يحيي العالم غدا الجمعة، اليوم العالمي للإيدز 2017 تحت شعار "صحتي.. حقي"؛ حيث يهدف الاحتفال إلى ترسيخ فكرة أن لكل شخص الحق في العيش بصحة بصرف النظر عمّن هم أو أين يعيشون، التي تعتمد أيضا على المرافق الصحية الملائمة والإسكان، والطعام المغذي، وظروف العمل الصحية، والوصول إلى العدالة. كما يدعم الحق في الصحة مجموعة أوسع من الحقوق المرتبطة بها. إن القضاء على الإيدز (متلازمة نقص المناعة المكتسبة) بوصفه تهديدا للصحة العامة لا يمكن أن يحدث إلا إذا وُضع الحق في الصحة في مركز الاهتمام الصحي العالمي، وهذا من شأنه أن يحسن نوعية العناية الصحية المتاحة للجميع ولا يخلف أحدا وراءه. وترتبط جميع أهداف التنمية المستدامة تقريباً، بطريقة ما بالعامل الصحي؛ وذلك حتى يتم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي منها القضاء على وباء الإيدز. والإيدز أو "متلازمة نقص المناعة المكتسبة"، هو عبارة عن حالة مرضية تصيب الجهاز المناعي للإنسان، وينتج بشكل أساسي عن فيروس يُعرف بنقص المناعة البشرية "اتش آي في #### HIV#### ويسبب الإيدز حدوث خلل في وظائف وفاعلية الجهاز المناعي بشكل تدريجي، ما يجعل المصابين به معرضون للإصابة بأنواع مختلفة من الأورام والعدوى الانتهازية. وينتقل المرض عن طريق الاتصال المباشر بين مجرى الدم أو الغشاء المخاطي للإنسان، وبين السائل الجسدي الذي يحتوي على ذلك الفيروس؛ مثل: الدم أو لبن الرضاعة الطبيعية. وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية عن فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب لعام 2017، إن 19.5 مليون شخص حصلوا على العلاج المضاد للفيروس في عام 2016، وأن 36.7 مليون شخص على الصعيد العالمي كانوا مصابين بالفيروس في عام 2016، أضيفت لهم في نفس العام الماضي 1.8 مليون إصابة جديدة، وأن مليون شخص توفوا بسبب الأمراض المرتبطة بالإيدز في العام الماضي، وأن 76.1 مليون شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية منذ بداية الوباء، وتوفي 35.0 مليون شخص بسبب الأمراض المرتبطة بالإيدز منذ اكتشافه. وقد أطلق برنامج الأممالمتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز تقريراً جديداً يبين أن الحصول على العلاج قد ارتفع بزيادة كبيرة؛ ففي عام 2000، كان هناك 685 ألف شخص مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية يحصلون على العلاج المضاد للفيروسات. وبحلول يونيو 2017، كان بإمكان حوالي 20.9 مليون شخص الحصول على الأدوية المنقذة للحياة. ولم يكن من الممكن تحقيق مثل هذا التوسع الهائل دون شجاعة وتصميم المصابين بالمرض للحصول على حقوقهم، أو دون دعم قيادة ثابتة وقوية والتزام مالي. ويُعتبر اليوم العالمي لمكافحة الإيدز مناسبة سنوية عالمية يتم إحياؤها في 1 ديسمبر من كل عام؛ حيث شددت الجمعية العامة للأمم المتحدة على أهمية إحياء هذه المناسبة في قرارها 15/34 عام 1988 بتخصيص هذا اليوم لإحياء المناسبة والتوعية من مخاطر مرض الإيدز ومخاطر انتقال فيروس "اتش آي في" المسبب له، عن طريق استعمال أدوات حادة ملوثة أو ممارسة جنسية دون اتخاذ طرق وقاية مناسبة أو عبر استعمال معدات وأدوات طبية ملوثة، بجانب التوعية بطرق التعامل السليم والصحيح مع المصابين بالمرض أو الحاملين للفيروس الناقل له حيث يعاني العديد منهم سواء من التمييز وأحيانا الاضطهاد لكونهم مصابين. ويعتبر مرض الإيدز من الأمراض الخطرة، كما أن معدلات الإصابة به لا تزال مرتفعة خاصة في دول العالم النامي. وقد قال المدير التنفيذي لبرنامج الأممالمتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، ميشال سيديبي - في رسالته بهذه المناسبة - "في هذا اليوم العالمي للإيدز، نسلط الضوء على أهمية الحق في الصحة والتحديات التي يواجهها الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية والمتأثرون به في الوفاء بهذا الحق. والحق في الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان - لكل شخص الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه، على النحو المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولن يحقق العالم أهداف التنمية المستدامة - التي تشمل هدف إنهاء الإيدز بحلول عام 2030 - دون حصول الناس على حقهم في الصحة". وأضاف سيديبي: "إن الحق في الصحة مرتبط بمجموعة من الحقوق الأخرى، بما في ذلك الحق في المرافق الصحية والغذاء والسكن اللائق وظروف العمل الصحية والبيئة النظيفة. ويعني الحق في الصحة عدة أشياء مختلفة: ألا يتمتع أي شخص بحق أكبر في الرعاية الصحية من أي شخص آخر، وأن تكون هناك هياكل أساسية كافية للرعاية الصحية؛ وأن تكون خدمات الرعاية الصحية محترمة وغير تمييزية؛ وأن الرعاية الصحية يجب أن تكون ملائمة طبيا وذات نوعية جيدة". وتابع سيديبي: "لقد شهد هذا العام خطوات هامة على الطريق نحو تحقيق هدف العلاج من أجل القضاء على الإيدز بحلول عام 2030. ويعيش الآن نحو 21 مليون شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية بصورة طبيعية، كما أن الإصابات الجديدة بالفيروس والوفيات المرتبطة بالإيدز آخذة في الانخفاض في أجزاء كثيرة من العالم. ولكن يجب ألا نكتفي بذلك. ففي أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، ارتفعت الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية بنسبة 60% منذ عام 2010 والوفيات المتصلة بالإيدز بنسبة 27%. ولا تزال أفريقيا الغربية والوسطى تتخلف عن الركب، اثنان من كل ثلاثة أشخاص لا يحصلون على العلاج. ولا يمكن أن يكون لدينا نهج ذي سرعتين لإنهاء الإيدز. وبالنسبة لجميع النجاحات، لم ينته الإيدز بعد. ولكن من خلال ضمان أن الجميع، في كل مكان يصل حقهم في الصحة، يمكن أن يكون". وقد كشف تقرير جديد من برنامج الأممالمتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، الحق في الصحة بوصفه مفتاح إنهاء الإيدز، وأكد أنه يجري إحراز تقدم ملحوظ بشأن علاج الفيروس نقص المناعة البشرية، وأن فرص الحصول على العلاج قد ارتفعت ارتفاعا كبيرا. كما قدم التقرير أمثلة مبتكرة عن كيفية استجابة المجتمعات المهمشة. فجنوب أفريقيا لديها أكبر برنامج علاج منقذ للحياة من الإيدز في العالم، يضم أكثر من 4 ملايين مريض. وقال سيندي مغوي، ممثل المجتمع المدني في جنوب أفريقيا، إنه "منذ ما يقرب من 20 عاما، كان النضال حول الحصول على العلاج. الآن، كفاحي ليس فقط حول الوصول للعلاج ولكن عن ضمان أن لدي الدعم الذي أحتاجه للعيش حياة صحية وإيجابية. هذا هو حقي في الصحة". كما أشار التقرير إلى أنه في عام 2016، كان حوالي 1.8 مليون شخص مصابين حديثا بفيروس نقص المناعة البشرية، أي بانخفاض قدره 39% عن العدد الذي بلغ 3 ملايين شخص في ذروة الوباء في أواخر التسعينات. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، انخفضت الإصابات الجديدة بالفيروس بنسبة 48% منذ عام 2000. غير أن الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية آخذة في الارتفاع بوتيرة سريعة في البلدان التي لم توسع نطاق الخدمات الصحية. ففي أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، على سبيل المثال، ارتفعت الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية بنسبة 60% منذ عام 2010 والوفيات المتصلة بالإيدز بنسبة 27%. ويوضح تقرير "الحق في الصحة" أن للدول التزامات أساسية في مجال حقوق الإنسان باحترام الحق في الصحة وحمايته وإعماله. وترد الإشارات إلى الحق في الصحة في القوانين والمعاهدات الدولية والإقليمية وإعلانات الأممالمتحدة والقوانين والدساتير الوطنية في جميع أنحاء العالم. والحق في الصحة معرف في المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بوصفه الحق لكل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه. ويشمل ذلك حق كل فرد، بما في ذلك الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية والمتأثرون به، في الوقاية والعلاج من سوء الصحة، واتخاذ القرارات المتعلقة بصحة الشخص، ومعاملته باحترام وكرامة ودون تمييز. وأخيرا، لفت التقرير إلى أن ضمان الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، وزيادة التمويل اللازم للاحتياجات الصحية، وتعزيز التمويل لقطاع الصحة بما في ذلك زيادة حصة الإنفاق الصحي كنسبة من الاقتصادات الوطنية، بما يحقق وفورات من خلال تحقيق الكفاءة والشراكة مع القطاع الخاص؛ جميعها عوامل تساهم في الحد من الإصابة بالمرض. وتُقدر الفجوة التمويلية لفيروس نقص المناعة البشرية ب7 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2020. وقد وضع برنامج الأممالمتحدة لمكافحة الإيدز خططا للاستجابة السريعة لفيروس نقص المناعة البشرية بحلول عام 2020 من أجل إنهاء وباء الإيدز باعتباره تهديدا للصحة العامة، وسيواصل البرنامج العمل عن كثب مع الجهات الراعية والشركاء لضمان أن حصول الجميع في كل مكان على حقهم في الصحة، والخدمات الصحية والاجتماعية التي يحتاجونها.