افتتحت قاعة بيكاسو معرض الفنان سمير فؤاد وهو العرض الثامن للفنان خريج كلية الهندسة الذي أقيم أول معرض له في انجلترا عام 1970 كفنان هاو أما معرضه الأول الحقيقي فكان عام 1997 بعد احترافه للفن خاصة التصوير الزيتي ثم توالت المعارض فكان المعرض الثاني عام 1999/2002/2004/2006/2007 / 2009/ ثم المعرض الحالي في أواخر عام 2010 والذي يقدم فيه الفنان بعض الأعمال الفنية الجديدة تحمل رؤية معاصرة يمزج فيها بين الروح التعبيرية وتسجيل اللحظة في الواقعية الجديدة. ويبدو الفنان سمير متأثرا بأسلوب الفنان البريطاني «فرنسيس بيكون» في خلال فترة إقامته في انجلترا خاصة في استخدام ضربات الفرشاة الغليظة والمتلاحقة لتسجل فعل الحركة غير المرئي مع الاحتفاظ بهويته المصرية التي تبدو في ملامح الشخوص التي لا تحمل ذلك التشويه في أقصي درجاته كما في وجوه بيكون، فقد هشم بيكون وجوهه لتكشف عن وجه آخر خبيء يعبر في سخرية عن مدي امتعاض إنسان العصر، وقسمات الوجوه عند بيكون مشوهة وممزقة كاللحم بالرغم من أن بيكون كان يكره أكل اللحوم ويثيره منظرها ومع ذلك كانت عنصرا أساسيا في أوائل أعماله الفنية والفنان سمير هنا يجتمع مع بيكون في طرح قضية إنسان العصر والتعبير عن حالته الراهنة التي يبدو أنها لن تتقدم بل تتراجع إلي الوراء فأزمة الإنسان مازالت مستمرة وبالتالي فهي قضية مطروحة في كل العصور ويتضح في رؤية الفنان عنصر الدراما ومدي أهميته في أعمال الفنان الذي يتساوي مع الموسيقي من حيث إن كل منهما تقاس فيه القيمة بمقدار المحتوي الدرامي الذي نحسه في عناصر العمل مجتمعة مع بعضها. ونتبع المشهد البصري للفنان خلال بعض أعماله التي توضح أسلوبه منذ البدايات ليبدأ العرض بعمل كلاسيكي محكم البناء لامرأة جالسة في حالة ساكنة ليلعب الضوء الدور الرئيسي في الموضوع الذي يسقط من اتجاه واحد فنستعشر عنصر الحركة بفعل حركة الضوء الأبيض الحاد المحايد ليمثل العنصر الدرامي الذي تخلي عنه فيما بعد في باقي الأعمال ليحل محله عنصر الحركة التي تبدو واضحة من خلال حركة الأجساد الواقفة والمستعرضة للجسد خاصة عند المرأة والذي يصمم الفنان أن يغطي أجزاء منها بلباس البحر الأسود في الوقت الذي يبعد فيه عن التقاليد الفنية التي كانت قيدا حول بنية الجسد الإنساني ليهتم بتسجيل اللحظة الزمنية غير المرئية لحركة هذا الجسد المهزوم وهو أيضا صدي الجنس الذي يتناقض مع فكرة الموت والفناء ويتعامل الفنان مع المساحات الواسعة بفرشاة عريضة تسقط ضرباتها بقوة في اتجاه أفقي ليصيغ فكرة ارتباط الحركة بالزمن. وفي نفس الوقت يستخدم فرشاة رفيعة ليرسم بها الخطوط فوق مساحة اللون. ومن أعماله الجديدة (سجن أبوغريب) التي تعتبر بمثابة نواة لأعمال أخري جديدة من حيث المعالجة والأداء تعبر عن بداية حقيقية للفنان فنحن نري الأجساد هنا تعبر عن حالة خاصة أو حدث مؤثر يمس قضية الإنسان المعاصر فنري الفنان يبرز مفهوم اللحم كمدخل لأعماله من خلال ديناميكية هذه الأجساد المتراكمة كقطع اللحم المتراص في كتلة تقترب من الشكل الهرمي وتعبر الخطوط المنحنية عن التواءات الجسد وعذاباته مستخدما اللون الطبيعي للجسم البشري إلي جانب اللون الأحمر في أرضية الشكل الذي يبدو في المقدمة وهو لون يحمل معني الحياة وفي الخلفية اللون الأسود الذي يمثل الظلام أما اللون الأسود عند كاندسكي فهو شيء قد احترق أشبه ما يكون برماد نعش وبشيء هامد همود ميت إن صمت اللون الأسود هو صمت الموت وهو في ظاهره أقل الألوان جرسا وإيقاعا لتبرز عليه الألوان بروزا واضحا ويتسرب للمتلقي الإحساس بعجز هذا الجسد وقهره ويهتم الفنان ببعض التفاصيل التعبيرية في وضع اللون الرمادي في باطن أقدام هذه الشخوص الحافية التي تظهر من الخلف ليسلط الضوء علي هذا اللحم العاري ليفصح عن حالة من العار، والضوء هنا خافت يأتي من داخل السجن من مصدر غير واضح قد يكون نافذة أو سجنا آخر. وإيقاع الفرشاة سريع مع سرعة ضربات القلب المدوية التي نسمعها رغم ضجيج الحركة والصراع والرغبة والصدام وفي أعمال أخري يظهر فيها عنصر اللحم بشكل رئيسي فنراها معلقة في وضع مهين لتكون الإشارة التي تتطابق مع مفهوم القهر والتمزق فيثير منظرها حالة من الرعب والتقزز عند المتلقي فاللحم هنا يعادل المعني الذي يعبر عنه الرمز عند الفنان حيث يحرر الشكل من موضوع الإشارة أي (التفاصيل).