مع استعداد البريطانيين بشكل عام والإسكتلنديين بشكل خاص للاستفتاء التاريخي على انفصال إسكتلندا عن المملكة المتحدة والمقرر يوم غد الخميس، لاتزال هناك العديد من القضايا الهامة والتي لم يتم حسمها خلال المناظرات بين الساسة البريطانيين على الجانبين...وتعتبر عملة إسكتلندا في حالة استقلالها أحد أهم القضايا المثيرة للجدل على الساحة السياسية البريطانية. وسخر قائد حملة "معا أفضل" المعارضة للاستقلال من الوزير الأول في إسكتلندا ألكس سالموند في أول مناظرة بينهما لعدم امتلاكه "لخطة بديلة" إذا لم تستطع إسكتلندا المستقلة في استخدام الجنية الإسترليني ، وأصر الوزير الأول في المناظر الثانية على أنه باستطاعة إسكتلندا استخدام الجنيه الإسترليني، مشددا على أنه يمتلك ثلاثة خطط بديلة – وهي استخدام عملة مرتبطة بالاسترليني أو الاستخدام أحادي الجانب للإسترليني أو استخدام عملة جديدة". يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه رئيس المفوضية الأوروبية الجديد جان كلود يونكر على أن الدول المنضمة حديثا للاتحاد الأوروبي لن تحظى برفاهية الاختيار بين اليورو وعملة أخرى وسيكون عليها استخدام العملة الأوروبية الموحدة. ويعتبر ذلك ضربة قوية لسالموند الذي يسعى لدخول الاتحاد الأوروبي بعد استقلاله عن المملكة المتحدة ويتناقض مع سعيه للاحتفاظ بالجنيه الإسترليني. وتعتبر قضية البترول من أهم القضايا المثارة بشأن استقلال إسكتلندا، حيث يصر القوميون على أن إسكتلندا المستقلة لن تفرط في الاعتماد على البترول، مشيرين إلى أن حكومة المملكة المتحدة قد بددت معظم بترول بحر الشمال بعدم إنشاء صندوق يتم فيه استثمار عائدات بترول بحر الشمال، مشددين على أنهم سيعملون على إنشاء هذا الصندوق بعد الاستقلال للتغلب على مشكلة تقلب أسعار النفط من سنة إلى أخرى. ولجذب تأييد العاملين في هذه الصناعة، ألمح وزير الطاقة في إسكتلندا فيرجوس يوينج مؤخرا أن شركات النفط والغاز يمكن أن تستفيد من إعفاءات ضريبية جديدة إذا أصبحت إسكتلندا مستقلة. وذكرت حملة "معا أفضل" أن الاعتماد بشدة على نفط بحر الشمال سيكون خطيرا لأنه "سلعة متقلبة"، طبقا لهم، موضحة أنه في ظل الاستقلال، ستعتمد إسكتلندا على عائدات النفط لتمويل الإنفاق العام ، ولكن في حالة انخفاض أسعار البترول فجأة، فان ذلك سيؤثر بشدة على الخدمات التي تقدمها الحكومة، إضافة إلى أنه قد لا يكون هناك كمية كبيرة من البترول في بحر الشمال كما تتوقع الحكومة المحلية في إسكتلندا. وبشأن الهجرة، أعلن الوزير الأول أن اسكتلندا المستقلة ستحتاج إلى رفع معدل الهجرة السنوي لنحو 24 ألف مهاجر للحفاظ على الإنفاق العام، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر زيادة طفيفة عن المعدل الحالي. على الجانب الآخر، اقترحت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي أنه يجب تقديم ضوابط ونقاط حدودية مع إسكتلندا في حالة استقلالها، مشيرة إلى أنها قد تنضم إلى منطقة "الشنجن" المشتركة التي لا تتبع لها بريطانيا. وفيما يتعلق بالملكية، ستبقى الملكة هي رأس الدولة في إسكتلندا كما هو الحال في كندا وأستراليا ونيوزيلندا ،وقال ألكس سالموند إنه رغم أن الملكة لا ترغب في اقتحام السياسة إلا أنها ستشعر بالفخر بأن تكون ملكة للإسكتلنديين. وذكرت صحيفة الميرور البريطانية أن إليزابيث الثانية تشعر بقلق جديد بأنها ستصبح آخر ملكات إسكتلندا مع اقتراب الاستفتاء على انفصالها عن المملكة المتحدة. ونقلت الصحيفة عن مصدر في القصر الملكي قوله" إن الملكة ترغب في الحفاظ على الاتحاد وإذا كان هناك تصويت "بنعم" فهذا يضعنا في منطقة مجهولة دستوريا ولا شيء مؤكد وكونها ملكة لإسكتلندا ليس مضومنا". وتثار تكهنات بأنه رغم بقاء إليزابيث ملكة، إلا أن ذلك قد لا يستمر إذا رغبت إسكتلندا في التحول إلى النظام الجمهوري ، وتبقى قضية انضمام اسكتلندا المستقلة للاتحاد الأوروبي أحد أكثر القضايا الشائكة حاليا، حيث صرح وزير الشئون الأوروبية الأسباني انيخو مينديث دي بيخو أن إسكتلندا سيكون عليها الانتظار 5سنوات على الأقل للانضمام للاتحاد الأوروبي إذا استقلت عن المملكة المتحدة، مشيرا إلى أن اسكتلندا سيكون عليها بعد ذلك التقدم لدخول منطقة اليورو. ورفض الوزير الأسباني ادعاءات ألكس سالموند بأنه يمكن لإسكتلندا التفاوض على عضوية الاتحاد الأوروبي "من داخل الاتحاد"، مشددا على أنه يجب عليها التقدم لطلب العضوية من جديد واتباع عملية الانضمام من البداية. وكان سالموند قد صرح بأنه سيبدأ في إجراءات التفاوض مع الاتحاد الأوروبي خلال الفترة بين فوزه في استفتاء الخميس وإعلان الانفصال رسميا في مارس عام 2016، وهو ما رفضه رئيس المفوضية الأوروبي الجديد جان كلود يونكر. كما صرح سالموند في وقت سابق، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قائلا إن "التصويت فرصة تأتي مرة واحدة في الجيل لإسكتلندا." وكان قادة الأحزاب الرئيسية الثلاثة في بريطانيا قد وقعوا خطابا مفتوحا يتعهدون فيه بمنح المزيد من السلطات للبرلمان الإسكتلندي في حالة رفض الاستقلال عن المملكة المتحدة في استفتاء الخميس القادم. ويعد الزعماء الثلاثة - لأحزاب المحافظين والعمال والليبراليين الديموقراطيين - بصلاحيات جديدة واسعة للبرلمان الإسكتلندي طبقا لجدول زمني متفق عليه من قبل الأحزاب الثلاثة.