«سري جدا» و«سري للغاية» وغيرهما من العبارات الدالة علي خصوصية المعلومات الموجودة داخل ملفات يحظر علي غير المسموح لهم الإطلاع عليها...هذه العبارات لم يعد لها محل من الإعراب في زمن تسريب المعلومات عبر الوسائل الاليكترونية سواء الانترنت أو الهاتف الجوال ومابينهما من أدوات جديدة تستعمل "النانو تكنولوجي" في نقل المعلومات عبر غواصات وطائرات لايزيد حجمها عن رأس دبوس أو زر في المعطف. هذه الظاهرة لم تعد تؤرق فحسب الحكومات في العالم حيث دأب القادة علي "الدردشة" وإبداء وجهات نظر ليست للنشر لكنها فجأة تجد طريقها إلي المواقع الاليكترونية فتسبب حرجا بالغا وأزمات بدون داع،مثلما حصل مؤخرا بسبب تسريب موقع ويكليكيس آلاف الوثائق التي أزعجت حكومات في القارات الست ،لكن الأخطر من ذلك هو تسريب المعلومات عن الشركات العملاقة والعابرة للمحيطات والتي تتعامل في أرقام فلكية وتبغي الحفاظ علي سرية تعاملاتها مع الزبائن دون إفصاح في إطار سرية المنافسة.وماأثار الذعر مؤخرا هو نجاح أنصار مؤسس موقع ويكليكس في الدخول إلي بيانات اكبر البنوك والشركات في الغرب وتعطيل برامجها الاليكترونية مما أثر علي حركتها التجارية والمالية، وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد عقدت فور هتك أسرار وزارتها مؤتمرا صحفيا لم تنف فيه الحقائق التي كشفها أسانج، بل أعلنت حربا عليه وعلي الذين سربوا إليه الأسرار التي نشر تفاصيلها بكل جرأة، وأشارت كلينتون إلي أن كثيرا من المعلومات ينبغي أن تظل سرية لأنها لم تتحول إلي قرارات ومعظمها وجهات نظر أوتبادل للآراء بين القادة . وعلي الفور أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية أمرا بشن حملة تشويش علي نطاق عالمي، وقد أغلقت الاتصال بين القيادة العسكرية الأمريكية وبين موقعها المسمي سيبرنت Siprnet لأن أحد الجنود كان أول من فضح الخارجية بنشر محتويات ذلك الموقع بتسريبها إلي ويكيليكس، وهناك تفكير جدي في العودة إلي أسلوب الأرشيف القديم أي الورقي المحفوظ في مكان واحد وآمن بدلا من الأسلوب الاليكتروني الذي ثبت إمكانية التلصص عليه ونقل محتوياته بسهولة. اختراقات وفيروسات ونقل موقع إذاعة «بي بي سي» عن دان كامينسكي -الذي يعتبر من كبار خبراء سلامة الإنترنت، والذي كان أول من اكتشف الثغرات في منظومة أسماء المواقع DNs في مارس 2008 قوله "نحن في ورطة...وكل واحد في حاجة إلي سد الثغرات، رجاء." وتوصل الخبراء إلي طريقتين اثنتين مختلفتين لمحاولة سد الثغرات، فقد أضيفت الشفرة إلي أداة للاختبار واسعة الانتشار تدعي Metasploit يستخدمها قراصنة الإنترنت من كلا الجانبين للبحث عن الثغرات في منظومات الحاسبات وقال جون ديلمس وهو أحد خبراء تحصين المعلومات في الخارجية الأمريكية إن هتك الأسرار الدبلوماسية ليس أمراً جديداً، فالسفراء في العالم كله يسربون أسرارا إلي الصحفيين لنشرها بدون كشف مصدرها إذا أرادوا التأكد من اهتمام وزراء الخارجية بتصريحاتهم. لكن الفرق بين هتك الأسرار بهذه الطريقة وبين طريقة ويكيليكس التي نفذها أسانج هو أن كمية المعلومات التي كشفها هذا الصحفي الدولي "ذو المنشأ الأسترالي" أكبر بكثير مما يتسرب من السفراء، فوثائق وزارة الخارجية الأمريكية التي نشرها تجاوزت ربع مليون وثيقة، ومازال هناك مثل هذا الرقم من وثائق لم تنشر بعد. مراصد للصحف الكبري وإلي ذلك ظهرت فكرة المراصد الاليكترونية عند كبري الصحف العالمية وهي حجرات مزودة بوسائل اختراق المواقع الاليكترونية العالمية المهمة بغرض الحصول منها علي معلومات لاتتوفر عند الصحف الأخري فصحيفة نيويورك تايمز تسعي لعقد اتفاقات مع شخصيات في الخارجية الأمريكية يمكن أن يسربوا لها حصة من الوثائق، ومجلة دير شبيجل الألمانية لديها أيضا مرصاد خاص؛ والأمر نفسه مع صحف ايطالية واسبانية تفتحت شهيتها للحصول علي معلومات خاصة بغية الاستمرار بقوة في حلبة المنافسة، وتجري اتصالات مع مواقع "التسريب" المعروفة والمجهولة لعقد اتفاقات بالحصول حصريا علي مالديها من وثائق مقابل مبالغ مالية أو إجراءات أدبية، ومن بينها المواقع التالية: - موقع مجهول الهوية رمزه كما يلي: rpp.arg/Cable - موقع فرنسي رمزه: statelog.owni.fr - موقع جديد لويكيليكس رمزه: wikileaks.ch/cablegate وكان البرلمان الفرنسي قد أقر قانونا بمعاقبة المتورطين بأعمال قرصنة علي الانترنت بشكل يصل إلي قطع اشتراكهم في شبكة المعلومات الدولية لو ضبطوا وهم يقومون بتحميل غير قانوني للمرة الثالثة، ويحظي القانون بدعم كبري شركات المعلومات والهاتف النقال والبنوك فضلا عن صناع الأفلام والتسجيلات الموسيقية، وبمقتضي هذا القانون يتم في البداية تحذير من يمارس القرصنة برسالة علي بريده الاليكتروني ثم بخطاب وأخيرا بقطع اشتراكه لمدة سنة لو ضبط للمرة الثالثة. ولكن حذرت بعض جماعات المستهلكين من أن بعض الأبرياء قد يتعرضون للعقاب إذا سرق القراصنة هويات حاسوباتهم، وقال جون كنيدي رئيس شركة جلوبال ميوزيك إن القانون الجديد يمثل طريقة فعالة لمحاربة القرصنة علي الانترنت". اتهامات أمريكية للصين أما وزارة الدفاع الأمريكية فقد انتهجت موقفا استباقيا يعتمد علي اسلوبين الأول هو الهجوم علي المواقع الاليكترونية المعادية وتدميرها، وهناك 309 أهدف ينوي البنتاجون تدميرها ، وكانت قد أوفدت إلي بغداد فريق عمل من أجل تفكيك موقع "الفرقان "الالكتروني ، الذي كان يستخدمه تنظيم «القاعدة» في الترويج لأفكاره وبث البيانات والتقارير المصورة لعملياته . أما الأسلوب الثاني فهو شن حملة اتهامات ضد من تعتقد أنهم ينوون التسلل إلي مواقعها ،علي غرار ماجري في يونيو الماضي عندما تعرضت شبكة الحاسبات الآلية في البنتاجون إلي هجوم يعتقد أن خبراء في الجيش الصيني شنوه حسب مسئولين أمريكيين أدلوا بتصريحات إلي راديو هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" حيث قام قراصنة بشن هجوم علي ثلاثة عشر جهازاً مركزياً يتحكم بتدفق المعلومات علي شبكة الانترنت علي مستوي العالم وتمكنوا من تعطيل ثلاثة أجهزة والسيطرة عليها بشكل كامل طوال اثني عشر ساعة، في أكبر عملية تشهدها الشبكة منذ عام 2002 .