منحة عيد الأضحى 2024 للموظفين.. اعرف قيمتها وموعد صرفها    اعرف الجديد في أسعار العملات اليوم 2 يونيو.. بعد الإجازة المطولة    شعبة المخابز تنفي تغيير سعر رغيف العيش السياحي (فيديو)    الهيئة القومية لعلوم الفضاء تشارك في مؤتمر أفريقيا لمكونات التصنيع الغذائي    البرلمان العربي يستنكر محاولة الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية" وتجريم أنشطتها    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب جزر كرماديك قبالة سواحل نيوزيلندا    حزب الله يعلن استهداف كتيبة إسرائيلية في الجولان بمسيرات انقضاضية    كاتب صحفي: الرؤية الأمريكية تنسجم مع ما طرحته القاهرة لوقف القتال في غزة    جدول مباريات اليوم.. مواجهة في كأس مصر.. وصدام جديد للتأهل للدوري الممتاز    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم في غياب 12 لاعبا    أماكن مبادرة كلنا واحد 2024 في محافظة الجيزة.. مجمعات استهلاكية وشوادر    «لو خرجت من البيت».. 5 نصائح من «الأرصاد» للتعامل مع موجة الحر الشديدة    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    مواعيد قطارات عيد الأضحى المقرر تشغيلها لتخفيف الزحام    "قفز من الرابع".. القبض على المتهمين بالتسبب في إصابة نقاش في أكتوبر    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. كم عدد أيامها؟    قيادات «المتحدة» تبحث مع البابا تواضروس إنتاج أعمال عن التاريخ القبطي    جامعة حلوان تحصد العديد من الجوائز في مهرجان إبداع    مي عز الدين تعلن تعرض والدتها لوعكه صحية: «ادعوا لها بالشفاء»    ما هي محظورات الحج المتعلقة بالنساء والرجال؟.. أبرزها «ارتداء النقاب»    «الإفتاء» توضح حكم التصوير أثناء الحج والعمرة.. مشروط    جامعة المنيا تفوز بثلاثة مراكز متقدمة على مستوى الجامعات المصرية    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    إحالة تشكيل عصابي للمحاكمة بتهمة سرقة الدراجات النارية بالقطامية    بسبب سيجارة.. اندلاع حريق فى حي طرة يودى بحياة مواطن    مواعيد مباريات اليوم الأحد 2-6 - 2024 والقنوات الناقلة لها    خبير: يجب وقف قرار رفع سعر الخبز لهذا السبب    سعر الريال السعودي اليوم الأحد 2 يونيو 2024 في بنك الأهلي والقاهرة ومصر (التحديث الصباحي)    وزير خارجية الإمارات: مقترحات «بايدن» بشأن غزة «بناءة وواقعية وقابلة للتطبيق»    للمرة الثانية.. كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة تجاه جارتها الجنوبية    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    ل برج الجدي والعذراء والثور.. ماذا يخبئ شهر يونيو لمواليد الأبراج الترابية 2024    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 2يونيو 2024    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    "الأهلي يظهر".. كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تتويج ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا؟    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زياد بهاء الدين يكتب: ما أهمية قانون التظاهر؟ ولماذا ينبغي تعديله؟ وما البدائل المتاحة؟
نشر في الجريدة يوم 17 - 04 - 2014

كتب: زياد بهاء الدين: تصاعد الاحتجاج مرة أخرى ضد قانون التظاهر في الأيام الماضية في أعقاب صدور الحكم بتأييد حبس المتهمين الثلاثة بمخالفة أحكامه، بعدما كان هذا الاحتجاج قد خفت مع انشغال الناس بأمور أخرى على رأسها الانتخابات الرئاسية.
وتقديري أن عودة الاحتجاج لم تكن لمجرد صدور الحكم بل بسبب تراكم مجموعة من الاعتبارات التي جعلت القانون على حالته الراهنة، يتحول إلى محور للخلاف حول طبيعة المسار الديمقراطي الذي تنتهجه البلاد. ولذلك فحتى لو خفت الاحتجاج ضد القانون مرة أخرى فإنه على الأرجح سوف يعود ويتجدد كلما صدر حكم قضائي أو عادت سيرته للصدارة لأي سبب آخر.
شخصيًا، كنت قد عبرت عن اعتراضي على القانون بالشكل الذي صدر به خلال عضويتي في الحكومة السابقة، وكان صدوره أحد الأسباب التي دعتني للاستقالة منها في أعقاب إقرار الدستور الجديد. وكان اعتقادي أن هذا القانون الذي يتم تقديمه للرأي العام على أنه سيؤدي إلى وقف التظاهرات العنيفة والحد من العنف والإرهاب اللذين يهددان استقرار المجتمع وأمنه، لن يكون مؤثرًا في أي من ذلك، ولن تكون له نتيجة سوى تقييد حق التظاهر السلمي، وهدم تحالف 30 يونيو، واستعداء قطاع واسع من الشباب ضد الحكم الانتقالي.
وللأسف أن هذا هو ما حدث بالفعل. ولعل تجديد الحوار حول هذا القانون الخلافي يعطي فرصة لإعادة النظر فيه وتعديله بما يحقق الصالح العام للبلد.
ولتوضيح ما سبق فسوف أحاول هنا الإجابة على ثلاثة أسئلة: ما أهمية قانون التظاهر التي تجعله محورًا لكل هذا الجدل والاهتمام؟ ولماذا ينبغي تعديله؟ وما البدائل المتاحة للقيادة السياسية للبلاد في القيام بذلك؟
أهمية قانون التظاهر تأتي من أنه الوسيلة المتاحة للجماهير والقوى السياسية والاجتماعية في التعبير عن رأيها وإعلان تأييدها أو احتجاجها على مواقف وسياسات الحكومة بشكل سلمي ودون إثارة الشغب أو العنف أو استخدام الأسلحة أو البلطجة أو غير ذلك من وسائل الإرهاب والترويع. وحق التظاهر السلمي بهذا المعنى وثيق الصلة بحرية التعبير وحرية التجمع وكلاهما من أسس النظام الديمقراطي التي لا يستقيم بدونها.
ولحق التظاهر السلمي أهمية خاصة في مصر، لأنه كان وسيلة المصريين مرتين خلال الأعوام الثلاثة الماضية في الإطاحة بالحكم وفى مواجهة انحراف السلطة عن المسار الديمقراطي حينما لم تعد هناك وسيلة أخرى لمواجهة هذا الانحراف، فلم يتبق أمام الشعب في الحالتين سوى النزول للشارع والتعبير عن احتجاجه والمطالبة بالتغيير دون إراقة دماء ودون إشعال فتنة في البلد.
ولنتذكر أنه لو كان هذا الوضع قائمًا منذ عام بالضبط لكانت الاحتجاجات والمظاهرات التي أسقطت الحكم الإخواني كلها مخالفة للقانون ولكان المشاركون فيها جميعًا مهددين بالحبس لثلاث سنوات.
ولنتذكر أيضًا أن حكومة هشام قنديل، حينما تقدمت بمشروع قانون للتظاهر، اعترضنا جميعا عليه خشية أن يؤدي إلى تقييد هذا الحق.
فإذا أضفنا الى ما سبق أن مصر لا تزال تمر بمرحلة انتقالية، لا يوجد فيها برلمان منتخب يمكن لنوابه أن يمثلوا قوة احتجاج ومعارضة شرعية للحكم، ولا توجد فيها مجالس محلية يمكن للمواطنين أن يعبروا من خلالها عن مطالبهم، ولا يوجد فيها رئيس جمهورية أو حكومة منتخبين، فإن الحاجة للحفاظ على حق الجماهير في التعبير عن رأيها بحرية وبسلمية تزداد أهمية، لأنها تصبح عندئذ الوسيلة الوحيدة لعرض مطالب هذه الجماهير ورغباتها على السلطة.
وبنفس المنطق فإن تقييد حق التظاهر السلمي، خاصة في غياب أية قنوات شرعية ومنتخبة تعبر عن الناس وتمثلهم، لابد أن يؤدي إلى حالة «انسداد» في المجتمع واحتقان يدفع بالناس إلى اليأس أو الإحباط، أو يدفعهم إلى البحث عن وسيلة عنيفة لتوصيل رسالتهم بعد أن صار الاحتجاج السلمي مقيدًا ومؤثمًا بالقانون.
وأبادر هنا بالتأكيد على أن كل ما سبق ينطبق على التظاهر السلمي فقط وليس على من يحمل السلاح أو المولوتوف ولا من يتعمد حرق الأبنية والمرافق ولا ترويع المواطنين ولا استهداف رجال الشرطة والجيش، فكل هذه أفعال لا شأن لها بالاحتجاج أو التظاهر السلمي وهي جرائم تعاقب عليها قوانين عديدة بعيدًا عن قانون التظاهر. وبهذا المعنى فإن التظاهر أو الإضراب أو الاحتجاج السلمي لا تسبب عنفًا ولا إرهابًا، بل هي الوسيلة الضرورية للتعبير عن المطالب والآراء، وبالتالي فهم في الواقع ضمان لتحقيق السلم الاجتماعي والأمن لأنه بدونهم لا يتبقى للناس سوى نبذ السلمية والاتجاه للعنف.
ونأتي للسؤال الثاني: لماذا يلزم تعديل القانون الحالي؟ أو بمعنى آخر لماذا لا يعتبر هذا القانون كما يدل اسمه قانونا لحماية حق التظاهر السلمي؟
والحقيقة أنه بغض النظر عن اسمه، فإن هذا القانون يقيد التظاهر السلمى لأنه يجعل قيام المظاهرة ولو كانت سلمية، رهنًا بموافقة وزارة الداخلية. وقد قيل وقت إصداره إن مثل هذه الموافقة ليست اختراعًا مصريًا بل معمول بها في العديد من القوانين الأوروبية.
ولكن الواقع أن هذه مقارنة غير سليمة. فالقيود المماثلة في القوانين الدولية تجعل اعتراض السلطات مرتبطًا بحالات محددة على سبيل الحصر ولا يمكن استخدامها لتقييد حق التظاهر، كما أنها تضمن التظلم أمام القضاء بشكل سريع ونهائي، والأمران غير متوافرين بالقدر الكافي في القانون المصري. والنتيجة العملية أن القانون جعل تنظيم التظاهر مشروطًا بموافقة وزارة الداخلية مما يخالف مبدأ حرية التظاهر السلمي.
من جهة أخرى، فقد جاء تقييد حق التظاهر على النحو السابق متعارضًا مع الفقرة الأولى من المادة (73) من الدستور الجديد والتي تنص على أنه: «للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أي نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون»، والمادة صريحة في أن تنظيم المظاهرات السلمية يكون بالإخطار وحده وليس بشرط موافقة وزارة الداخلية. لذلك فقد كان مدهشًا أن يصدر هذا القانون خلال الأيام القليلة السابقة على إقرار الدستور وبينما الدعاية الحكومية والشعبية له في ذروتها، الأمر الذي أعطى مؤشرًا سلبيًا بأن نصوص الدستور التي يجرى الاستفتاء عليها التي يفترض أن ترسخ وتضمن حريات وحقوق المواطنين، يمكن تجاهلها وإهمالها عن طريق إصدار قوانين تتعارض مع تلك الضمانات.
والأهم من كل ما سبق هو أنه وبعد ما يقرب من خمسة شهور على إصداره، فإن القانون لم يحقق أي أثر يذكر في وقف التظاهرات العنيفة والمسلحة، ولم يحم الشعب المصري من البلطجة، بل إن وتيرة العنف قد تصاعدت وارتفع معها عدد الضحايا وحجم الخسائر لأن من ينوي استخدام العنف والإرهاب لن يشغله كثيرًا قانون ينظم حق التظاهر، وكل ما حققه القانون هو ملاحقة من يتظاهرون سلميًا دون رخصة من وزارة الداخلية. وبينما كان يمكن الاعتماد على النصوص الجنائية القائمة من أجل التصدي للعنف والبلطجة، فإن تقييد حق التظاهر السلمي لم ينجح إلا في فتح هوة بين القوى السياسية التي كانت تمثل تحالف 30 يونيو، وفي تعميق الشعور لدى الشباب بأن الدولة تلاحقهم، بينما الإرهاب مستمر والعنف متصاعد والضحايا الأبرياء يسقطون كل يوم.
القانون إذن بحاجة للتعديل لأنه متعارض مع الدستور، ولأنه يقيد حق التظاهر السلمي، ولأنه غير مؤثر على الحد من أعمال العنف والبلطجة، ولأنه أثار انقسامًا بين القوى التي كانت حريصة على استكمال خارطة الطريق والعودة بالبلاد إلى مسار ديمقراطي سليم في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الحد من الانقسامات وإلى إعادة بناء تحالفات جديدة تسمح بتأسيس دولة حديثة وديمقراطية بحق.
أما السؤال الثالث فهو ما البدائل القائمة أمام القيادة السياسية للتعامل مع هذا القانون؟
أمام الحكومة ورئيس الجمهورية ثلاثة خيارات: الخيار الأول هو تجاهل كل ما سبق والتمسك بأن قانون التظاهر في شكله الحالي يحقق الأمن والاستقرار، وأن احتجاج الشباب المطالب بتغييره غير ذي شأن، وأنها مجرد أزمة إعلامية يمكن تجاوزها دون أضرار كبيرة. ولكن أخشى أن يكون الضرر أكبر من مجرد «صداع» إعلامي يمكن تجاهله، يتمثل في استمرار الهوة بين الدولة وبين القوى السياسية والشبابية الحريصة على التمسك بحق التظاهر. أما الخيار الثاني فهو انتظار أن يتم انتخاب برلمان جديد لعله يبادر بتعديل القانون كي يتوافق مع الدستور، أو أن تقام دعاوى أمام القضاء الدستوري تطالب بالحكم ببطلان أحكامه ويصدر بالفعل حكم بالبطلان لتعارض القانون مع الدستور. وفي الحالتين فإن الحكومة والرئيس قد يكسبان المزيد من الوقت ولكنهما سوف يخسران جانبًا من مصداقية المرحلة الانتقالية. أما الخيار الثالث فهو أن تأخذ الحكومة ورئيس الجمهورية بالمبادرة ويتعاونان مع الداعين لتعديل القانون من أجل تعديله، على الأقل بإعادة النظر في نظام الإخطار، وفى إزالة القيود الإدارية التي يتضمنها، وفى مواد العقوبات، بحيث يصبح القانون بالفعل، كما يدل اسمه قانونًا لحماية حق التظاهر السلمي. فهل نستغل هذه الفرصة؟

المصدر: أصوات مصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.