حديد عز المنتج الأول عربيا بإنتاج 6.2 مليون طن من الصلب الخام    محافظ الغربية يتابع الموقف التنفيذي لمحور طريق المعامل ورصف جسر مصرف محلة    رئيس الوزراء يبحث التعاون مع وزير الصحة الإيطالي في مجال الرعاية الصحية وتصنيع الأدوية    بوتين: إسرائيل تنفذ تدميرا شاملا ضد المدنيين في غزة    المستشار الألماني يؤيد ترحيل المجرمين الخطرين إلى أفغانستان وسوريا    أبو الغيط: اعتراف سلوفينيا بدولة فلسطين يسهم في تحقيق السلام    رمضان السيد: بوركينا فاسو مباراة صعود منتخب مصر إلى كأس العالم    محمد عبد الجليل: محمد صلاح يجب أن يكون له معاملة خاصة    عاجل.. كولر يحسم مصيره مع الأهلي وموقفه من عرضي بولندا واليونان    التحريات: لا شبهة جنائية في مصرع عامل سقط داخل صومعة غلال بأكتوبر    بحوزته شوال حشيش.. السجن المؤبد لتاجر الكيف بمنطقة الصف    اعترافات المتهم بإلقاء مادة ك أو ية على طليقته في منشأة القناطر: رفضت ترجعلي فانتقمت منها    الخشت يعلن أسماء الفائزين فى مسابقة "وقف الفنجري"    حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    تكبيرات عيد الاضحي المبارك 2024 كاملة ( فيديو)    مستقبل أوروبا يعتمد على ثلاث نساء.. رئيسة المفوضية أبرزهن    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    محافظ الفيوم يتابع إجراءات تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    وزيرة الثقافة: جهود مكثفة لنشر الوعي البيئي للحفاظ على موارد كوكبنا    19 مليار دولار صادرات مصر للولايات المتحدة خلال 10 سنوات    تنفيذ المستوي الثاني من برنامج المعد النفسي الرياضي بسيناء    البورصة المصرية تستهل جلسة الخميس بتباين ومؤشرات خضراء    «الإسكان» تطرح 206 قطع أراضٍ جديدة ضمن برنامج «مسكن» في مدينة سوهاج الجديدة    رىيس مجلس الشيوخ يبحث تطوير العلاقات مع مفتي كازاخستان    الأرصاد الجوية: اليوم ذروة الارتفاع في درجات الحرارة    منها «التوتر باعتدال».. نصائح للتخلص من التوتر قبل امتحانات الثانوية العامة    تخصيص 159 ساحة ومسجد لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بمحافظة الفيوم    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب14 مليون جنيه    تخصيص 14 مجزرا لذبح الأضاحي بالمجان طوال أبام العيد بالفيوم (بالأسماء)    بوسترات فردية لأبطال فيلم عصابة الماكس قبل عرضه بموسم عيد الأضحى.. صور    ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة مسلسل خارج السباق الرمضاني    رحلة «أهل الكهف» من التأجيل 4 سنوات للعرض في السينمات    جامعة قناة السويس تحافظ على تقدمها في التصنيف العالمي QS 2025    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    لو هتضحى.. اعرف آخر يوم تحلق فيه إمتى والحكم الشرعى    أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور.. منظمة الصحة العالمية تؤكد    العلاج بالمجان.. قافلة طبية لأهالي قرية سيدي شبيب بالضبعة شرق مطروح    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    عميد تجارة عين شمس: التعاون الثقافي والعلمي مع الجامعات الفرنسية مهم للجانبين    قبل التغيير الوزاري، سويلم يقدم كشف حساب لوزارة الري على هامش المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    ليلة بكت فيها سميحة أيوب.. الأوبرا تكرم سيدة المسرح العربي (بالصور)    منتخب السعودية يفقد تمبكتي أمام باكستان فى تصفيات كأس العالم 2026    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة والفترة الماضية شهدت انخفاضا فى الأسعار    أحمد الدبيكي: إتفاقية دولية مرتقبة لحماية العاملين في التخصصات الخطرة    اليونيسف: 9 من بين كل 10 أطفال بغزة يفتقرون للغذاء اللازم للنمو السليم    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    اعرف المدة المناسبة لتشغيل الثلاجة بعد تنظيفها.. «عشان المحرك ميتحرقش»    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    مصادر: خطة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 30%    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لننظر إلي إيجابيات المهرجان
نشر في القاهرة يوم 07 - 09 - 2010

المهرجان السينمائي، كأي مهرجان، هو تتويج أفلام أحدثت طفرة في لغة التعبير البصري- السمعي وإلا فلماذا نقيم مهرجانًا؟
والمهرجان السينمائي، كأي مهرجان سينمائي، له خصائصه النوعية: في الولايات المتحدة الأمريكية، مثلاً، «صان دانص» و«سيكاجو» مهمتها إلقاء الضوء علي السينما الشابة، وهي ليست بالضرورة سينما الشباب.
كان في فرنسا، ديفيليه للنجوم ولكل الموضات الجديدة في السرد وفي التصوير، وفي الأداء التمثيلي، وهذا الطابع الشمولي يتحقق في عدة أقسام للمهرجان: «نظرة ما» للأفلام التي أضافت ما هو جديد إلي كل عناصر الخلق السينمائي، وأسبوع المخرجين، وأسبوع النقاد يردد صدي نظرة ما.
ثم يقيم كل إقليم مهرجانا له هدف محدد: في مدينة نانت، عاصمة البريتون، مهرجان القارات الثلاث: أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وفي إبان مهرجان السينما من أجل السلام، وفي مونبيليه سينما البحر الأبيض، وفي ناني أفلام التحريك إلخ إلخ، والأمثلة كثيرة كثيرة.
ما هي إضافتنا، نحن، إلي هذه البانوراما العريضة من تعدد الإبداع البصري- السمعي؟
مهرجان وحيد
إزاء كل مهرجان يقام عندنا، يجول في ذهني هذا السؤال، ولا أجد الإجابة عنه إلا في مهرجان واحد، هو مهرجان الإسماعيلية.
وهو المهرجان الوحيد في مصر الذي تتحقق فيه صفة الدولية، لأنه محدد بنوعيات من الأفلام تلتقي مع مثيلاتها في شتي أنحاء العالم.
الفيلم الوثائقي بشقيه: «الطويل والقصير»، الروائي القصير، والتجريبي، التحريك. وعرض إنتاج عام علي المستوي القاري، لهو مرآة عاكسة لما وصلت إليه لغة التعبير البصري- السمعي في هذه الأنواع.
يلي الإسماعيلية مهرجان الإسكندرية المحور الرئيسي في عروض الأفلام أن تأتي من أحد البلاد المطلة علي البحر الأبيض، وعندما خططنا لهذا المهرجان في بدايته، كانت الفكرة المسيطرة هي إقامة حوار بين الحضارات المختلفة التي تفاعلت لتخلق فكرًا جديدًا.
ورغم كل الظروف المادية، والدبلوماسية أيضًا، استطاع هذا المهرجان أن يتخطي كل العقبات ليصمد مدي 26 عامًا. والذين ليسوا في «مطابخ» المهرجانات لا يعرفون إنك لكي تجيء بفيلم، عليك أن تدفع تأمينًا يقدر بثمن النسخة، أي أن عرض عشرة أفلام من إنتاج عام يكلف بضع ملايين من الجنيهات، فضلاً عن حقوق المؤلف وضرورة كتابة عناوين فرعية، أسفل شريط الصورة.
ولا يحل هذه العقبة إلا «بروتوكول» يعفي المهرجان من كل شروطه علي أساس أنه جزء لا يتجزأ من سياسة أوروبا الموحدة، ألا وهي الانفتاح علي جنوب البحر الأبيض.
وهذا في تصوري الدور الذي يجب أن يلعبه مهرجاننا، وما أقوله يستند إلي برامج دعم الإبداع السينمائي، وبرامج رفع مستوي العاملين في حقلي السينما والفيديو، وبرنامج دعم المهرجانات.
وحتي يتحقق هذا، علينا أن ننظر إلي مهرجان الإسكندرية بعيدًا عن الرغبة في التدمير، بعيدًا عن كل سلوك عدواني.
ما هو الإيجابي؟
أولاً عرض أفلام غير ما اعتاد جمهورنا «المبرمج» أن يشاهده وأقول «المبرمج» لأن القنوات الفضائية وتليفزيوننا الأرضي، ودور العرض، لا تعرض سوي الأفلام التي تدور حول البطل الأمريكي الذي لا يقهر، وحول ما يسمي بمحاربة الإرهاب الدولي لا هذا النوع ولا ذاك يدخل في نسيج حياتنا.
أما ما يعبر عن معانتنا فهي الأفلام المجردة من نزعة الابهار وإغراء النجوم، الأفلام التي ترينا كيف نعيش «الزمن» أي احتواء الواقع، لا أن نكون في الزمن، بمعني أن الأحداث هي التي تحركنا، دون أن ندري.
في هذا العام عدة أفلام تستحق أن نتوقف عندها. منها الفيلم المغربي «المنسيون» من إخراج حسن بن جلون. إنه يبدأ من قاع المجتمع المغربي، بتقاليده القبلية الصارمة، وأيضًا بالانفراج في شكل رقص فلكلور، وغناء تراثي يبدأ بعرس كل مفردات الموسيقي والغناء والرقص الشعبي هنا والناس تتدافع كي تأخذ من الطعام والحلوي ما لا تتذوقه إلا في هذه المناسبة.
ثم، فجأة، يتحول العرس إلي تراجيديا، كيف؟ يكتشف «العريس» أن عروسته ليست عذراء ياللفاجعة! فيترك العرس بناسه، ويهرب ويطرد أصحاب العرس المدعوين وهم مازالوا يتناولون طعامهم. أما «الضحية» العروس، فتلوذ بالهرب، تبحث عن حبيب لها في فيس، المدينة، لعلها تجد مأوي لديه، وتجد عنوانه لكنه قد رحل ولم يترك عنوانًا جديدًا ويتلقفها سائق سيارة، عمله هو الإيقاع بالفتيات لإرسالهن إلي الخارج، إلي بيوت الدعارة. والخارج، هنا هو بلجيكا. الفخ المنصوب يتكرر مع فتاة أخري، وثالثة، وننتقل إلي بلجيكا، لنري المهاجرين وهم يعملون في مصنع بأجور هي عشر الأجور التي شرعتها القوانين.
مصائر فردية. تتحول إلي سلع تجارة رقيق أبيض، وتجارة أيدي عاملة بأرخص الأجور. وهذا هو العمق الحقيقي لحلم المغربي: أن يجد في أوروبا الآفاق وقد فتحت علي مستقبل حافل، فإذا بها تضيق، وتضيق، لتحاصره وتقضي عليه. هذا مثل لهذه النوعية من الأفلام.
مثل آخر، هو فيلم: «امرأة بلا بيانو» زوج وزوجة من بسطاء الناس، هي مزيلة للشعر الزائد في أجساد النساء، وهو سائق تاكسي حياتها روتينية: الوداع صباحًا بقبلات آلية، ليذهب كل منهما إلي عمله، أو بالأحري ليذهب الزوج إلي عمله، بينما هي تذهب لأخذ طرد اشترت محتوياته عبر الإنترنت، وإذا بعاملة الحصيل تخبرها بأن بطاقتها الائتمانية بلا رصيد، تحبط تعود إلي البيت لانتظار زبائن جلسات التجميل، تحاصرها الأصوات، أصوات كل يوم الأصوات التي حولت حاسة السمع لديها إلي طنين مستمر: كل شيء إلكتروني، مكنسة كهربائية- ضجيج فرن ميكرويف- ضجيج محمول، تليفون أرضي، ماسحة زجاج، كل ما اخترعته التكنولوجيا لتوفر وقت ربة البيت يتحول إلي ضجيج أصم لدي «روز».
وتحاول أن تهرب من كل هذا إلي الشارع إلي مكان تدخن فيه، لأول مرة يقودها الشارع إلي حي العاهرات، يعترضها من يظنها منهن تركب الأوتوبيس، فتطرد لأنها آتية من نفس الحي.
هذا هو عالم اليوم عالم تحول الإنسان إلي آلة، بينما الآلة هي السيد. عالم الروبوت، أينما تذهب.
اتجاهات سينمائية
الأمثلة كثيرة، وأيضًا وجود أفلام لمخرجين لهم اتجاهاتهم وأسلوبهم الذي أحدث ثورة في الإخراج، مثل المخرج الإسباني كارلوس ثاورا، وفيلمه «ادعي جوفاني».
أما عالمنا العربي فيمثله الفيلم الرائع: «كل يوم إجازة»، للمخرجة اللبنانية: «ديما الحر» إنها تعود إلي تيار بدأ ببرهان علوية في كفر قاسم وقيس الزبيدي ونبيل المالح، وجوسلين صعب، ألا وهو تحول الحرب إلي عادة يومية، كما في مشهد سائق شاحنة حربية، بدلاً من أن يحملها بالسلاح يحملها بالدجاج، ثم يستخدمها كتاكسي لينقل أسرة إلي مكان وأخري إلي مكان آخر.
لست بصدد تحليل أفلام المهرجان، فكل فيلم يحتاج إلي دراسة مطولة، لكنني أركز علي ما هو إيجابي.
وما هو إيجابي، حقًا الندوات حوار ساخن هجوم، دفاع، أي حياة حقيقية، ومن أهم هذه الندوات الندوة التي أقيمت لتكريم مدير التصوير محمود عبدالسميع ومهندس الصوت جميل عزيز وترجع أهميتها إلي أنها تلقي الضوء علي ما يسمي بالكاميرا الحرة التي خرجت من الاستديو، ولم تعد أداة لوصف ما أمامها، بل للنفاذ إلي مكونات ما أمامها. وهذا هو دور محمود عبدالسميع. أما جميل فقد رسم صورة لما ستكون عليه سينما الغد، بعد نهاية عصور السينما الكيمائية المعملية، كيف نحدد مسار الصوت مع شاشة أخري، ومع تكنولوجيا صورة جديدة تمامًا.
من أهم الندوات بالمثل، تلك التي أقيمت لأسامة الشيخ لقد عرفته مهندسًا دقيقًا أثناء تجربتي مع ال ART، وعرفته يحلم بتغيير كل ما في القنوات المتخصصة، عندما كان رئيسها- وها هو يرأس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فما هو برنامجه؟
هذا ما تكشف عنه الندوة، وأهمها العودة إلي سياسة دعم الإنتاج السينمائي، وهي السياسة التي وصفها ممدوح الليثي عندما كان رئيسًا لقطاع الإنتاج.
أما أفلام الشباب، فلا تجد نفسها إلا في حيز الأفلام القصيرة، وما يسمونه أفلام الديجيتال، كأنما الديجيتال نوعية خاصة أو «صنف» من الإنتاج وليس بداية الثورة التي ستجتاح كل ما هو تقليدي، لترسي أسس سينما خالصة.
وسأعود إلي هذه القضية بالتفصيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.