حصلت مدينة أستانا عاصمة كازاخستان على شرف تنظيم معرض "إيكسبو 2017"، ففي الثاني والعشرين من نوفمبر عام 2012، وأثناء انعقاد الدورة ال 152 للسكرتارية العامة للمكتب الدولي للمعارض، الذى جرت فعالياته في مدينة باريس، أسفر الاقتراع السرى وبأغلبية الأصوات عن نيل مدينة أستانا بهذا الشرف. وتعد نتيجة الاقتراع حدثًا جللًا وتاريخيًا لجمهورية كازاخستان، وحافزًا وملهمًا للشعب الكازاخى على مسيرة التقدم المستمر، ويعد معرض إيكسبو من الأحداث العالمية الكبرى، إذ أنه بمثابة المنتديات الاقتصادية الدولية ومونديال كأس العالم لكرة القدم، أما التطور الفكري وإدخال الابتكارات والتقنية الحديثة وجذب الاستثمارات والفوائد الاقتصادية للدولة فحدث ولا حرج. وقال الدكتور أشرف صابر، المتخصص فى الشئون الآسيوية: إن معرض "إيكسبو 2017" ليس بالفريد فقط، ولكنه يحمل أيضًا صفة "المعرض الأول"، لأنه حقًا المعرض الأول من حيث ضخامة حجمه ودقة وحرفة تنظيمه على مستوى دول الكومنولث وآسيا الوسطى والعالم الإسلامي، علاوة على ذلك فإن كازاخستان هي الدولة الرابعة في آسيا التي نالت شرف تنظيم مثل هذا الحدث الجم بعد اليابان وكوريا الجنوبية والصين، وتم انعقاد أول معرض من معارض "إيكسبو" في عام 1851، ومن ضمن 70 معرضًا تم تنظيمه بعد ذلك فإن هناك 10 معارض فقط تمت خارج حدود أوروبا وأمريكا الشمالية منها ما كان في اليابان وكوريا الجنوبية والصين وملبورن (أستراليا) عام 1886 وريودى جانيرو (البرازيل) عام 1992 وبريسين (أستراليا) عام 1988. وأشار الرئيس نور سلطان ناظربايف رئيس جمهورية كازاخستان خلال زيارته لمعرض "إيكسبو 2008" في سراجوسا إلى ضرورة تنظيم هذا المعرض في مدينة أستانا، وقد كان، ففي 10 يوليو 2011 قدم السيد جوشيبايف النائب الأول لوزير الخارجية طلبًا لأمين عام مكتب المعارض الدولي برغبة كازاخستان في تنظيم المعرض. وفى ذلك الحين لم يقنع أن تكلل هذه المبادرة بالنجاح إلا عدد قليل من الساسة والخبراء، في حين أن دول العالم الكبرى مثل كنداوأستراليا وإسبانيا وفرنسا وصربيا والنرويج تقدمت لتنظيم هذا المعرض على أراضيها وخلال عامين متصلين بذلت الدبلوماسية الكازاخية قصارى جهدها لاستضافة المعرض في دورته لعام 2017. وفى إطار خطة كسب التأييد الدولي للطلب الكازاخى، تعرفت دول أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا على مبادرة كازاخستان الجديدة، وفى الدورة ال 38 لمجلس وزراء الخارجية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي انعقدت في صيف عام 2011، أعرب الرئيس نور سلطان ناظربايف عن أمله في دعم دول أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي لدعم ترشيح كازاخستان من أجل تنظيم هذا المعرض الدولي. وعندما اتخذت كازاخستان قرارها للتقدم بطلب استضافة المعرض، اعتمدت على خبرتها العريضة في ريادتها السياسية والدولية الهامة كرئاستها لمنظمة التعاون والأمن في أوروبا عام 2010، ومنظمة التعاون الإسلامي في الفترة من 2011 إلى 2012، وانعقاد مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية على أرضها في العاصمة أستانا أعوام 2003 و 2006 و 2009 و 2012 و نجاحها فى تنظيم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في عام 2011 ومنتدى أوراسيا الإعلامي السنوي ومنتدى أستانا الاقتصادي. تتمتع سياسة كازاخستان الخارجية بتعددية الاتجاهات وتجد ثمار ذلك في العلاقات الوطيدة مع أكبر لاعبى السياسة العالمية كالولاياتالمتحدةالأمريكيةوالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي ودول آسيا ومنطقة المحيط الهادئ. بعد إعلان نتائج التصويت في باريس عام 2012 بتحديد الفائز قال الرئيس ناظربايف إن حصول أستانا على شرف تنظيم المعرض فى إطار المنافسة الحادة لا يصادف حظًا على الإطلاق بل هو اعتراف عالمي بجدارة أستانا نظرًا لثقلها الدولي لاستضافة هذا الحدث الجلل كما أن وقوع الاختيار على كازاخستان إن دل على شيء إنما يدل على التقدير الدولي لإنجازات الدولة وعلامة فارقة لآفاق التنمية المحلية خاصة ومنطقة أوراسيا عامة. وقد ساعد عنوان المعرض "طاقة المستقبل" الذى اقترحته كازاخستان على الفوز في المنافسة، ويرجع حقًا السبب الرئيسى في اختيار أستانا لثمار جهود شعب كازاخستان العريق. ومعرض "إيكسبو" هو الحشد الدولي الذى تتقدم فيه دول العلم بابتكاراتها وإنجازاتها في مجال العلوم والتقنيات والفنون والثقافة كما يبلغ عدد المشاركين فيها 195 دولة ويتم اتخاذ قرار المشاركة على المستوى الاستراتيجي للحكومات. تنقسم المعارض ذات الصفة الدولية إلى فئتين - المعارض الدولية العامة والمعارض الدولية المتخصصة - ويتم إقامة المعارض العامة كل 5 سنوات، حيث تتباين فى ضخامتها وأماكنها، وكان آخر تلك المعارض الدولية قد أقيم في مدينة شانغهاى (الصين) عام 2010 وشارك فيه أكثر من 100 مليون نسمة من 190 دولة. أما المعارض الدولية المتخصصة مثل "إيكسبو 2017" فتقام كل عامين ولمدة 3 أشهر، وجدير بالذكر أن أول معرض دولي متخصص أقيم في بريطانيا في عام 1756 وخلال 17 أسبوعًا قام سكان مدينة لندن ببناء قصر الكريستال المشهور من الزجاج والهياكل معدنية، وقد زار هذا المعرض ما يربو عن 6 ملايين بريطاني شكلوا ثلث سكان بريطانيا فى ذلك الوقت ومن حينها يتم تنظيمه دوريًا. وكثير من الأشياء التي تحيط بنا اليوم وهى تعد من أساسيات حياتنا اليومية كانت تعرض للجماهير لأول مرة فى تلك المعارض مثل ماكينة الخياطة والهواتف ومعجون الأسنان والسلم الكهربائي المتحرك وماكينات العرض السينمائي والسيارات والطائرات والأقمار الصناعية وأجهزة الحواسب والهواتف الذكية. ومن الطريف أن بعض المباني التي تم تشييدها خصيصًا لغرض إقامة وتنظيم تلك المعارض الدولية أصبحت اليوم رموزًا لتلك المدن والدول. في ضوء تلك المعارض تنعقد المؤتمرات الدولية المتنوعة كالمنتدى الأدبي الذى تم تنظيمه في باريس في عام 1878، حيث وضع المشاركون فيه اتفاقية دولية خاصة بحقوق المؤلفين وتم طرح ومناقشة طريقة برايل لقراءة المكفوفين وتحسين ظروفهم.. وفي مدينة شيكاغو عام 1893 تمت تسمية وحدات القياس الكهربائية مثل الأوم و الواط والجوول والفاراد والفولت والجنرى. وفى معرض باريس الذى أقيم في عام 1900 تم تحديد مفهوم جديد للتقنية التلفازية، أما أشهر صورة بابليو بيكاسو المسماة "جيرنيكا" فقد أصبحت معروضًا أساسيًا لإسبانيا في معرض باريس عام 1937. في عام 1997 أصبحت كازاخستان عضوًا في مكتب المؤتمرات الدولي وفي عام 1998 تم رفع علم الدولة لأول مرة في معرض "إيكسبو" المتخصص الذى عُقد في لشبونة، في عام 2005 قامت كازاخستان بعرض منتجاتها للمرة الأولى من خلال معرض "إيكسبو" الذى تم تنظيمه في مدينة ايتشى اليابانية وأثناء معرض "إيكسبو" الذى عُقد في مدينة سراجوسا الإسبانية عام 2008 احتل جناح جمهورية كازاخستان المركز الثالث وفى عام 2010 ومن خلال معرض شانغهاى أقبل ما يزيد على نصف مليون زائر على جناح كازاخستان. وأضاف صابر: إن إقامة معرض "إيكسبو" على أرض كازاخستان يعد شرفًا عظيمًا للبلاد وفى الوقت نفسه مسئولية جمة تلقى على عاتقها، سوف يتم افتتاح معرض "إيكسبو – 2017" في كازاخستان يوم 10 يونيو 2017 وسيستمر حتى 10 سبتمبر 2017 ووفقا للتقديرات الأولية فمن المتوقع أن يستقبل المعرض ما يزيد على 5 ملايين زائر (بمعدل 50 ألف زائر يوميًا) من 100 دولة و 10 منظمات الدولية، وستبلغ مساحة المعرض 113 هكتار منها 25 هكتار لشغل 93 جناح عرض، أما باقي المنطقة فسوف تخصص كمواقف للسيارات ولأغراض أخرى، ومن المخطط له أن تقوم الدولة بتشييد "مدينة إيكسبو" للمشاركين وتشمل عددًا من الوحدات السكنية تصل إلى 1050 وحدة و 15 فندقا تحت فئة 5 نجوم و 28 فندقا ما بين فئتي 3 و 4 نجوم. أما منطقة المعرض نفسه فستبلغ مساحة الجناح الكازاخى فيها 24 ألف متر مربع وسيصبح هذا الجناح رمزا للمعرض عامة.. وهناك بعض المساحات الأخرى ستصل كل منها إلى 4 آلاف متر مربع و سوف تخصص لأجنحة "عالم الطاقة " و"الطاقة للحياة " و"الطاقة للجميع " و"طاقتي المستقبلية "، وسوف يتم تخصيص مساحة 14 ألف متر مربع لعرض أنشطة مركز الفنون وفي هذا العام سيتم بناء أجنحة للشركات و مركزا المؤتمرات. ووفقا لنتيجة المسابقة المعمارية الدولية الخاصة بأفضل تصميم لمجمع المعارض "ايكسبو – 2017 " فقد وقع الاختيار على تصميم الشركة الامريكية "ادريان سميث اند جوردون جيل اركيتاكتشر" والتي تعد من الشركات المعمارية العالمية الرائدة من بين 49 تصميما طرحت للمنافسة. بدأت الشركة في التنفيذ والتي لها سابقة أعمال في العديد من المشاريع الكبرى في أنحاء العالم فهي التي صممت برج الخليفة في دبى (الإمارات) ومبنى "كينجدوم تاوير" في مدينة جدة السعودية، الذى يعتبر من أعلى مباني العالم. في ظل ذلك تم إنشاء الشركة الكازاخية تحت مسمى "شركة أستانا القومية ايكسبو – 2017" لتنفيذ هذا المشروع وأقرت جمهورية كازاخستان قانونا يقبل تعديلات في 8 بنود تشريعية تشمل قانون الميزانية وقانون الضرائب. علاوة على ذلك تم إنشاء 10 مكاتب عمل إعدادًا لإقامة المعرض ويعمل مكتب العمل الخاص بتنمية البنية التحتية و بناء منشآت المعرض تحت مظلة "شركة أستانا القومية" و تقوم وزارة الصناعة و التقنيات الجديدة في جمهورية كازاخستان باستخدام مصادر الطاقة المتجددة وجذب الاستثمارات وتنمية السياحة. وسوف يعود معرض "ايكسبو – 2017 " بالنفع الكبير على كازاخستان بما يفيد تنمية وتطوير البنية التحتية للعاصمة و خلق فرص العمل الجديدة و اعطاء دفعة قوية لتنمية المشاريع الصغرى والمتوسطة في العاصمة والمناطق المجاورة وذلك في مجال السياحة الداخلية والفندقة وخدمات السكان. إن الإنشاءات التي يتم تشييدها في إطار "ايكسبو – 2017" ستمهد مستقبلا في تحول أستانا لتكون ميدانا دوليا عريضا في مجال الإعلام و المعارض، وتنظر كازاخستان إلى هذا المعرض باعتباره فرصة مثلى لتنمية الحوار الخاص بضمان أمن الطاقة و البيئة و الاستقرار و الازدهار على الصعيد العالمي. وبعد انتهائه ستؤول ملكية منشآت المعرض إلى صندوق الاسكان في أستانا و من الهام أن تلك المنشآت سيتم بناؤها بطريقة حديثة تضمن لها إمكانية تفكيكها و تغيير هياكلها دون هدمها لأن تشييدها سوف يتم على أساس التصميم الاجتماعي والبيئي والاقتصادي الدائم.. الجزء الأكبر من الطاقة التي سيستهلكها زائرو المعرض سيتم الحصول عليه من مصادر الطاقة المتجددة ( طاقة الشمس و الرياح)، أما أجنحة المعرض فستستخدم فيما بعد كمكاتب ومعاهد للبحوث و العلوم و التقنيات و المختبرات العلمية. وبدأ من عام 2017 ستصبح مدينة ايكسبو نموذجا للحياة البيئية الجديدة. إن موضوع معرض ايكسبو - 2017 "طاقة المستقبل" سيساعد على جذب أفضل التقنيات العالمية في مجال الحفاظ على الطاقة و التطبيقات الجديدة في استخدام مصادرها البديلة كالشمس والرياح و مياه البحار والمحيطات و من المؤكد أن تصبح أستانا ساحة واسعة لعرض أحدث الاتجاهات و الدراسات العالمية في هذا المجال. واليوم كازاخستان على أهبة الاستعداد لعرض بعض المشاريع والدراسات الهامة والحديثة مع تطبيقاتها العملية والعملية. ويندرج تحت موضوع "طاقة المستقبل" المصادقة على أكثر الأساليب تقدما في مجال الاستفادة من الطاقة في المستقبل القريب وإدخال تطبيقاتها في الصناعة كشرط ضروري للتنمية المستديمة. ومن الأهداف الرئيسة لمشروع "طاقة المستقبل" المناداة بتوليد مشاعر الإدراك بالمسئولية تجاه المجتمع الدولي عن طريق المؤسسات و المنظمات والشركات والأفراد بغرض تكوين دراية تستوعب مدى تأثير استهلاك الطاقة على الحياة البشرية وكافة المخلوقات الحية على الكرة الأرضية، وتلك تعد مسألة هامة جدا حيث أن استهلاك مصادر الطاقة التقليدية في الإضاءة والتدفئة، ووسائل النقل يثير مشاعر عدم الثقة والخوف من انخفاض و استنزاف مواردها و انعكاس استخداماتها على صحة الناس و الأمن البيئي على كوكب الأرض. في هذا الصدد سيساعد معرض "ايكسبو – 2017 " على دراسة مصادر الطاقة من وجهة النظر العالمية والأخذ في عين الاعتبار المشاكل البشرية التي تخص ليس فقط ضمان صحة الناس ونقاء البيئة بل والإسراع في دفع عجلة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية. من الواضح أن إيجاد الحلول المناسبة لكل هذه المسائل يتعلق بكثير من العوامل بما فيها ضرورة أن يبدأ كل فرد بنفسه. يزداد تفهم العالم المعاصر تجاه مدى أهمية الدولة الكازاخية التي تقع على حدود أوروبا و آسيا و تساهم مساهمة بالغة في مجال تعزيز التعاون بين الدول التي تمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ. العلاقات الدولية في اطار الاتجاه العالمي "الغرب – الشرق"، والتي تتكون من الاتصالات الأطلسية بين الولاياتالمتحدةالامريكية و الغرب و العلاقات بين أوروبا و آسيا و التعاون متعدد الأطراف في منطقة المحيط الهادئ و آسيا – كل ذلك يشكل دائرة عالمية واسعة و لكن التعاون بين الاتحاد الأوروبي و دول آسيا يعتبر حتى الآن حلقة ضعيفة في الدائرة المذكورة، اختيار أستانا لاستضافة "ايكسبو – 2017" تخلق فرصا جديدة لتنشيط و تنمية التعاون بين الدول الأوروبية و الآسيوية. يسمح موضوع المعرض بإظهار أحدث التقنيات في مجال الطاقة صديقة البيئة و دراسة امكانات تطبيقها و استخدامها في الدولة الغنية بموارد النفط والغاز واليورانيوم.. وفى النهاية فإن الموقع السياسي الاستراتيجي لكازاخستان بالإضافة لسياستها الخارجية كل ذلك سيساعد على تعزيز التعاون مع الدول التي تقع غربا و شرقا من السهل الكازاخى.
