صدر حديثاً العدد الرابع من "مشكاة"..مجلة الآثار الإسلامية التي يصدرها المجلس الأعلي للآثار ويرأس تحريرها الدكتور زاهي حواس، ومدير تحريرها د.خالد داوود، وسكرتير تحريرها د.خالد عزب. خرج العدد في 445 صفحة ويضم مجموعة من الإسهامات والتقارير حول دير أبو متي في الواحة الداخلة والدير الأبيض بسوهاج وطور سيناء، وكذلك مشروعات الحفائر في الإسكندريةوالقاهرة الفاطمية. وفي تقديمه للعدد الرابع، كتب زاهي حواس، أمين عام المجلس الأعلي للآثار، أن العدد يحفل بباقة من الاسهامات العلمية التي كتبها أساتذة يعملون في حقل الآثار، مشيراً إلي أن الهدف من هذه المجلة هو تعزيز دور المجلس الأعلي للآثار كمؤسسة لا يقتصر دورها علي إدارة شئون التراث المصري، لكنها تعمل علي نشر وتشجيع الأبحاث العلمية المقدمة من أثريين مصريين وأجانب. وقد خصص هذا العدد للعالم الكبير الأستاذ جورج سكانلون المعروف بحفائره في الفسطاط علي مدي مواسم كثيرة وكذلك بجهوده في مشروع إنقاذ آثار النوبة منذ الستينات من القرن الماضي. كما أنه قام بتدريس تاريخ الفن والعمارة الإسلامية علي مدي عشرات السنوات الماضية لطلبة الجامعة الأمريكيةبالقاهرة من المصريين والأجانب، وبهذا يكون أول عالم آثار غير مصري يكرمه المجلس الأعلي للآثار بإهدائه عدداً من أعداد المجلة. ومن بين الإسهامات العلمية التي يحتويها هذا العدد، دراسة حضارية آثارية قدمها إبراهيم صبحي السيد غندر، بعنوان"مساكن الفقراء في مصر منذ بدايات القرن الثامن عشر وحتي بدايات القرن العشرين". أشار فيها إلي أن القاهرة تشهد وحدها عدداً كبيراً من المنشآت الدينية والمدنية والحربية التي تتباين في طرزها الهندسية والفنية والزخرفية والتي تشهد جميعها بتنوع المدارس الفنية المصرية عبر العصور، وقد أعجب الكثير من الرحالة والأدباء والدارسين بجمال مساكنالقاهرة وبالغوا في التغني بروعة مداخلها وأفنيتها ونوافذها وأبوابها ومشربياتها وفساقيها ونافوراتها، لكن غندر توجه في بحثه إلي الفقراء الذين أغفلهم التاريخ وكتابه، وذلك أما انتباذاً وكراهية ونكراناً لهم، أو غمطاً وتجاهلاً وتأففاً منهم. وجاء المبحث الأول عن الجوانب الحضارية الاجتماعية مركزاً علي بداية التحول في المجتمع المصري، ثم البناء الطبقي له.وأوضح أن المقصود بالطبقة الفقيرة في هذه الدراسة هي أنها آخر الطبقات في السلم الاجتماعي، لافتاً إلي أن غذاءهم كان غير صحي وكلها كانت أطعمة رخيصة وكان تناولهم للحوم في الأعياد، أما عن ملابس الفقراء فذكر أن هذه الطبقة لم تكن تداوم علي تجديد كسوتها سنوياً بسبب ثقل أعباء تكاليفها. وفي المبحث الثاني، ناقش غندر أسباب كثرة وانتشار المسكن الفقير، وسوء وتردي الأوضاع الاقتصادية، وأوضح أن أغلب الفقراء اضطروا إلي سكني المساجد. وحول أنماط المسكن الفقير، أوضح أنه كان أبرزها العشش والتي تشبه عش الطائر البسيط في تكوينه والصغير في حجمه والذي لا يشغل سوي مساحة ضئيلة، وكانت تلك الكلمة تشير بصفة عامة إلي مناطق تجمع السكن العشوائي، وكانت غالباً ما تقع خارج المدينة أو عند حوافها، وقد ذكر علي مبارك أن عدد عشش القاهرة قد بلغ نحو 3878 عشة، وذلك وفقاً لإحصائية دائرة البلدية سنة 1294 ه/1877م. أما الأنماط الأخري، فهي: الأحواش، والدور، والبيوت الشعبية المتواضعة، والسكن الحكومي، والاربع. وأرجعت الدراسة الأصول المعمارية للمسكن الفقير إلي العصر الفرعوني، وأوصت بضرورة تفعيل وتطبيق الخطط والبرامج الطموحة التي ضمنها المعماري الرائد حسن فتحي في كتابه المعنون" عمارة الفقراء". وألقت دراسة أحمد محمد زكي أحمد، الضوء علي تطور مساحة الفراغ المركزي في المساجد العثمانية باستانبول، حيث تطرقت إلي تقليد العمارة العثمانية للعمارة البيزنطية، والتي هي بعيدة كل البعد عن العمارة الإسلامية. وتناولت الدراسة كيفية نجاح المعمار العثماني في توظيف نصف القبة كي تؤدي عدة أدوار ووظائف متنوعة. وعرضت الدراسة صور مساقط أفقية ورأسية لعدة مساجد من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. وجاء بحث بلحاج طرشاوي، حول تأثير حديث الضرر علي البناء داخل المدينة الإسلامية، مشدداً علي أن سيطرة النموذج الغربي المعماري بنظرياته ونماذجه وقوانينه التي تحكم مجالات البناء في أغلب البلاد الإسلامية، وصار هو النموذج المثالي، ولا يخفي علي أحد أن النموذج الغربي لا يأخذ بعين الاعتبار عاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية عند عملية البناء، فجاءت تلك النماذج خالية من الروح الإسلامية، فلا تحترم الخصوصية، ولا تلقي بالا إلي الحرمات، فتأتي المنازل والمرافق منفتحة علي الخارج وكأنها فضاءات عامة. وقدم شريف عبد الوهاب السيد، دراسة تاريخية ومعمارية عن المسجد الجامع بسوسة، مشيراً إلي أنه يعتبر من أجمل وأروع المساجد العتيقة الباقية إلي اليوم، وقدمت الدراسة وصفاً معمارياً للمسجد يدل علي أن عمارة المسجد جاءت لتتلاءم مع روح المدينة وساكنيها، ونشر العدد الرابع من «مشكاة» دراسة لعبد الناصر ياسين، بعنوان"تحف فخارية مكتشفة في حفائر منطقة الدير الأبيض بسوهاج"، والتي يكشف فيها عن اشتمال كنيسة الدير الأبيض علي عديد من العناصر المعمارية والفنية الإسلامية، هذا إلي جانب كسر الخزف الإسلامي- التي اكتشفت في الحفائر التي أجريت بالجهة الغربية من كنيسة الدير- أن الدير لم يكن في العصر الإسلامي بمعزل عن الحضارة الإسلامية. وتقدم الدراسة وصفاً للزخارف الهندسية والمجردة والنباتية وأشكال الكائنات الحية، وتبين من الدراسة أنها تخص الأقباط القانطين في المنطقة والرهبان الذين اتخشذوا من الدير الأبيض محلاً للرهبنة. ويحتوي العدد الرابع من مشكاة علي 10 أبحاث باللغة الإنجليزية، ومنها: بحث للدكتورة إيمان عبد الفتاح، والدكتور خالد عصفور، والدكتور خالد عزب، والبروفيسور جيليان بوين،وبحث لكل من موتوسو كاواتوكو ويوكو شيندو.