السؤال أردت الزواج قبل سنوات وبعد عقد النكاح وإعلان المأذون له وكتابته دخلت بزوجتي دون علم أهلها وبعد سفري أخبرتني أنها حامل، فحاولت استقدامها بالطرق النظامية وغيرها.. دون جدوى ... فحدثت مشاكل واتصلت بها وقلت لها أنها طالق ... وذهبت إلى قاضي محكمة وشرحت له ما حدث فانتهرني وأمرني باستفتاء المشايخ في بلدي، وأنا لا أريد الطلاق، فهل ما قلته طلاق؟ أم يمين تكفر؟ ثم ولدت زوجتي طفلة ولما زرت بلدي مُنعت من رؤيتها فهل العقد صحيح أم باطل؟ وإذا كان باطلاً فما الحل؟ وهل دخولي بها شرعي أم باطل؟ وإن كان باطلاً فما الحل؟ هل يمين الطلاق طلاق؟ وإن كانت طلاقاً فما الحل؟ وجزاكم الله خيراً. جواب - د. رياض محمد المسيميري الحمد لله، وبعد: أولاً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكر الله لكم حرصكم على معرفة أحكام دينكم، وما يحل ويحرم. وأما ثانياً: فقبل تناول مشكلتك بالبحث والمناقشة، ومحاولة حلها بما تيسر من أحكام شرعية سليمة، أودُّ أن ألفت نظرك، وأوجه عنايتك إلى أن من شأن المؤمن أن يُبتلى بما يعكّر صفو حياته، ويضيق صدره، ويشغل باله، ويكون ذلك من خلال أزماتٍ مادية، أو خلافاتٍ زوجيةٍ، أو صداماتٍ ونزاعاتٍ مع رؤسائه في العمل أو غير ذلك مما جرت به الأقدار بأمر الله ومشيئته –سبحانه-، وذلك الابتلاء الرباني إنما هو تمحيص للذنوب، وتخفيف منها، ورفعة للدرجات وزيادة لها، متى قُوبل ذلك الابتلاء بالصبر والاحتساب والرضا والتسليم، فعّود نفسك –يا أخي- على الصبر والاحتساب، وتأكد بأن الفرج قريب، وأن الشدة ذاهبة، وأن العسر سيعقبه يسر وتنفيس -بإذن اللطيف الخبير-. وأما ثالثاً: فمشكلتك في الحقيقة هي من قبيل الخصومات ذات الأطراف المتعددة، ولا يمكن وضع حلٍ لها عن طريق الفتوى إذ الأصل في مثل هذه القضايا أن تتولاها المحاكم الشرعية، ويفصل فيها القضاة الشرعيون بعد سماع أقوال الأطراف المتنازعة جميعاً، وهذا في نظري هو السبب الذي جعل القاضي يوجهك إلى مراجعة المحكمة الشرعية في بلدك. ومع ذلك أجيب على بعض ما ورد في رسالتك من سؤالات ويبقى فصل القضية بينك وبين زوجتك للمحكمة الشرعية –كما أسلفت-. 1- أما دخولك بزوجتك بعد عقد النكاح عليها بحضور وليها، بدون علم أهلها وأهلك فهو دخول شرعي مباح لا يشترط فيه علم أحد من الناس بعد إتمام العقد، إذ بإتمام العقد وإبرامه أصبحت زوجةً شرعية، لك معاشرتها معاشرة الأزواج للزوجات، وكان الأولى أن تصبر حتى يدخلك وليُها عليها، حسماً للمشاكل، ولكن قدر الله وما شاء فعل. 2- ظهر لي من خلال رسالتك أنك تلفظت بالطلاق، وكانت زوجتك وقتها حاملاً، وهذا يعني أنه طلاق صحيح تترتب عليه آثاره شرعاً، ومنها: وقوع الطلاق، وانتهاء العدة بوضع الحمل، ولذا فلم تعد زوجة لك الآن، إلا بخطبة جديدة وعقد جديد بموافقة الزوجة ووليها وبمهر جديد، ولذا أنصحك بإنهاء العلاقة معها أو محاولة الاتصال بها هاتفياً أو بريدياً ريثما ينظر القاضي الشرعي في قضيتكما أو تحل ودياً عبر وسطاء مرضيين عدالة وعدلاً. 3- أؤكد لك، وأطمئنك أن المشكلة في نظري سهلة وميسورة الحل، فالنكاح صحيح، والدخول شرعي، والمولودة ابنة شرعية لك، والرجعة إلى الزوجة ممكنة، ولكن الأمر يتطلب أن تتعامل معه بحكمة ورويّة، وتبحث عن أسهل السبل لإرضاء الزوجة وأهلها بالمعروف، وأرجو أن يتحقق ذلك عبر الاعتذار المهذب، والكلام اللطيف، وإشراك الوسطاء الخيريين، وكن دائماً رابط الجأش واثقاً بالفرج، طارداً لليأس، والله معك والسلام. تنبيه: ورد في كلامك أنك لجأت إلى طرق غير شرعية في محاولة استقدام زوجتك، وهذا حرام فتب إلى الله واستغفره، واعلم أن في المشروع من الأسباب والوسائل غنية عن غير المشروع، وأن كل شيء بقضاء وقدر، وها أنت قد رأيت أن اللجوء إلى طرق غير مشروعة لم يغن عنك شيئاً، فاستعن بالله وحده ولا تعجز.