عينها مليئة بالحرية والشقاوة الممتزجة بالبراءة والفطرة والمرح فهي سندريلا الربيع وعصفورة المثقفين أسطورة السينما سعاد حسني التي استطاعت أن تخطف إليها الأنظار والقلوب دون استئذان فبساطتها وتلقائيتها وصدقها في الأداء جعلها مدرسة مميزة في التمثيل وحالة لا تكرر في السينما المصرية وبملامحها البسيطة وروحها وجمالها وخفة ظلها أهلها لتجسد كل ملامح الشخصيات المصرية ببراعة وصدق بدءاً من البنت زوزو الشقية مع حسين فهمي في فيلم «خللي بالك من زوزو» والمتوحشة إلا أن دخلت الكرنك والقاهرة 30 وتألقت في شروق وغروب فترحل تاركة لغز وفاتها مع أعمالها المميزة والخالدة في ذاكرة السينما المصرية وفي قلوب عشاق فنها الأصيل وطلتها البهية التي نتذكرها في السطور القادمة في ذكري وفاتها. بداية اكتشفها الشاعر الراحل عبدالرحمن الخميسي الذي كان يتردد علي بيتها بحكم صداقته بوالدها والذي قدمها للمخرج بركات واعجب بها ورشحها لدور «نعيمة» في فيلم «حسن ونعيمة» وظهرت فيه بثوب الفلاحة في الخامسة عشرة من عمرها لتحلق فيما بعد في عالم التمثيل والأضواء وتشكل حالة فريدة في تاريخ السينما العربية وقدمت العديد من الأعمال الفنية أشهرها «الكرنك» و«المشبوه» و«حب في الزنزانة» و«خللي بالك من زوزو» وغيرها من الأفلام إضافة لمسلسل تليفزيوني وحيد «هو وهي» والذي عرض في رمضان عام 1985. عصفورة المثقفين كانت عصفورة المثقفين لأنها قدمت العديد من روايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ منها «القاهرة 30» وفيلم «أميرة حبي أنا» و«فيلم الكرنك» و«أهل القمة» و«الجوع» ولإحسان عبدالقدوس «البنات والصيف» و«بئر الحرمان» و«أين عقلي» ولتوفيق الحكيم فيلم «ليلة زفاف» و«عصفور الشرق» و«نادية» ليوسف السباعي ومثلت العديد من الأفلام المقتبسة عن الأدب العالمي وربطتها علاقة صداقة قوية بالراحل يوسف شاهين. ولم تكن سعاد حسني مجرد فنانة عادية بالوسط الفني وفي تاريخ السينما المصرية فكانوا يلقبونها مرة بالسندريلا ومرة أخري بالأسطورة لأنها امتلكت مواهب أهلتها لتجسيد أي دور تقدمه أيا كانت صعوبته وقد ظهر هذا في أعمالها المميزة، وخاصة أفلامها السياسية مثل الكرنك والقاهرة 30 وفيلم شروق وغروب والذي أثار جدلا في الرأي العام حينها. نموذج مختلف وكانت من أكثر الفنانات التي استطاعت تقديم نماذج مختلفة للمرأة المصرية، حيث الفتاة الريفية المغلوبة علي أمرها في فيلم الزوجة الثانية والموظفة البسيطة التي تحلم بمستقبل أفضل، حيث تجبرها الظروف علي الارتباط بشاب كان يعمل مهربا في الجمارك في بداية حياته إلا أنه أصبح واحدا من نجوم المجتمع وذلك من خلال فيلمها «أهل القمة» والفتاة الشقية التي تثير شغبا وحالة من المرح خلال فيلمها «خللي بالك من زوزو» وغيرها من الشخصيات الخالدة في ذاكرة السينما المصرية وفي ذاكره جمهورها. بصمات في الذاكرة وبالنسبة لأفلامها فكانت تحتل المرتبة الأولي بين أعظم أفلام السينما المصرية فمن بين أحسن مائة فيلم قدمتها هذه السينما في قرن كامل فنجد تسعة أفلام لسعاد حسني وحدها منها القاهرة 30 وفيلم الزوجةالثانية وغروب وشروق والكرنك وخللي بالك من زوزو وغيرها وهي نسبة لم تحققها ممثلة مصرية أخري غيرها علي الاطلاق فهي جسدت في شخصيتها وروحها وجمالها وخفة ظلها وشقاوتها كل ملامح الشخصية المصرية وهذا جعلها تدخل قلوب الملايين بلا استئذان فهي ليست نجمة بل كانت بجمالها الهادئ تبدو مثل كل الفتيات في بيوتنا كأنها صورة من الزوجة والأخت والابنة والجارة وبنت العم والخال. الزوج الأول عاشت سعاد حسني تبحث عن الحب والامان من خلال 5 أزواج مروا بحياتها أولهم الفنان عبدالحليم حافظ الذي اثار زواجها بها بعض المقربين منها وأكده بعض الصحفيين المصريين مثل مفيد فوزي صديق عبدالحليم حافظ الذي أكد أكثر من مرة ذلك، لكن هذا الزواج كانت لا تعترف بها عائلة سعاد حسني لفترة طويلة بعد وفاتها ثم بعد ذلك تزوجت سعاد حسني من المصور والمخرج صلاح كريم عاما ثم من المخرج علي بدرخان لمدة أحد عشر عاما ثم تزوجت من زكي فطين عبدالوهاب ابن ليلي مراد والمخرج فطين عبدالوهاب لعدة أشهر أما آخر زيجاتها فكانت من كاتب السيناريو ماهر عواد الذي ماتت وهي علي ذمته. صراع مع الآلام عشقت فنها لدرجة أمرضتها في المراحل الأخيرة من عمرها بعد كسر عمودها الفقري في فيلم المتوحشةورغم ذلك كان الأمل يملأ قلبها ويشجعها علي الاستمرار في حب الحياة والتمسك بها، حيث كانت دائما تحلم باليوم الذي تعود فيه إلي أرض الوطن وتقف أمام كاميرات السينما وعانت أوجاعا في الظهر في نهاية الثمانينات وبدأت الآلام تتزايد عليها وطلب منها زوجها السابق علي بدرخان أن تعمل معه فيلم الراعي والنساء فلم تخذله ووافقت برغم تعبها الشديد وبعد الانتهاء من الفيلم سافرت إلي مرسيليا بفرنسا لاجراء عملية عام 1992 علي يد الجراح الفرنسي البروفسير رينه لوي، لتثبيت الفقرتين وفي عام 1995 اصيبت بالتهاب في الوجه (شلل فيروسي في العصب السابع) اصيبت به أثناء نومها الذي كان مفاجأة وكانت تتعالج بالكورتيزون الذي أدي لزيادة وزنها وتزايد في آلام الظهر إلي أن رحلت سندريلا الشاشة الفضية سعاد حسني 21 يونيو عام 2001 بسقوطها من شرفتها من الطابق السادس التي كانت تقيم فيه قبل أيام من مصرعها لدي صديقتها البريطانية من أصل مصري نادية يسري لتنشغل الصحافة وتتعدد التحليلات ويبقي لغز رحيلها ليسقط معها من الشرفة بوفاتها.