جلست على فراشها البارد وهى تشاور نفسها ما بين أن تظل فى انتظاره او تخلد الى النوم بعد أن حل عليها الإرهاق الشديد من طول انتظار حبيبها الذى تأخر كثيرا عن موعد وصوله، فقد إعتاد أن يتصل بها هاتفيا كل يوم قبل عودته الى المنزل، حاولت الاتصال به عدة مرات لكن بدون جدوى لأن هاتفه بدا مغلقا فى كل مرة، انتابها القلق ولكنها تشبثت بالأمل لتريح قلبها انه بخير، وربما يكون هناك اى سبب طارئ. وقد يتصل بها بعد قليل وتستمع الى صوته الحنون الهادىء الذى يهدأ معه كل كيانها ويجعلها تنام بارتياح، لم يجعلها القلق تستسلم للراحه فقامت واتجهت ناحية النافذة بخطوات مرتعشة تائهه. نظرت الى السماء تدعو الله أن يكون بخير ولن يمسسه سوء واذا بالبرق يضىء السماء المظلمه وصوت الرعد يزلزل زجاج نافذتها فأغلقتها مسرعة واتجهت الى سريرها مره اخرى .. إستلقت على ظهرها، بينما ضربات قلبها ترتفع قلقا وخوفا، والحيرة تشعل النار بجسدها فى ليلتها الباردة المظلمة، وتاهت روحها بحثا عن الحبيب وظلت تفكر وتأخذها الافكار وتعود بها بلا جدوى الى أن غلبها النوم. واذا بها تسمع صوت حبيبها ينادى عليها بأعلى صوته من بعيد ولكنها لاتراه امامها فاندفعت ناحية الصوت فى طريق مظلم يملؤه الضباب وهى تسير حافية القدمين مرتدية ملابس خفيفة .. الامطار تتساقط بغزارة على رأسها وكأنها تائهه فى طريق لا تعرفه ولم تراه من قبل، استمرت فى السير وهى تنادى بأعلى صوتها المرتجف المخنوق: حبيبى .. أين انت ؟ .. أين انت ؟ أسرعت بخطواتها مهرولة ومازالت تسمع نداء حبيبها وصوته ينساق وراء روحها، حتى تعثرت قدميها فنظرت تحت أقدامها فاذا بحبيبها على الارض والدماء تسيل منه فأمسكت بيده والخوف جعل الدم يتجمد فى عروقها .. أخذته على صدرها وضمته بين ضلوعها المرتعشة وقد مد يديه ليتعلق بثيابها كالطفل الرضيع فنظرت فى عينيه وهى تصرخ وتقول: حبيبي ماذا حدث لك ؟؟ نظر الى عينيها وقال : حبيبتى سامحينى سوف اتركك وحدك فلا تحزنى لأننى مجبر على الرحيل.. ولكن تأكدي أنكِ حبيبتى الوحيده ولن أعشق بعدك .. سامحينى حبيبتى وعودى وحدك فلن أستطيع أن أعود معكِ .. اذهبى .. اذهبى .. واتركينى . وتذكرينى ولا تنسينى أبدا واعلمى اننا سنلتقى فى يوم ما عندما يشاء القدر ولكن لا اعرف متى ؟ إستقظت من نومها مرتجفة والدموع تنهمر من عينيها وهى تشعر بالضيق الشديد فى أنفاسها وكأنها تحتضر وروحها تكاد أن تغادر جسدها فنهضت من السرير مسرعة وهى تشعر بالاختناق الشديد .. أمسكت بهاتفها ونظرت فيه متمنية أن تجد اى شىء من حبيبها .. ثم إتجهت ناحية باب الغرفة، ممسكة بهاتفها فى يدها اليسرى وهى تضع يدها اليمنى على عنقها والشعور بالإحتضار يراودها، وقدميها تتثاقل و لا تقوى على الوقوف عليها، والروح كما لو كانت تريد انتزاع نفسها من نفسها، واذا بجرس الباب يدق وزادت معه دقات قلبها خوفا وترقبا واتجهت ناحية الباب وفتحته .. لم تكن يدها قادره على فتحه وكانها هى الاخرى فارقت الحياة واذا بأحد اصدقاء حبيبها واقفا أمامها يبلغها رساله من حبيبها قبل أن يغادر الحياة ويرحل فى حادث سيارة، نظرت اليه وكأنها مغشى عليها واذا بتنبيه بوصول رساله على هاتفها المحمول نظرت فيها فوجدتها من حبيبها يقول فيها، حبيبتى اشتقت اليكِ كثيرا، انتظرينى، أحبك بجنون، فعادت الروح اليها وقالت : لا ..لا إنه بخير .. هذه رسالة منه أرسلها لى حالا.. ثم نظرت الى تاريخ الرسالة فأدركت انها كانت بتاريخ الأمس ولكنها لم تصل إلا الآن !!!