"التنمية الصناعية" تطرح وحدات كاملة التجهيزات بمدينة الجلود بالروبيكي    «الرعاية الصحية»: الملتقى الأفريقي أصبح منصة مصرية دولية    بايدن يقوم بتحديث التعليمات الخاصة بشروط استخدام الأسلحة النووية    باريس تسلم كييف طائرات ميراج المقاتلة.. زيلينسكى أمام البرلمان الفرنسى: أوروبا لا تنعم بالسلام.. وروسيا تتهم ماكرون بتأجيج التوترات    الأمم المتحدة تكشف عن موقف جوتيريش من المشاركة فى قمة السلام الأوكرانية بسويسرا    فوز حرس الحدود والترسانة بالجولة الثالثة للصعود للدوري الممتاز    عائلة مجرمة جدا.. ضبط 1010 طرب حشيش مع أب وزوجته ونجلهما في البحيرة    حصاد وزارة التضامن الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي    مصرع شاب صعقا بالكهرباء بمركز صدفا في أسيوط    تعرف على إيرادات أمس لفيلم "شقو"    «السياحة» تعلن الانتهاء من رقمنة 78 متحفاً وموقعاً أثرياً    حظك اليوم| برج السرطان السبت 8 يونيو .. أبواب الربح والنجاح تُفتح أمامك    فحص 1099 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    القاهرة الإخبارية: آليات الاحتلال تحاصر القرية السويدية واشتباكات برفح الفلسطينية    الإفتاء تكشف فضل يوم النحر ولماذا سمي بيوم الحج الأكبر    مصرع شخصين أثناء التنقيب عن آثار في البحيرة    هانيا الحمامي تتأهل لنصف نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    محافظ كفرالشيخ يتابع جهود الزراعة للمحاصيل الصيفية وندوات توعوية للمزارعين    قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    مسؤول حماية مدنية فى السويس يقدم نصائح لتجنب حرائق الطقس شديد الحرارة    أحكام الأضحية.. ما هي مستحبات الذبح؟    د.أيمن عاشور: سنقوم لأول مرة بمتابعة الخريجين لمعرفة مدى حاجة سوق العمل لكل تخصص    تعديلات قانون الإيجار القديم 2024 للشقق السكنية والمحلات    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    وزير الصناعة يستعرض مع وزير الزراعة الروسى إنشاء مركز لوجيستى للحبوب فى مصر    المتحدث باسم وزارة الزراعة: تخفيضات تصل ل30% استعدادًا لعيد الأضحى    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    استطلاع: غالبية الألمان تحولوا إلى رفض العدوان الإسرائيلي على غزة    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    أوقفوا الانتساب الموجه    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    عضو مجلس الزمالك: يجب إلغاء الدوري في الموسم الحالي.. ومصلحة المنتخب أهم    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هولبك يفوز بجائزة الجونكور الفرنسية برواية
نشر في القاهرة يوم 23 - 11 - 2010


صعبة مليئة بالمصطلحات العلمية واللغوية المعقدة
الذين تابعوا التصفيات النهائية لجائزة جونكور لعام 2010، كانوا يعرفون ان الجائزة سوف تذهب هذه المرة إلي ميشيل هولبك Michel Hauellpecq رغم انه لم يفز بهذه الجائزة في الترشيحات التي كاد فيها ان يحصل علي الجائزة لسنوات عديدة.
ولم تكن جائزة جونكور هذه المرة مثيرة للدهشة، فمن أول جلسة، وبدون إعادة تصويت، فازت روايته «الخريطة والأرض» بجونكور 2010، وقد آثار هذا الفوز ذاكرة القارئ الفرنسي، بما أحدثه فوز باتريك موريانو عام 1978 بالجائزة نفسها، وسوف تصير رواية، «الخريطة والأرض».. إحدي علامات الأدب الفرنسي، مثلما حدث لرواية «شارع الحوانيت المعتمة» لوريانو التي صدرت مرتين عن سلسلة روايات الهلال.
هناك توأمة واضحة بين الكاتبين موريانو، وهولبك، فكل منهما صار عليه ان ينتظر سنوات وان يتم ترشيحه لنيل جونكور قبل ان يحصل علي هذا الشرف وفي رأيي انه قد آن الأوان ان يفخر أعضاء مجلس إدارة أكاديمية جونكور ان رواية مهمة مثل «الخريطة والأرض».. قد دخلت ضمن قائمة الجوائز الفائزة بالجائزة.
من المهم أولاً ان نتعرف علي الكاتب قبل قراءة روايته، فهو روائي وشاعر وكاتب سيناريو، كما انه مخرج سينمائي، وهو متعدد الثقافات والحضارات باعتبار الأماكن التي عاش فيها سنواته الأولي تبعاً لوظائف أبيه الذي كان دليلاً لتسلق الجبال، أما الأم فطبيبة، والغريب انه ليس هناك تاريخ مؤكد لبلاده، ويتراوح هذا التاريخ بين عامي 1956 و1958، لكن المؤكد في هذا الشأن هو انه مولود في الجزائر حيث كان يقيم أجداده الفرنسيون، اسمه الحقيقي هو ميشيل توماس، تولت تربيته جدته الشيوعية التي منحته اسماً مستعاراً، درس في باريس، ثم بدأ يكتب الشعر في سن صغيرة، كما درس في المدرسة العليا «لوي لوميير» قسم السينما، وقد أسس مجلة أدبية تحمل اسم «كارامازون» والتي نشر فيها أشعاره وسيناريو فيلم يحمل اسم «كريستال المعاناة».
تزوج الكاتب وهو في سن صغيرة، كان يدرس وهو متزوج، وقد عاني في حياته الزوجية، و عاني من البطالة بعد ان انفصل عنها، والتحق بوظائف في وزارة الزراعة لمدة ثلاث سنوات، ظهر له ديوانا شعر عام 1991، ولم ينتبه إليهما أحد، لكنه آثار الالتفات إليه بروايته الأولي.
«امتداد مجال النضال» عام 1994، بعد ان رفضها العديد من الناشرين، ثم تتابعت أعماله الأخري ومنها دواوين شعر مثل «البقاء حيا» 1997، و«الجلد» 1995، و«المدينة» 1996، ان ديوانه «حقل المعركة» عام 1996، فقد فتح له أبواب الجوائز التي ستنهال عليه حيناً، وتضن عليه أحيانا أخري، فقد فاز هذا الديوان بجائزة «فلور».. وقد جاءت الجائزة التالية عام 1998 باسم «جائزة نوفمبر» عن روايته «الخصوصية الأساسية»..، وتتابعت أعماله بشكل متنوع من دواوين، مثل «نهضة» عام 1999، وفي عام 2001 نشر روايته «المسطح»، وفي عام 2005 فاز بجائزة انتراليه عن رواية «الجزيرة المتاحة» وهي الرواية التي لم تفز بجائزة نوبل في ذلك العام، وقد نشر في الأعوام الأخيرة بعض الكتب غير الإبداعية، مثل كتابه «أعداء الشعب».. وهو عبارة عن رسائل متبادلة بينه وبين الفيلسوف المعاصر برنار هنري ليفي.
أما عن نشاطه السينمائي، فقد أخرج العديد من الأفلام القصيرة، الصامتة، وفي عام 2008 أخرج روايته «الجزيرة المتاحة» كفيلم، كما كتب السيناريو للعديد من الأفلام.. منها «امتداد مجال النضال» عام 1999 و«عالم خارجي» عام 2004، كما كتب العديد من الأغنيات لمطربين معاصرين.
في روايته الأولي «امتداد مجال النضال» عام 1994 يتحدث عن رجل في الثلاثين من العمر يعمل في تحليل البرامج في مؤسسة إلكترونية، مرتبه بسيط، لكنه يكفيه كي يعيش، هو شخص غير جذاب للنساء، يلجأ إلي اللعب والقمار، يهتم بدراسة المرأة من الناحية النفسية يبحث عن الحب بدون جدوي.
أما روايته «الجزيرة المتاحة».. التي فازت بجائزة انترالية وأخرجها بعد ذلك للسينما، فهي تدور حول دانييل الأول الذي يتحدث عن شخصيات أخري تحمل الاسم نفسه، فهناك دانييل آخر باسم «دانييل 1» وتتعدد الأسماء حتي «دانييل 28.1» انهم أشخاص مستنسخة، وهم يسافرون إلي أماكن غير معروفة، هؤلاء الأشخاص يعيشون في القرن الواحد والعشرين لا يودون ان تبلغهم الشيخوخة، أو ان يعانوا، انهم عدميون، ليسوا في حاجة إلي الأمل، يعتمدون علي الاستفادة من مميزات الحامض الأميني الموجود في الكائنات الحية.
ورغم ان هذه شخصيات مستنسخة، فإنها تمتلك الهم العالمي، فالبطل الأول «دانييل 1»، مهتم كثيرا بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، كما انه مهتم بالمافيا، وعالم الإباحية، وأيضاً بعقدة «لوليتا».. وقد حقق الكثير من الثروة، وهو مثل بطل الرواية السابقة، يفشل في علاقته النسائية، خاصة مع إيزابيل، ثم مع إستر، ويمارس الجنس كأنه آلة إلكترونية.
قد مارس الكاتب الانتقادات لما يحدث في العالم المعاصر، وقد امتلأت هذه الرواية بروح السخرية من ظواهر أخري عديدة.
أما رواية «الخريطة والأرض» فهي العمل الروائي الخامس في حياة الكاتب الذي تجاوز الخمسين من العمر، وهي بمثابة سيرة ذاتية لفنان فرنسي يدعي جيرمارثان، التقاه المؤلف في إيرلندا وطلب منه ان يكتب مقالا عن أحد المعارض التشكيلية كي ينشره في كتالوج المعرض، ومن أجل ان تكون الكتابة صادقة، فإن الفنان يمنح المؤلف بعض الصور، والبطاقات التذكارية، ويري الرجل ان البطاقة أكثر أهمية من الأرض، ومثلما استعرض باتريك موريانو بطاقات الماضي، لشخص فقد الذاكرة في روايته «شارع الحوانيت المعتمة»..، فإن المؤلف هنا، يستعرض من خلال كل بطاقة دلائل هويتها، والأماكن التي صورت فيها، وعبرت عنها، فهذه الأماكن صارت خاوية الآن من ساكنيها، ولعلها تشهد تغيراً في هوية السكان، وهناك أماكن متنوعة موجودة في الرواية، منها المواخير، والبيوت، والحدائق، لذا، فإن الروائي باتريك بيجبيديه «صاحب رواية الحب يدوم ثلاث سنوات» يقول ان مشروع هولبك أقرب إلي أفكار ارسطو، حيث يمتزج الشعر بالطبيعة، ويحركها.
ويمكن ان نقول ان أي بطاقة من هذه البطاقات ليست هي الأماكن التي تعبر عنها، مثلما تقول ان عالما ما يعرف تماماً انه لا يعرف كل شيء عن موضوع البحث أو التخصص.. وألا توقف عن الاستمرار في العمل.
والترجمة التي اخترناها للعنوان، هي ترجمة حرفية، غير صحيحة، حيث نأخذ كلمة «Leterricois» أكثر من معني، من بطاقة إلي أخري، مثلما يقول الروائي في الرواية عن معني كلمة العلم، حيث انها لا تعني العلم الذي يصنعه العالم، كما ان كلمة إلفن.. تبدو عائمة»، بدون مدلول مؤكد، فهي مرنة في المعاني، والمفاهيم، وبطل الرواية «جد» لديه رؤية جزئية عن المجتمع، وهو ليس لديه مشروع فني محدد، فالأمور سريعة التغير.
والنص المكتوب، كما كتب عن الرواية، مليء بالمصطلحات العلمية واللغوية الصعبة، ومن الواضح ان المؤلف تأثر كثيراً بالكاتب بورخس الذي قال إنه من الصعب ان نحدد ضروريات ما نوده من معرفة ومعلومات، وانه من الصعب ان نحدد شكل بطاقة الرصيف».
وقد حاول المؤلف ان يلعب باللغة، حسب ثقافته، وقد رجع إلي القواميس اللغوية، والمعاجم للوقوف عند مفاهيم بعينها مثل «نمط» و«باسك» و«الكتالون»، و رجع إلي موسوعات الميثولوجيا، كما ان هولبك قد استعان بالألفاظ الشعبية السائدة في مدن فرنسية عديدة خاصة مارسيليا، وقال إن لكل «شخص» لغته، فلا شك ان الكاتب له مفرداته، التي تختلف عن لغة الفنان التشكيلي، وأيضاً عن لغة رسام الرسوم المتحركة في التليفزيون.
ولهذا السبب، فإن بعض النقاد، قد رأوا ان هذه الرواية المختلفة، هي أقرب إلي اللصق»، أو الكولاج الأدبي، لذا، فإن صديقاً للمؤلف أطلق عليه اسم «بودلير الأسواق الكبري»..، أو «بودلير السوبر ماركت».. لذا فهذا النوع من الروايات لا يمكن ادخاله في دائرة الحكي، وكان أجدر بهذه الرواية ان تحصل علي جائزة «مدسيس» التي تمنح عادة للأدب التجريبي، لكن جائزة جونكور، باعتبارها الأهم في فرنسا، صارت تمنح في السنوات الأخيرة أيضاً للآداب الطليعية، مثل هذه الرواية التي سيتهافت القراء علي قراءتها، رغم صعوبتها الملحوظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.