ممارسات للطاقة أم داروينية روحية و نظرية تطور! في القرن الثامن عشر ظهر ما عرف بنظرية التطور و مبدأ الإنتخاب الطبيعي لصاحبها تشارلز داروين و خلاصتها أن الإنسان إنما جاء بعد سلسلة تطورات بدأت من كائنات بدائية ثم تطورت في سلسلة طويلة مرت بالحيوان ثم انتهت بالإنسان على صورته هذه. و يبدوا أن مروجي ممارسات و فلسفات الطاقة تأثروا بهذه النظرية المنحرفه؛ لكنهم أعادوا صياغتها بأسلوبهم الخاص؛ فتري كثير منهم يدندن حول كلمة –"المستوي المتقدم" أو "بلوغ الإستنارة" أو " تطور الوعي" أو " بلوغ الحكمة" إلي آخر تلك العبارات الباطنية و التي تحمل معنى ظاهراً – قد يكون مقبولاً أحياناً – إلا أنهم في الغالب يقصدون به معنى باطنياً آخر و هو ( التطور الروحي)!. إذ يعتقدون أن الإنسان عن طريق متابعة تأملاتهم الخاصة – meditation - و الإنغماس في ممارساتهم الحياتية اليومية و تأملاتهم الروحية هذه يستقبل – بزعمهم – نصيب كبير من الطاقة الكونية و التي تعمل على تطوير مستوي وعيه و إدراكه و من ثم يتدرج في الإرتقاء الروحي و الجسدي معاً فيصبح أكثر حكمه و إستناره. و من ضمن نتائج هذا التطور الظاهري القدره على العلاج الذاتي و علاج الآخرين.[1] بل و يذهب كثير من مروجي ممارسات التأمل و الطاقة إلي ما هو أبعد من ذلك، و هو ما أقره المركز الأمريكي بولاية فيرجينيا المسمي " علاج البشرية " أو "humanity healing" لمؤسسه كريستوفر باك christopher buck؛ و التي تعمل – بزعمهم - على تطوير الوعي على مستوي الحمض النووي أو ال dnaبحيث يزعمون " أن الاكتشافات الأخيرة في طبيعة الحمض النووي قد أطاحت بفكرة أن الإنسان هو ثابت وراثيا، بل على عكس المتوقع فإن الإنسان كطاقة حيه، يمكنه أن يغير من بنية جسمه الداخلية عن طريق التغيير في جسده العاطفي و ترددات المعلومات التي حوله التي يمكنه جمعها من العالم الخارجي والداخلي و التوحد معها؛ الأمر الذي يؤدي بالتأكيد إلي إحداث ثورة في تكوين جسم الإنسان؛حيث أن الإرتقاء هو جزء طبيعي ومتوقع للإنسان بإعتباره جزء من هذا الكون؛ و بما أن الكون يتطور فالإنسان بدوره يتطور هو الآخر، وهو تطور تدريجي سوف يستمر... حتي لا يكون هناك ضرورة له كعملية جماعية."[2] إذ يصطحبك هذا البحث المكون من 34 ورقه في عالم خيالي افتراضي ممزوج بالدجل و الهلوسات مفاده أن الإنسان يمر بتطورات روحية من خلال التأمل ليصبح كائن ذو قدرات أعلى و أكبر، و يصاحب عملية التطور هذه أعراض جانبية " خلال هذه العملية فان كل خلية في أجسادنا سوف تمر بتغييرات. التعديلات في الجسد سوف تتم في الخلايا حيث أن هذه الخلايا سوف يتخللها دفعات الكترومغناطيسية لطيفة من التغير الكوكبي. الحمض النووي لدينا سوف يتطور من حلزونين ماديين الى حلزونين ماديين بالاضافة الى اثني عشر (الى أربع عشرة) حزمة روحية التي توافق مراكز الطاقة (أو الشاكرات) داخل و خارج الجسد.هذا الشكل الجديد من الdnaذو الاثني عشر حزمة كان موجودا في أجساد البشر منذ ثلاثمائة ألف سنة. في داخل خلايا جسم الانسان توجد فتائل ذات شفرة ضوئية و خيوط رقيقة من الطاقة التي تحتوي على معلومات. عندما تعمل هذه الخيوط معا مثل كابل الألياف الضوئية فانها تكون حلزون من الحمض النووي الروحي. تخيل أن تردداتك تنفصل عن بعضها و أنها فقط محاكة مع بعضها في الأماكن التي ما زالت متصلة ببعضها فيها. و تعرف الآثار الجانبية لهذه التحولات "بأعراض الارتقاء".[3] و قد يتعلل بعض المتعصبون لهذه الممارسات أن هذا إنما يُقتصر على مفاهيم خاطئة بسبب النشأة الثقافية لهذه المراكز البحثية – الزائفة- و القائمين عليها؛ و كنت سأتفق معهم لو أن مؤسلميها و ناقليها إلي أوطاننا الإسلامية لم يشيروا لهذه التطورات – المزعومة – تلميحاً بل و تصريحاً في كثير من الأحيان؛ بل إن العس هو الحاصل! فتجد أن بعضهم يعتقد أن الصورة و الهيئة التي عليها الإنسان في عصرنا الحاضر لست هي الهيئة الأصلية التي خُلق عليها؛ بل زعموا أن الإنسان قد مر بسلسلة من التطورات الروحية (أولاً) ثم أعقبتها تطورات جسدية (ثانيا)..! و لا يدخرون جهداً لنشر هذه الضلالات في المواقع و اللقائات التليفزيونية..! تقول مريم نور في إحدي لقائاتها :" و جعلنا من الماء كل شيء حي؛ من بعد ما جاء الهواء ثم – الينج يانج – و الذكر و الأنثي ثم جائت المياه..و من الحياة جاء السمك؛ و السمك بدأ يأتي على الأرض و من الأرض بدأ يأتي حيوانات و بعد الحيوانات ثعبان و بين الثعبان و الإنسان هو السر..حط روحه بالإنسان فإذا آدم و حواء بيمثلوا الله على الأرض " [4] قد يظن البعض أن مريم نور تهذي بكلمات لا معنى لها، و هي تهذي -صحيح- و لكن بأفكار و معتقدات باطنية كفرية و تقوم بتسريبها عبر لقائاتها أو عبر من تتلمذوا على يديها مثل بشار عبد الله و نهلة الإتربي تحت ستار الغذاء الصحي و فلسفة الماكروبايوتيك؛ و لكن ما يعنيني في هذا المبحث ما يتعلق بنظرتهم لتطور الإنسان ؛ كما تصرح في نفس البرنامج من أن الإنسان في طريقه إلي أن يتطور على المستوي الجسدي ليصبح بست أصابع...! و ترجع ذلك – بزعمها - إلي وجود 12 كوكب ضمن مجموعتنا الشمسية، وتربط ذلك بفلسفة المريديانات و أماكن تواجدها في اليد..! و تعتبر وجود حالات فعلية – و التي تكون ناتجة عن خلل جيني و أو تشوهات خلقية - دليلاً على أن التطور آت لا محالة! كما تزعم أنها بسبب تأملاتها و بلوغها الإستنارة و التطور الروحي قد وصل بها الأمر أنها تستطيع التواصل مع كائنات أخري من غير البشر زاعمة أنهم كائنات بدون كواكب (!) . و لم تقف هذه المزاعم عند مريم نور فحسب بل امتدت لغيرها من المعالجين بالطاقه في بلادنا الإسلامية، حيث يزعم أحمد عمارة أن العلماء الروس تمكنوا عن طريق علوم الطاقه و الباراسايكولوجي أن يطوروا من قدرات بعض الأشخاص ليتمكنوا من التنفس تحت الماء (!) و ذلك عبر تطوير الجهاز التنفسي ليصبح قادراً على استخلاص الأكسجين من الماء!! وكعادته دائماً يعزو أقواله إلي مصادر مجهوله كقوله ( العلماء أكدوا – أثبتت الدراسات ) و هلم جره ، و مع الأسف يندر جداً من يتثبت من صحة هذه الأبحاث المزعومة هذا إن وُجِدَت من أساسه؛ المهم أنه يريد أن يثبت في هذا المقطع أنه من خلال ممارسات التأمل و العلاج بالطاقة يتمكن الإنسان من تطوير قدراته العقلية و من ثم تطوير أجهزنه العضوية و الحيوية (!)