بين ماض عظيم وحاضر مؤلم، تبقى شامخة في وجه اندثار الدهر، مشعوذة بطبيعتها، تستحوذ على القلوب ببساطتها، جمال مفروش في الأفق، سحر في كل غروب وشفق، نيل هو سرها، طيبة مزروعة في أهلها، إنها بكل ببساطة.. النوبة. مهما تتابعت الكلمات، وتدفقت بالوصف والإطناب، لن تكفي وصف تفصيلة سهلة في عين سكانها، فلربما تكفي الصورة ولو على استحياء أن تصف عظمتها، وذلك ما عزم عليه المصور إسلام الشرنوبي بتنظيمه لمعرض صور للنوبة، تبرز بتفاصيلها البسيطة تفاصيل الحياة الساحرة في تلك الأرض المترامية أطرافها في أسفل خريطة مصر، ليسلط الضوء بصحبة المصوران نادر نبيل وسلمان حسام على أصالتها وبساطة أهلها وعظمة تراثها الباقي رغم اندثار الكثير من التقاليد والتراثيات المصرية على مر السنين. "النوبة مش للبيع، النوبة مش هتندثر، مصر الحقيقية هتفضل عايشة"، هكذا يصف الشرنوبي مشروعه الفوتوغرافي، الذي يهدف به لتجسيد معاناة أهل النوبة الأصليين بعد التهجير، وحنينهم لإمبراطورتيهم الماضية، مع إشعال فتيل عدسات الكاميرا ليصور التاريخ والطبيعة، ليتيح الفرصة لمن لايعلم ومن لم يزرها لمعرفة أسرارها، مستوحيًا فكرته خلال سفره للنوبة لتصويره فيلم "ليلتين شتا"، للمخرج خالد منصور، والصحفي محمد مهدي، المجسد بلقطاته حكاية أهل النوبة وواقعهم المتقلب بين جمال الطبيعة وحنين الماضي. المعرض يأتي تحت شعار "النوبة مش للبيع"، ويبدأ في السادسة من مساء غدٍ الإثنين، بمركز ربع السلام الثقافي بالحسين، على أن يكبر الحلم شيئًا فشيئًا حتى يتمكن من لفت انتباه الهيئات الثقافية والأثرية المعنية بالاهتمام بمثل تلك الحضارة، وإقامة عدة معارض أخرى بشكل أكبر وأشمل في المستقبل القريب.