هذه المقالة هى استكمال للمقالة السابقة والتى تناولت فيها الإجابة على التساؤلات العشرة لفهم معنى النجاح فى الحياة ، حيث نتناول فى هذه المقالة عشرة قواعد أساسية تساعدك على النجاح فى الحياة .. وقبل أن أعرض هذه القواعد العشرة .. أود الإشارة إلى أن هذه المقالة والتى قبلها تعد تحولاً فى مسار ما أكتبه من مقالات ، وذلك إذا ما تم مقارنتهما بالمقالات السابقة عليهما . والسبب فى ذلك لا يرجع مطلقاً لا إلى اليأس من تناول الموضوعات والقضايا السابقة الإدارية ذات الأبعاد والرؤى السياسية ، أو السياسية ذات الأبعاد الإدارية ، ولا إلى الخوف من تناول مثل هذه الموضوعات ، فأنا أحاول دائماً أن أتناول الأمور بموضوعية شديدة ، واستناداً إلى مرجعية علمية ، وبأكبر قدر من الالتزام بأدب الكتابة والتناول . ولكن الدافع إلى كتابة هاتين المقالتين عن النجاح فى الحياة هو تلك المطالبة المستمرة من الشباب الذين هم فى مطلع أو فى الجزء الأول من حياتهم العملية ، بأن أتناول معهم الإجابة على السؤال الخاص بكيف يكون النجاح فى الحياة ؟ ، بل وأيضاً من أصدقائى من الشيوخ وكبار السن الذين كثيراً ما يسألونى وهل كان لحياتنا معنى ؟ .. لذلك فهذه المقالة هى الأقرب للشباب بالدرجة الأولى ، والمقالة السابقة لها نفس الأهمية للشباب المقبل على الحياة ليحدد فيها معنى إيجابى لحياته ، ولكبار السن أيضاً من أصدقائى ، ليعرفوا إذا كانت لحياتهم معنى حقيقى أم لا ؟ أما القواعد العشرة للنجاح فى الحياة فهى : القاعدة الأول : كن الشخص المناسب دائماً : لا يكفى أن تتواجد فى المكان المناسب فى الوقت المناسب ، ولكن لابد وأن تكون الشخص المناسب فى المكان المناسب فى الوقت المناسب ، وحتى تكون هذا الشخص المناسب ، لابد أن تعرف الإجابة على الاسئلة التالية : * من أنت ؟ * كيف ترى نفسك ؟ * هل ترى نفسك كما يراها الآخرين ؟ * ما هى عاداتك وصفاتك ، وهل هى إيجابية أم سلبية ؟ * ما مدى ثقتك فى نفسك ؟ * إلى أى مدى تستطيع التواصل مع الآخرين ؟ * هل تشعر أنك تستحق المكانة التى أنت فيها حالياً . * وهل تملك إمكانية تحقيق مكانة أعلى ؟ * ما هى قدرتك على التصرف فى ظروف الخوف والقلق وعدم التأكد ؟ * هل تستطيع التصرف ، ومواصلة العمل والأداء فى حالة اعتلال حالتك الميزاجية (متعكر المزاج) . إذا استطعت الإجابة على هذه الاسئلة العشرة السابقة بكل الصدق .. واستطعت الاستفادة منها بتعديل إمكاناتك وتدعيم قدراتك ، فقد استفدت من القاعدة الأولى للنجاح فى الحياة . والأهم أنه فى المرات التالية للمرة الأولى التى تسأل نفسك فيها هذه الاسئلة وبعد أن تستفيد بنتائجها فى تدعيم قدراتك ، وفى علاج سلبياتك ، إذا كانت إجابتك عليها جميعاً بنعم فأنت الشخص المناسب دائماً . القاعدة الثانية : كن مع التأكيد ولا تكن مع التصريح : أو على الأقل كن مع التأكيد أكثر مما تكون مع التصريح . والتصريح ، هو التعبير الإيجابى الذى نظهره ونعلنه على الملأ بفعل أمر ما ، هو رسالة إلى العقل الباطن بالأمر بالتنفيذ ( إقرار بنية ما ) ، سأفعل كذا وكذا ... أما التأكيد ، فهو التعبير الإيجابى الذى يثبت أن الهدف الذى ترغب فى تحقيقه يحدث بالفعل ( الانتقال من النية إلى الفعل ) .. أنا أعمل كذا .. لذلك اسأل نفسك إلى أى مدى تتبع التصريح والتأكيد فى حياتك ؟ وإلى أى مدى تربط بينهما ؟ كن مع التأكيد دائماً حتى تطبق القاعدة الثانية للنجاح فى الحياة . القاعدة الثالثة : اكتشف الفرص ولا تضيعها : الفرص : هى مجموعة من المغانم المتاحة والممكنة بفعل تضافر مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية ، والاقتصادية ، والثقافية ، فى بيئة داخلية و/أو خارجية فى وقت ما (لحظة حالية) إن لم تغتنم هذه المغانم فى هذه اللحظة الحالية ، انقلبت إلى مغارم تندم عليها فى المستقبل . ومن الطبيعى والمنطقى أن يرى الناجحون الفرص ، ويرى الفاشلون العقبات ، وأن يتحدث الناجحون عن الفرص ، ويتحدث الفاشلون عن العقبات . لذلك اكتشف الفرصة ، واغتنمها ولا تضيعها . القاعدة الرابعة : لتكن جماعتك المرجعية من الناجحين فقط : جماعتك المرجعية ، هى من ترجع إليهم لتعرف من أنت ( الأصدقاء ) ، أو هى من ترجع أنت إليهم للمشاركة والمساعدة والمشورة . اسأل نفسك دائماً من هم جماعتك المرجعية؟ هل هم من الناجحين أم من الفاشلين؟ وتأكد أنه لا نجاح فى الحياة دون جماعة مرجعية من الناجحين فقط وأن معظم أسباب الفشل فى الحياة يرجع إلى اختيارك جماعة مرجعية من الفاشلين . القاعدة الخامسة : ابتعد عن الخوف ، والتردد ، وتسلح بالإصرار دائماً ؟ · لا شىء يزيد الشعور بالخوف والقلق والتردد قدر امتلاك المعرفة ، فالجهل يؤدى إلى الخوف .. لذلك املأ نفسك بالمعرفة . · عندما تعد لإنجاز مهمة ، لا تسأل نفسك فيما يتعلق بها على هذا النحو ؟ * ماذا لو لم أنجح فى تنفيذ هذه المهمة ( الخوف ) * هذا لن ينجح ( الخوف ) * آمل أن أنجح ( التردد ) * ربما أنجح ( التردد ) · ولكن قل لنفسك ما يلى : * هذه المهمة سأنجح فى تنفيذها لأننى سأعمل جاهداً على نجاحها ( الإصرار ) . * هناك طريق آخر للنجاح لابد أن أبحث عنه وأجده ( الإصرار ) القاعدة السادسة : أين تقف من الازدواجية فى الحياة ؟ · يقصد هنا بالازدواجية فى الحياة أن الحياة قائمة على ثنائية التضاد ، أى غنى/فقر ، يمين/يسار ، نجاح/ فشل ، سعادة/شقاء ، معرفة/جهل ، قوة/ضعف ، أمان/تهديد...). لذلك حدد دائماً مسبقاً ، أنت تقف مع أى جانب أو طرف فى كل ثنائية من ثنائيات الحياة ؟ · اختر الوقوف دائماً فى الجانب الإيجابى من الثنائية . · ولا يكفى التحديد والتصريح بأنك تقف فى الجانب الإيجابى من ثنائية التضاد فى الحياة ، ولكن التأكيد فى الوقوف مع الجانب الإيجابى منها ، والذى قررت فعلاً أن تقف فيه . القاعدة السابعة : ابتعد عن التبرير واللوم وكن شجاعاً فى تحمل المسئولية عن أخطاءك وتعلم منها . · التبرير ، هو البحث عن أسباب لتبرئتك تماماً ( لست أنا المسئول ) . · واللوم ، هو أن توجه الاتهام إلى أشخاص آخرين . · لا تلجأ إلى التبرير واللوم ، ولكن ابحث عن الحقيقة ، وواجه نفسك بها بشجاعة إذا كنت مقصراً . · لا تحمل أخطاءك على شماعة الظروف . · ولا تنظر إلى نجاح الآخرين على أنه حظ أو صدفة . القاعدة الثامنة : تعلم من التشبيه ، والتمثيل ، والتقليد بالأفضل : · أعرف كيف تميز بين الأسوأ والأفضل . · وابحث عن الأفضل ، وتعرف عليه ، وعلى ممارساته وأفعاله . · تشبه بالمحاولات الأفضل والناجحة وحاول الإضافة عليها . · وتأكد أن النجاح معدى ، وكذلك الفشل ، فعند مخالطة الناجحين تنتقل الرغبة إليك فى النجاح ، وعند مخالطة الفاشلين تنتقل عدوى الفشل إليك . القاعدة التاسعة : لا تكتفى بشىء واحد ، وكن واثقاً أنه يمكنك الحصول على شيئين معاً وفى آن واحد: · ابتعد عن هذه المقولة ، فلا نجاح فى الحياة مع هذه المقولة ليس كذلك فقط بل ابتعد أيضاً عن مقولة ، لا يوجد ما يكفى ، ولا يمكن أن أمتلك كل شىء . بل يمكن أن يمكن أن تمتلك أشياء كثيرة . · وكن على ثقة أنك يجب دائماً أن تجمع شيئين معاً . على سبيل المثال : * العمل والمرح * الفائدة والمتعة * المال ومعنى الحياة * الثراء والعمل الذى أحبه · الأشخاص العاديون يختارون شىء واحد .. أما الأشخاص الأقوياء (الناجحون) يختارون الشيئين معاً . القاعدة العاشرة : امتلك الذكاء العاطفى والذكاء الاجتماعى : · الذكاء العاطفى ، هو القدرة على فهم الذات وإدارتها ، لتصل إلى درجة التعاطف مع الذات ، ومع الآخر ، أى الامتناع عن القسوة على النفس وعلى الآخر دون مبرر موضوعى أو منطقى ، أو سبب حقيقى يدعو إلى ذلك . · أما الذكاء الاجتماعى ، فهو القدرة على التكيف والتواءم مع الآخر وكسب ثقته، والوصول إلى التفاهم والتعاون المشترك معه ، والذى لا يمكن الوصول إليه إلا إذا تم إدراك حاجته والعمل معه على الوفاء بها . وتأكد أنه لا نجاح فى الحياة إلا بالنجاح مع الآخر ، ومن أجل الآخر ( أيا كان هذا الآخر ) ، فالحياة هى الآخر بشكل أو بآخر . د. محمد كمال مصطفى استشارى إدارة تنمية الموارد البشرية
