عقدت نخبة من كبار الأطباء والمعنيين بالقطاع الصحي في مصر مؤتمراً صحفياً حول "السيطرة على الأمراض المُعدية خلال فترة الحج والعبء الذي يمثّله مرض المكورات الرئوية ودور التطعيم المبكّر في حماية الحجاج". ويأتي تنظيم هذا الحدث بهدف تسليط الضوء على المخاطر الصحيّة المرتبطة بمرض المكورات الرئوية والتأكيد على ضرورة التزام حجاج بيت الله الحرام باتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية اللازمة في الوقت المناسب. ويستخدم مصطلح "مرض المكورات الرئوية" للدلالة على مجموعة من الأمراض المُعدية الخطيرة التي تسببها بكتيريا المكورات الرئوية (streptococcus pneumonia) حيث يشمل أمراض التهاب الرئة والتهاب السحايا وإنتان الدّم. وينصح كبار الأطباء في مصر الحجاج بالتطعيم المبكر ضد هذه الأمراض المعدية بوصفه أحد الإجراءات الضرورية للحدّ من الأعباء الصحية المترتبة على الإصابة بها بالنسبة للحجاج ومنع تفشيها بينهم. ويمثّل مرض المكورات الرئوية تهديداً صحياً خطيراً إذ يمكن للأشخاص الذين يحملون البكتيريا في قنواتهم الأنفية أن يعرّضوا الآخرين لخطر الإصابة بأمراض المكورات الرئوية لدى تواصلهم معهم عن قرب وذلك بسبب الرذاذ التنفسي الذي يخرج من الأنف والذي يحتوي على بكتيريا المكورات الرئوية، ويعدّ العمر عاملاً أساسياً من عوامل التعرض لخطر الإصابة بأمراض المكورات الرئوية، ومع تقدم سكان العالم في العمر يزداد عدد المعرضين للإصابة بعدوى المكورات الرئوية. وتشمل الشرائح العمرية المعرضة للخطر المسنّين الذين تجاوزوا ال 65 من العمر والبالغين ممن يعانون من أمراض مزمنة مثل داء السكري من النوع الثاني، وسرطانات الدم الخبيثة، والذين خضعوا لزراعة الأعضاء أو نقي العظم، والمصابين بالأمراض الكلوية والرئوية المزمنة، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يؤدون مناسك الحج. وقد اثبتت احدى الدراسات التى اجريت بمصر ان من بين إجمالي المصابين بالتهاب السحايا الناجم عن المكورات الرئوية في مصر، هناك 79 بالمئة في الفئة العمرية 0 – 18 عاماً و 21 بالمئة تجاوزوا ال 18 من العمر وفي هذا الإطار قال الدكتور طارق صفوت، استاذ الطب الرئوي في جامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية العلمية لأمراض الشعب الهوائية: "هناك حاجة متزايدة في مصر للتوعية بالأمراض المُعدية التي قد يتعرّض المسافرون للإصابة بها خلال فترة أدائهم مناسك الحج، وضرورة اتخاذ الإجراءات الاحتياطية الوقائية المتعددة كالتطعيم والحفاظ على النظافة الشخصية للحدّ من خطر الإصابة بهذه الأمراض الخطيرة. ويعدّ مرض الالتهاب الرئوي السبب الأكثر شيوعاً لدخول المستشفيات خلال موسم الحج نظراً لسهولة انتقاله من شخص إلى آخر أثناء احتشاد الناس بأعداد ضخمة." وقد أصدرت كلٌّ من وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية والسلطات الصحية المحلية مجموعة من التوصيات والإرشادات الصحية للمسافرين بالإضافة إلى إنشاء أنظمة خاصة لضمان حصولهم على التطعيم اللازم. وعلى الرغم من اتخاذ هذه الإجراءات والتدابير، يمثّل انخفاض مستوى الوعي حول الأمراض المُعدية أحد أبرز التحديات في هذا المجال. من جانبه، قال الدكتور عادل خطاب، استاذ الطب الرئوي في جامعة عين شمس ونائب رئيس الجمعية المصرية العلمية لأمراض الشعب الهوائية: "يمثّل التقدم في السّن أحد عوامل الخطورة التي قد تؤدي للإصابة بأمرض المكورات الرئوية وذلك نظراً للضعف الطبيعي الذي يصيب جهاز المناعة وقابلية الجسم للإصابة بالأمراض والعدوى بعد سنّ معينة. ولا يدرك الكثيرون أهمية الدور الذي تلعبه وسائل الوقاية المتمثلة بتطعيم البالغين ضد المكورات الرئوية، لذلك لا بدّ من العمل على تعزيز الوعي بفوائدها والعبء الذي تمثله أمراض المكورات الرئوية في المنطقة." خلال موسم الحج، تتسبب مرض الالتهاب الرئوي في ثلث حالات دخول المستشفيات. ويوصي "مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" البالغين بضرورة التطعيم للوقاية من أمراض المكورات الرئوية. ووفقاً لنشرة حقائق التطعيم الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، يعدّ التطعيم أحد أنجح وسائل الوقاية الصحية وأكثرها اقتصاداً في التكلفة حيث يساهم في تفادي من 2 إلى 3 مليون حالة وفاة في كلّ عام بين الناس من مختلف الفئات العمرية