شلبي: نسخة إمام عاشور بالزمالك أفضل من الأهلي.. نجوم الأبيض "الأحرف".. وسنفوز بالسوبر الأفريقي    انخفاض سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 8 يونيو 2024    رئيسة وزراء الدنمارك تتعرض للضرب في الشارع    4 شهداء و14 مصابا في قصف إسرائيلي شمالي غزة    عشرات القتلى والجرحى في هجمات على مقاطعتين أوكرانيتين ضمّتهما روسيا    البيت الأبيض: لا نسعى إلى صراع مع روسيا لكن سندافع عن حلف "الناتو"    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    كوت ديفوار تواصل انتصاراتها بتصفيات المونديال    رضا عبدالعال: «الجمهور جيه عشان محمد صلاح مش حسام حسن»    هل تعاقد الزمالك مع أشرف بن شرقي.. أحمد سليمان يوضح    إبراهيم حسن يعلق على لقطة «رقص» محمد صلاح مع الجماهير    الموعد النهائي.. نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة القليوبية (الرابط)    الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الأسبوع الجاري وموعد انخفاض الحرارة    محاور وكبارى حملت أسماء النجوم.. من عادل إمام وسمير غانم لمحمود عبد العزيز    أفضل 10 أدعية للعشر الأوائل من ذي الحجة    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    الحبس وغرامة 10 آلاف ريال.. شركات السياحة تحذر المصريين الزائرين بالسعودية    مقرر بالحوار الوطني: الإصلاح السياسي مفتاح النجاح الاقتصادي والمصريون في الخارج ليسوا مجرد مصدر للعملة    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2 مليون و232 ألف جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نائب محافظ القاهرة يتابع أعمال النظافة وإزالة الإشغالات بحي عين شمس    ميدو يعلن ظهوره ضيفا دائما فى برنامج الهدف مع إبراهيم عبد الجواد على أون سبورت    «صفقات سوبر ورحيل لاعب مفاجأة».. شوبير يكشف ملامح قائمة الأهلي الصيف المقبل    بولندا تهزم أوكرانيا وديا    محمود محيي الدين يلتقي البابا فرانسيس على هامش مبادرة أزمة الديون في الجنوب العالمي    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    انطلاق آخر بعثة حجاج الجمعيات الأهلية بالمنيا إلى الأراضي المقدسة.. صور    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 طائرات مسيرة وصاروخين مضادين للسفن    عمرو دياب وشيرين عبد الوهاب يشعلان حفل زفاف ابنة المنتج محمد السعدي (صور)    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    هيثم الحاج علي: 30 يونيو أرست العدالة الثقافية في مصر    إزاى محمد منير غنى "ياللى بتسأل عن الحياة" مجانا بفيلم أحلى الأوقات.. اعرف القصة    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    بيسكوف: "الخط الأحمر" بالنسبة لنا كان توجيه أوكرانيا ل"معادة روسيا"    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    خبير اقتصادي: طرح كبير بنهاية العام.. والمواطن سيشعر بتحسن    لخلافات بينهما.. مُدرس بالمعاش يشرع في قتل طليقته بالشرقية    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    بعد غياب 14 عام.. مصطفى شعبان يحسم الجدل حول عودته للسينما    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    أدعية ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى»    شاهد.. أحدث ظهور ل نيللي كريم بعد انفصالها عن هشام عاشور    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    أوقفوا الانتساب الموجه    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كرنك" نجيب محفوظ (2)
نشر في البوابة يوم 24 - 04 - 2019

إن كتابات نجيب محفوظ تشغل مكانًة مركزية فى الثقافة العربية، ليس فقط لأنها ترصد بطريقة فنية خلَّابة حالة المجتمع المصرى من الناحية الإنسانية والاجتماعية والسياسية خلال فترة ما بين الحربين الأولى والثانية، هذا المجتمع الذى كان قاطرة الحداثة فى المنطقة العربية، بل كذلك لأن محفوظ عرف كيف يبدع أنماطًا تتجاوز، فى الزمان والمكان، شخصيات مدينة القاهرة فى تلك الفترة؛ مما جعله يتوصل إلى تأسيس خيال روائى قادر على أن يكون بديلًا للواقع وبديلًا للتاريخ. غير أن الكاتب مهما كان عظيمًا، فإنه لا يتجاوز مقتضيات التاريخ، ولا مكوناته الرئيسية الأصيلة، ولا رؤى الطبقة التى ينتمى إليها فكريًا أو اجتماعيًا.
وفى حديث لنجيب محفوظ أجراه معه الكاتب عبدالعال الحمامصي، وضمه فى كتاب (هكذا تكلم نجيب محفوظ) يقول:
«أنا أنتمى أساسًا لثورة يوليو، ومنتمى للإصلاح الزراعى والعدالة الاجتماعية، وكل إنجازات ثورة يوليو البنَّاءة قريبة إلى وجداني. ولكن فى الوقت نفسه بجانب انتمائى لها أتناقض معها فى أمرين: سلبيات الذين أفسدوها عند التطبيق من جهة، ومن جهة أخرى عدم استكمالها بالديمقراطية، لذلك أنقد الثورة من موضع الانتماء لا من موضع الرفض، أنتقد اللصوص، أنتقد الاستبداد... ».
و«الكرنك» مقهى فى حى شعبى من أحياء القاهرة، تمتلكه «قرنفلة» امرأة جميلة تناهز الأربعين وهى راقصة متقاعدة، وزبائن المقهى مجموعة من الشبان والشابات والرجال والكهول والشيوخ وأصحاب المعاشات. إن القارئ الذكى بعد أن يفرغ من قراءة رواية نجيب محفوظ يستطيع أن يحكم بأن «مقهى الكرنك» هو البطل الأول والأخير فى الرواية، وذلك لأن الأحداث ما حدثت إلا فيه، وما اجتمعت شخصيات الرواية إلا فيه أيضًا، فداخل «الكرنك» دارت أحداث الرواية، وحتى ما لم يحدث داخلها لم نعرفه نحن إلا من خلالها، وذلك عندما تسترجع شخصيات مثل «إسماعيل الشيخ» و«زينب دياب» و«خالد صفوان» هذه الأحداث، وتحكيها بعد وقوعها عن طريق الذاكرة للراوي.
وإذا كانت أحداث رواية نجيب محفوظ تدور داخل مقهى، فإن «المقهى» شخصية رئيسية فى معظم أعماله، اختارها مكانًا لجلوس، ومعايشة الناس، والتأمل، فانعكس ذلك كله فى أعماله بصورة أو بأخرى. لم يُعْرَف عن نجيب محفوظ أنه دعا أيًّا من أصدقائه - حتى المقربين - لزيارته فى بيته. ظل بيته كقلعة حصينة لا يعرف أحد ما يجرى بداخلها، جعل المقهى بيتًا ثانيًا له، يجالس فيه أصدقاءه وتلاميذه ومريديه، وربما فضّل - فى بعض الأحيان - أن يجلس إلى نفسه يقرأ الصحف ويتأمل، أيضًا داخل «المقهى». يتذكر نجيب محفوظ دور «المقهى» فى حياته، فيقول:
«... المقهى يلعب دورًا كبيرًا فى رواياتي، وقبل ذلك فى حياتنا كلنا، لم يكن هناك نواد، المقهى هو محور الصداقة، البيوت لا تسمح بالزيطة، فى البداية اتسع لنا الشارع، حتى تجرأنا على المقهى، عرفت المقهى فى سن مبكرة، منذ أوائل الثانوية بفضل أحد الأصدقاء... المقاهى بالنسبة لى ذكريات لا تنتهي» (جمال الغيطاني، نجيب محفوظ يتذكر، دار المسيرة، بيروت، 1980، ص ص 88، 90 ).
إن نجيب محفوظ عندما ينتقى اسم مسرح أحداث الرواية «مقهى الكرنك» ثم يقوم بتسمية الرواية ب«الكرنك» تستطيع أن تفطن إلى أن هذا العنوان قد جاء منه عن عمد، ذلك لأن نجيب محفوظ استمد هذا الاسم «الكرنك» من التسمية التى تُطْلَق على معبد أثرى كبير، ويمثل معبد «الكرنك» شاهدًا على حضارة مصر وأصالتها على مر التاريخ. إن «الكرنك» هو عبارة عن مسمى رمزى يقصد به نجيب محفوظ الاسم الأكبر «مصر»، وعلى هذا فقد لمسنا ما اشتمل عليه العنوان من تصدر لبطولة العمل، ودلالة على هويته المكانية. ففى المقهى تتجمع متناقضات متعددة، وأشخاص مختلفون، وفيه تحدث مفارقات الحياة كلها، وبه يلتحم الجميع التحامًا تامًا، لا ينفصل عنهم ولا ينفصلون عنه، بل هو تحليل للعلاقة الوطيدة بين ماضى الشعب وحاضره، ومنه تنبعث كل الحركات النضالية، مجسدة فى زينب دياب وإسماعيل الشيخ. والمقهى هنا برمزيته الواضحة يعطى مدلولًا عميقًا لحدود واقع الشعب السياسى والاجتماعى والفكري، إذ يبدو المقهى وسيلة مهمة للكشف عن بواطن الشخصيات وسلوكها، وقد حدد محفوظ إيحاء المقهى الرمزى على لسان البطل الروائى فى الرواية، بقوله:
«وقلت اللهم إنى أحب هذا المكان، القهوة فاخرة والماء نقى عذب والفنجان والكوب آيتان فى النظافة، عذوبة قرنفلة، وقار الشيوخ، حيوية الشباب، جمال الفتاة... وثمة عناق حار بين الماضى والحاضر، الماضى العذب والحاضر المجيد» (الكرنك، ص 4).
وفى موضع آخر يتحدث نجيب محفوظ عن «مقهى الكرنك»، قائلًا:
«ومن أسراره أيضًا أنه كان - وما زال - مجمع أصوات عظيمة الدلالة، تفصح نبراتها العالية والخافتة عن حقائق التاريخ الحى» (الكرنك، ص 10).
قسَّم نجيب محفوظ الرواية إلى أربعة فصول، كل فصل معنون باسم البطل الذى يدور عنه الحديث فى هذا الفصل (قرنفلة، إسماعيل الشيخ، زينب دياب، خالد صفوان). وهذا التقسيم حسب الأشخاص انتهجه محفوظ فى كثير من رواياته؛ إن لم تكن كلها، فهو الأسلوب المتبع فى «حديث الصباح والمساء»، و«حكايات حارتنا»، و«أولاد حارتنا»، وغيرها. اختار محفوظ ذلك التقسيم لأن هدفه فكري، ومادته قضايا حول الحرية والكرامة والوطنية والشرف، فليس الهدف الأساسى متمثلًا فى الأحداث المشوقة المعتمدة على السرد، بل فى الأفكار والآراء والمواقف التى يناسبها الحوار، ولهذا قامت القصة فى معظمها على الحوار. وقد أدى به ذلك أن يجعل مكانها محدودًا بمقهى الكرنك، لأن من طبيعة المقهى أن يضم أشتاتًا من الناس فى أفكارهم وأعمارهم واتجاهاتهم ومواقفهم وطباعهم وسلوكهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.