يان مارتل كاتب كندي من أصل إسباني، فاز بجائزة البوكر البريطانية عن أولي رواياته بعنوان "حياة باي" والتي حققت مبيعات عالية وتحولت لفيلم سينمائي بنفس الاسم حقق نجاحا جماهيريا.. حول الكتابة وعالمها..أجرى موقع ذا توك هذا الحوار.. ■ بسبب رواياتك ونهايتها يقول عنك البعض إنك راوٍ غير موثوق به.. هل تعتقد ذلك؟ - لم أفكر في هذا الأمر حقيقة. في كتاباتي أحاول دائما أن أترك مساحة للتأويل. وهذا – في رأيي- لا يعني أنني غير جدير بالثقة، ولكن يعني أنني شخص منفتح، في النهاية الكتابة اختيار، والفن بطبيعته اختيار. يجب أن يكون القارئ قادرًا على تأويله بالطريقة التي يريدها. في روايتي الأولى "حياة باى" البطل سرد قصتين، وهذه طريقتي المفضلة في الكتابة أن أترك للقراء حرية الاختيار، والتأويل. ■ قلت في حديث سابق إن "حياة باي قصة حقيقية.. وكل الفن الجيد حقيقي".. ماذا كنت تقصد؟! - ما قصدته أن "الحقيقة" تتجاوز مجرد الوقائع. في واقعنا الحالي نهتم كثيرًا بالحقيقة الواقعية، وأنا لا أقول إنها ليست مهمة، لكنها ليست كل شيء ونهاية كل شيء. في رأيي أن الحقائق هي نقطة البداية – في الحياة التي نعيشها اليوم.. كلنا يعلم أن الجاذبية حقيقة، ولا يمكننا إنكارها حسنًا ماذا تفعل بهذه الحقيقة؟ هذه بداية القصة.. سريعا ما ننسى هذه الحقيقة، أو نتركها خلف ظهورنا، ولكننا قد نلجأ إليها لتفسير الكثير مما يحدث في حياتنا.. وهذا هو مغزى قصة "حياة باي" كلما كان تفسيرك لما يحدث أكثر ثراءً، زادت ثراء قصتك. وهذه قيمة بحد ذاتها. ■ لذا هل تعتقد أن هناك طبقات مختلفة من الحقيقة؟ - هناك أنواع مختلفة من الحقيقة.. هناك حقائق واقعية، وحقائق عاطفية، وحقائق نفسية. الفن نوع من الحقيقة.. إنه يفعل شيئًا إيجابيًا، بالنسبة لي، يتناسب بطريقة ما مع الواقع ذات الحقائق الأكبر.. مفهوم الفن العظيم هو كل شيء عن الحقيقة، عن الوجود البشري. رؤيتنا لأنفسنا ورؤيتنا للمجتمع الذي تدور حوله القصص. ■ هل من الضروري تجميل الحقيقة من أجل كتابة قصة جيدة؟ - حسنًا، القصص هي مزيج من الحقيقة والخيال، أليس كذلك؟ لكن في النهاية،لا أحد يحب أن يقرأ قصة مملة.، ولا يوجد أي سبب لقراءة رواية مملة.. كلمة "تجميل" تجعلها تبدو وكأنها زينة أو زخرفة.. لا أعتقد أنه زخرفة. إنه ببساطة عملية انتقاء واختيار إعداد شخصيات حية ومواقف وأحداث غير عادية... هذه جزء لا يتجزأ من كتابة القصص. لا يمكن اختزال الأمر في التزين لأنه في النهاية لا يمكنك أن تزين شيئًا لايستحق الزخرفة. ■ هل كان رواية القصص تهمك دائمًا؟ هل كان لديك دائما خيال قوي؟ - قرأت الكثير في طفولتي، وفي سنوات مراهقتي، وسنواتي المبكرة. كانت القراءة إحدى الهوايات الأساسية في شبابي. أتذكر أنني كنت منبهرًا برواية" تل ووترشيب داون" للكاتب ريتشارد آدامز. الأفلام أيضًا يمكن أن تكون محفزا للخيال أيضًا، ولكنها تجربة أكثر سطحية من القراءة. لأن الشخص عند مشاهدة الأفلام هو شخص سلبي متلقٍ فقط على عكس القراءة. كما أن السينما متلاعبة للغاية إذا ركزت الكاميرا على الهاتف، فيمكنك المراهنة على أن هذا الهاتف سيصدر رنينًا،علاوة على أن السينما مهووسة بالحقائق المطلقة وربما التنميط. على عكس القراءة فهي طريقة رائعة للتعرف على العالم لقد زرت روسيا مرة واحدة فقط. كل ما أعرفه عن روسيا، حصلت عليه من تولستوي، دوستويفسكي، غونشاروف، غوغول، تورجينيف... لذلك، إنها طريقة رائعة للسفر، بمعنى ما. ■هل أثر السفر كثيرًا على كتابتك؟ - أفترض نعم في بعض النواحي. عشت في بلدان مختلفة، ورأيت أن هناك طرقًا مختلفة للحياة والعيش: لغويًا، وطبيعيًا، ومن حيث الملبس. ولكن عقلي كان منفتحًا من قبل بفضل المعلمين الجيدين الذين التقيت بهم في دراستي الأولى.