التقدم التكنولوجي أثر علي جميع مناحي الحياة وفي صنع السياسات واتخاذ القرارات في جميع أنحاء العالم فالتقدم التكنولوجي مثلا في مجال الاتصالات اللاسكية وشبكة الانترنت فتح وسيفتح آفاقا غير محدودة لثورة المعلومات وسهولة الإطلاع عليها وتوفيرها ونقل الحدث فور حدوثه في أي مكان وأضحي العالم كقرية صغيرة في مجال الاتصالات والمعلومات ونقل الاخبار فضلا عن سهولة التبادل التجاري والتجارة الإليكترونية العالمية وفتح أسواق جديدة. وقد غير الانترنت وثورة المعلومات طرق العمل والتعلم والحياة..وتغيرت قواعد التسويق والمبيعات والاقتصاد وقل توزيع الصحف ومبيعات الكتب وتناقل الخطابات البريدية وغيرها وسيمارس الموظفون عملهم والطلاب دراساتهم من منازلهم ويمكن أن تصلك جميع احتياجاتك الي موقعك..بل من المنتظر ان تتجاوز تأثير ثورة المعلومات جميع التوقعات. وفي مواجهة مخاطر نضوب مصادر الطاقة التقليدية من الوقود الأحفوري (البترولي) والغاز وما يسببانه من تلوث للبيئة تواصل التكنولوجيا مسيرتها للتوسع في استنباط واستغلال مصادر متجددة من الطاقة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة الامواج والمد والجزر والطاقة الكتلية والطاقة النووية السلمية. وفي مواجهة مخاطر استنفاد الثروات الطبيعية من معادن والحاجة الملحة إلي مواد أكثر قوة وفاعلية وتحملا وذات خواص خاصة حدا ذلك إلي تخليق مواد مركبة جديدة ذات خواص محسنة ومطلوبة طبقا لاحتياجات معينة باستخدام تكنولوجيا النانو اي المتناهية الصغر عن طريق إعادة توزيع ودمج جزيئات من مواد مختلفة علي مستوي النانو. وبدلا من استخدام تطبيق ما ليناسب كفاءة مواد موجودة بالفعل وهذا التطبيق محدود بالضرورة بقدرة وخواص هذه المواد فسيتم باستخدام تكنولوجيا النانو تخليق مواد لتناسب تطبيقاً معيناً. وهذا يفتح آفاقا غير محدودة للتطبيقات بحيث إنه في المستقبل ونظريا فمن المنتظر ألا يكون هناك تطبيق لا يمكن تنفيذه وستتحقق أحلام المهندسين والأطباء والعلماء. وسيمكن توسيع مجال استنباط مواد ذكية لها خواص معينة مثل القيام بوظائف تمت برمجتها وتدريبها مسبقا عليها وهناك أمثلة كثيرة علي تطبيقات هندسية وصناعية وطبية وغيرها كلها تفتح آفاقا غير محدودة وتصب في صالح البشرية. والتقدم التكنولوجي في المجال الصحي غير مسبوق ولا يتأتي إلا استنباط طرق جديدة منها كشف الجينوم البشري ومسببات الأمراض علي المستوي الجيني واستخدام النانوتكنولوجي وطرق ومعدات وتحاليل حديثة للاكتشاف المبكر للأمراض ودلالاتها والتنبؤ بحدوثها ومن ثم الحد من خطورتها ومعالجتها وخاصة الأمراض الوراثية والعقم والأورام الخبيثة وأمراض الدم والمناعة والشيخوخة، وتوفير ادوية ووسائل علاجية للمرضي والحد من آلامهم..وفي مجال الزراعة والانتاج الحيواني ومخاطر عدم كفاية الغذاء وارتفاع أسعار المواد الغذائية استنباط اصناف وانواع جديدة من البذور والمحاصيل والسلالات تحقق متطلبات زيادة الانتاجية والتحملية مع المحافظة علي الجودة. ونظرا لسرعة تقدم التكنولوجيا ونموها الجارف وتأثيرها المتنامي فلا يمكن تركها بلا ضوابط إذ يجب أن تواكب استخداماتها المعايير الاخلاقية والسلوكية المتعارف عليها والقيم الدينية منعا للانحراف بالاستخدامات عن مسارها وتشويه نتائجها مما قد يؤدي الي استخدامات تؤدي إلي هلاك ودمار البشرية وعليه يلزم فرض بعض قيود. فمثلا في حالة الطب والجينوم يلزم وضع قواعد لمنع اختلاط الانساب والانتخاب الإنساني الجائر وتمييز جنس علي آخر او صفة علي اخري وانتقاء للاجنة الذكور دون الاناث. وفي مجال حرية المعلومات والانترنت قد يلزم تدخل الدول لتوفير قدر من الخصوصية علي نقل المعلومات ونوعيتها علي شبكة الانترنت لحماية النشء من مخاطر الانحراف الخلقي والتطرف وعلي الجانب الاخر التدخل لحماية الملكية الفكرية والابداع والمبادرات الخاصة..وفي مجال التجارة الدولية حماية المستهلك من البيانات والمعلومات الخاطئة. والقرن الحالي سيشهد طفرات في مجالات التكنولوجيا خاصة مجال المعلومات والاتصالات والنانو والمواد الذكية وتطبيقاتهم تفوق كل التوقعات نأمل أن تصب كلها ايجابا في صالح البشرية والتنمية مع ضرورة وضع ضوابط حتي لا تخرج عن مسارها وتكون وبالا علينا.