك الآن: لماذا شاركت في الثورة؟ - الصحيح ان تسألني.. كيف ولماذا لم أشارك في الثورة إذا لم أكن شاركت.. عندها يكون السؤال في محله ويكون بدهشة أيضاً إذ كيف لا نشارك في تحقيق ما كنا نحلم به منذ زمن طويل وفقدنا الأمل في قدرتنا علي تحقيقه.. ونحن نراه يتحقق فعلاً. ربما من العجيب ان البعض - منا- لم يكتف بمعارضة الثورة، وإنما كان ومازال يبشرنا بالندم قريباً علي فقد الأمان والاستقرار الذين كان يوفرهما النظام السابق، في اعتقادك هل كانت الثورة أكبر من خيال الناس، خاصة هؤلاء الذين «يستكثرون» علي أنفسهم ما هو أفضل؟ - نعم.. ولا تنس ان النظام البائد ظل علي مدار ثلاثين عاماً يذكرك دائما بأنه لا يوفر لك سوي الاستقرار والأمان، وعندما يتشبع المواطن بذلك، بدلا من أن يعتقد بأن الحرية والعدل والحق هي الأهم، تكون النتيجة هي وجود هذا البعض. بالمناسبة، أهم «الفزاعات» التي تستخدمها الأنظمة العربية المتسلطة علي شعوبها: الفوضي الرهيبة في حالة تنحي الحاكم، والدول الاستعمارية المتحفزة للانقضاض علي الشعوب العربية- بغرض التهامها- فور إخلاء كرسي الرئاسة نزولاً علي رغبة الشعب، إضافة إلي الإخوان المسلمين في مصر. صحيح هذا ماكان يفعله مبارك، لكن العكس، الفوضي قلت جداً فور تنحيه، صحيح توجد الآن - حتي كتابة الحوار- مشكلة في الأمن وتسيب في الشارع، لكنه سينصلح في أسرع وقت، لأن وزارة الداخلية هي المسئولة عنه، أو علي الأقل قادرة علي ان تسيطر عليه. غياب الأمن وحالة الرعب التي يعيشها كثيرون هي المشكلة الأكبر الآن.. - وبنظرة بسيطة للأمور تدرك ان الذين كانوا في ميدان التحرير ليسوا المسئولين عن ذلك، ولو كنا قد أخلينا الميدان فوراً فهل كان الأمن سيعود تلقائياً؟ وهل يعود الأمن دون رادع أمني وضبط الشارع؟ طيب، دعك من اختفاء الشرطة ودعنا نتساءل عن الأغرب وهو اختفاء عساكر المرور، هل كانت لدينا مشاكل مع عساكر المرور؟ - نحن كمصريين علاقتنا بعساكر المرور رائعة جداً، يكفي أن أقول إن كثيرين جداً يخرجون أموال الزكاة للمرور، وعلي ذلك فمن غير المعقول ان يختفي عساكر المرور ولو حتي للصق المخالفات علي زجاج السيارات التي «تركن في الممنوع» في الشوارع والميادين الكبري، دون حدوث أي احتكاك مباشر مع الناس، حتي هذا لم يحدث، لأن وزارة الداخلية في النظام البائد كانت وكأنها تريد أن «تؤدبنا»! ما تقييمك لدور أهل الفن، قبل الثورة؟ - قبل الثورة كانت توجد إبداعات كثيرة جداً ومؤثرة، الثورة لم تولد من فراغ وانما بثقافة المقاومة التي تمثلت في الآراء الحرة والمعارضين الشرفاء، وكل حسب مجاله، بقصيدة شعر تدعو للمقاومة أو فيلم سينمائي يكشف الفساد، إلي آخر ذلك. كل الشرفاء المخلصين كان لهم دور، لكن شباب الثورة- طبعاً- هم الذين أشعلوها، وحملوا عبئها علي أكتافهم.. .. وأثناء الثورة؟ - أثناء الثورة كنت - في ميدان التحرير- أنسي أنني فنانة، وأعتقد أن كل الفنانين - في الميدان- كانوا هكذا، كنا مصريين يحاولون المشاركة في تحقيق حلم الحرية. تخيل، رغم أنني مخرجة، لم يخطر ببالي ان أسجل ما كان يحدث بكاميرا فيديو، بل لم أفكر في التقاط بعض الصور بكاميرا تليفوني المحمول! كمخرجة هل كنت تتخيلين ان تكون الثورة علي هذا القدر من الروعة والإبداع؟ - أبداً، الثورة كانت أحلي وأعلي وأسرع من خيالي وبمراحل، أنا شخصياً كنت علي يقين من أنها قادمة لا محالة، كان من المستحيل ألا أتحدث في ظل كل ما كان من ظلم وفساد، لكنني كنت يائسة من حدوثها في حياتي، وما كنت أتخيل ان تكون هكذا ففي ميدان التحرير كأنما كانت الدولة الفاضلة التي نحلم بها، بل وأكثر كان شيئا «فوق الخيال فعلاً، كأننا نكتشف أنفسنا لأول مرة. ما أكثر الصور العالقة بذهنك من أحداث الثورة، في ميدان التحرير بالذات؟ - «موقعة الجمل» حينما انفتحت جبهة، لا ندري من أين، وفجأة يهاجمنا البلطجية بالحجارة. زوجي كان معي يومياً هناك، وهو رجل أعمال، ليس من السهل عليه أبداً أن «يحدف طوب».. لكنه اضطر لتبادل ضرب الطوب مع البلطجية بعدما اكتشف أنه لا حيلة إلا ذلك حتي نحمي الميدان بعدما تحول إلي ساحة معركة منظمة بالنسبة للبلطجية. من الحظات العظيمة عندما كان الإخوان المسلمون يدافعون عن بعض الفنانات والفتيات غير المحجبات عندما حاول بعض البلطجية ان يتحرشوا بهن، أحد الملتحين نهر أحد البلطجية قائلا: «إياك تلمسهم.. دول أرجل من أي رجالة».. وعندما كان المسلم يصلي - في الميدان- فأري قبطيا يضع ورقاً ليحط جبهته فوقه وهو ساجد، و كان يحرسه أيضاً. ميدان التحرير كان دولة مثالية وفاضلة، أي حلم عايشين فيه. علي الجانب الآخر كان أداء النظام السابق.. من الناحية الفنية والإبداعية والجمالية.. شديد الرداءة والفقر! - بالتأكيد.. كان ضعيفاً فنياً وذهنياً، لكن في ميدان التحرير كانت الأذهان شديدة اليقظة. وكنت أفرح كلما شعرت بأن النظام السابق فقير وخامل الذهن و«عمال يعك».. كنت أدعو الله ان يسلط عليه نفسه وألا يلهمه الصواب، بعدما يئست من انصلاحه. من أخطر اللحظات التي كانت تهدد الثورة حينما كان التعاطف كبيراً- نسبياً- مع الرئيس السابق بعد خطابه «الأبوي والعاطفي» المشهور والذي كان «أنجح» ما فعل، وكذلك تلك الأصوات التي كانت تتعالي في وجه الثوار: «كفاية كفاية» بعد كل خطوة تكسبها الثورة أو «تنازل» ولو شكلي وضئيل يقدمه النظام!! - سمح لي، ولو ان ذلك سيغضب مني كثيرين، نحن بكل أسف وبحكم الظروف والتاريخ تأخرنا في أشياء كثيرة من بينها مشاعرنا وعواطفنا، لا تقل لي ان ذلك كان رد فعل عاطفيا، لا بل هو «تأخر عاطفيا» هذا أحبطني جداً، كيف لا نعرف أين نضع عواطفي، أو أتعاطف مع الشيء وعكسه؟! ذلك الرجل لم يكن «أبونا» ولا لديه شرعية كرئيس لبلادنا بل كان «مستولي» علي السلطة بالقوة والتزوير علي مدي سنوات طويلة جدا، فكيف نقول هذا الكلام؟! - هذا «ضلال عاطفي» ولا يحدث في أي دولة تريد الديمقراطية أبداً. هذا يذكرني: عندما نشاهد مسرحية، ويحاول أحد الممثلين «استجداء تعاطفنا» بلا مبرر، فيصفق له الجمهور وربما يكاد البعض يبكي «ليطيب خاطر الممثل»، هذا يدهشني منذ زمن بعيد! من التقدم والتحضر ان تكون في «حالة تقدمية» ومن ذلك ان يحدث لك تقدم في التفكير وترشيد العواطف، وتعرف متي وكيف يحاول البعض ان «يضحك عليك». أتمني ان يحدث التقدم العلمي والتكنولوجي في بلدنا، ومعه تقدم في الوجدان والمشاعر. أنت سبق لك العمل، لسنوات، في التليفزيون المصري- التابع حينذاك للنظام الحاكم- كيف كانت هذه التجربة بالنسبة لك؟ - كانت سنوات من الإحباط والصراعات والمعاناة لأنني كنت أشعر بأنني أعمل في شبكة فساد. كنت أعمل في الأخبار وكان صعباً جداً أن أتحرك بحرية، وقد انتهت هذه المعاناة بفضلهم، كنت قد أخرجت فيلماً - في التليفزيون- عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر - لأنني أحبه- ولما شاهدته بعض القيادات أعجبت به فطلبت مني عمل فيلم عن «مبارك، فرفضت وأنا مدهوشة من هذا الطلب، لأنهم لا يفهمون أنني أنا التي أحببت عمل فيلم عن عبدالناصر لحبي له ولأن لي توجهاً خاصاً وواضحاً ومن غير المعقول ان احترم نفسي وأنا أتارجح بين هذا وذلك، طلبهم كان عجيباً ومضحكاً. ولما أصررت علي الرفض رغم ضغوطهم، أحالوني إلي التحقيق، ثم أجبروني علي الخروج من التليفزيون بأخذ «إجازة» مفتوحة! لم يتغير موقفك ورأيك حول النظام السابق وعلي رأسه «مبارك» حتي عندما بدا أنه يهتم بالفنانين، بل و«يدلل» بعضهم فهو كان يهاتف البعض في مرضه ويستقبل البعض في قصره! - هو لم يفعل
ذلك حباً في الفن والفنانين بل كان يتسلي ويقضي بعض الوقت المرح وخلاص، بدليل ان أكبر انحدار وانهيار وتراجع للفن المصري والسينما المصرية وهو ماكان في عهده، لم يكن إلا ذلك الخطاب الرسمي المستفز للآخرين عن الريادة المصرية بدون ان يتدخل لدعم الفن الهادف ولإنقاذ السينما وتشجيع المخرجين والنجوم العالميين علي الاتجاه لمصر. ولكني الآن - بعد رحيله- متفائلة جدا وعندي يقين بأن الفن والثقافة سيشهدان انتعاشاً ورقياً في الفترة المقبلة. من تتمنين ان يكون الرئيس القادم؟ - الدكتور محمد البرادعي، وأنا أعرفه وكان لي شرف اللقاء به ضمن مجموعة من الفنانين والمثقفين أيام عودته لمصر، وكان يتحدث عن التغيير وصدقناه واحترمناه جداً، يكفي ان له جهودا عظيمة في الثورة، وكل ما قاله منذ عرفناه قد تحقق، وهو فعلاً لا يهمه ان يكون رئيساً لمصر ولا يطمع في السلطة ولكنه مهموم بأن يساعد في نهضة وحرية مصر، وهو لا يغير موقفه ولا يكذب كما أنه شديد الإخلاص والنزاهة هذه مميزاته، وهي أيضاً عيوبه؟ كيف؟ - الآخرون سيحاربون من أجل كرسي الرئاسة أما فهو لا يحارب ومن الممكن ان يتراجع إذا لم تكن معركة الرئاسة نزيهة وعادلة ، أنا أري أننا - لو نعرف قيمة هذا الرجل- فلابد ان «نحارب له» حتي يصل لرئاسة مصر. الذين ضده سوف يستمرون بالإشارة إلي عيبين خطيرين فيه - من وجهة نظرهم- وهما انه بعيد عن مصر، لم يعش فيها، وانما كان «يتفرج» عليها من بعيد، وهو بذلك لا يعرف مصر وشعبها حق المعرفة. وهو رجل أمريكا؟ - الفترة الأخيرة وعلاقة البرادعي بالثورة تثبت عكس الزعم الأول، وكل أقواله وأفعاله تثبت العكس. ثم انه رجل أمريكا؟! لا بل هو رجل مصر. سيقولون أيضاً أنه «معملناش أي حاجة» ولا أفادنا كعرب بشيء عندما كان علي رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ - لا.. غير صحيح، نرجع ونري دوره مع العراق أثناء محاولات أمريكا للغزو مثلاً والوثائق موجودة، النظام السابق هو الذي كان يعمل علي تلويث سمعة البرادعي لشعوره بخطورته عليهم، ومازال حتي الآن يحاول حتي علي «فيس بوك» وعلي كل حال، نحن الآن في عصر التكنولوجيا والإنترنت ولكل إنسان ان يبحث ويقرأ ويعرف جيداً وبهدوء قبل ان يختار من يستحق ان يعطيه صوته ليكون قائد مصر في المرحلة المقبلة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.