■ «قتل عمد» لمرضى الفشل الكلوى.. والمصابون بالسرطان لا يجدون «الكيماوى» ■ الأمين العام ل«الصيادلة»: يجب استجواب وزير الصحة أمام البرلمان لمسئوليته عن تلك الأزمات يبدو أن أزمة نقص المحاليل الطبية تعود من جديد تحت وطأة غلاء الأسعار وارتفاع سعر الدولار. وخاطبت النقابة العامة للأطباء كلا من المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، والدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة، والدكتور مجدى مرشد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب، بشأن «النقص الشديد» للأدوية والمحاليل بالمستشفيات، ووصفت نقابة الصيادلة الأزمة ب«القتل المتعمد» لمرضى الفشل الكلوى والأورام والطوارئ ومرضى أقسام العناية. وقالت النقابة فى الخطاب إنها تلقت العديد من الشكاوى من مستشفيات حكومية وخاصة ومراكز غسيل كلوى بشأن العجز الشديد فى المحاليل الطبية، والاضطرار لشراء هذه المحاليل بأضعاف ثمنها، مؤكدة أن المحاليل غير متوفرة سواء من السوق السوداء أو لدى أى مصدر آخر، بما يهدد حياة المرضى. وأضافت النقابة «أن أزمة المحاليل مستمرة منذ حوالى 3 شهور، دون وجود فهم أو تحليل أسبابها، وبالتالى دون طرح أى حلول لها، بل على العكس نراها تتفاقم وسط استغاثات المرضى والأطباء. وطالبت بمراجعة كل العوامل التى تؤدى للأزمة ومنها كمية الإنتاج مقارنة بالاحتياجات الفعلية وطرق علاج توقف بعض الشركات المنتجة للمحاليل، قائلة «هذا بالإضافة إلى طرق التوزيع وكيفية وصول المنتج للمستشفيات الحكومية والخاصة ومراكز الكلى الحكومية والخاصة، والكمية المخصصة لكل شركة من شركات التوزيع وكيفية تصرف هذه الشركة فى الكميات المخصصة لها». حدد التقرير الذى أرسلت «الأطباء» نسخة منه إلى رئاسة الوزراء ووزير الصحة ومجلس النواب، بدايات الأزمة حتى ما آلت إليه، مشيرة إلى ارتفاع سعر «محلول الملح» من 3 جنيهات إلى 4 جنيهات ونصف، ثم إلى 10 جنيهات، ومن بعدها إلى 12 جنيهًا، أى بنسبة 400٪، وأنه يتم بيعه فى بعض الصيدليات ب15 جنيهًا، حتى أصبح سعر الكرتونة يتراوح بين 220 و250 جنيهًا، بدلًا من 80 جنيهًا.. وهو ما يهدد حياة أكثر من 60 ألف مريض بالفشل الكلوى. وأكدت أن جلسات غسيل الكلى للمرضى ليست وحدها التى تعطلت من ارتفاع الأسعار الجنونى، حيث تأثرت أيضًا جلسات فصل البلازما التى قد يحتاجها المرضى المصابون بأمراض مناعية حادة فى الكلى أو مرضى الرفض الحاد لزراعة الكلى، حيث أصبح سعر فلتر فصل البلازما 1500 جنيه بدلًا من 1000 جنيه خلال الخمسة أشهر الماضية، بعد أن ارتفع سعر الدولار من 7 جنيهات إلى أكثر من 13 جنيهًا بالسوق السوداء. وتعد المحاليل الطبية العنصر الأساسى لعلاج مريض الفشل الكلوى، وبدونها لا يمكن تقديم جلسة الغسيل الكلوى الدموى للمريض. ورصد تقرير «الأطباء» أسعار جلسة الغسيل الكلوى، مشيرا إلى أن فلتر الغسيل وصل سعره العام الحالى إلى 61 جنيها، بعد أن كان سعره يتراوح بين 45 و55 جنيهًا، وأمبول الهيبارين الذى يحتاج المريض أمبولين منه وصل إلى 7 جنيهات بعد أن كان سعره 5 جنيهات، وعبوة محلول «الديليز» ارتفعت من 45 جنيهًا إلى 60 جنيهًا، أما محلول الملح أو الجلوكوز الذى يحتاج المريض إلى عبوتين منه فى الجلسة فقد ارتفع من 4 جنيهات إلى 12 جنيهًا، وأخيرًا ماكينة الغسيل الكلوى التى ارتفعت رسوم استخدامها من 90 ألف جنيه إلى 115 ألف جنيه. وأضاف التقرير أن استمرار السعر الحالى لجلسة الغسيل الكلوى البالغ 140 جنيهًا، قد يدفع أصحاب المراكز الخاصة إلى الإغلاق نهائيًا بسبب نقص المحاليل الطبية والأدوية والفلاتر، كما يدفع المراكز إلى تحصيل مبالغ مالية ضخمة من المرضى نتيجة لرفع الأسعار، فضلًا عن استخدام فلاتر صغيرة الحجم للتوفير فى ارتفاع المستهلكات أو الرجوع إلى استخدام محلول الغسيل «الاسيتات» بدلًا من «البيكارب» لتوفير النفقات، مشيرًا إلى أن النقابة تلقت العديد من الشكاوى بهذا الشأن من وحدات الغسيل الكلوى. وكانت الأزمة بدأت بعد قيام وزارة الصحة بإغلاق «مصنع المتحدون» أحد المصانع الخاصة المنتجة للمحاليل الطبية بسبب تسمم ووفاة 6 أطفال بمحافظة بنى سويف نتيجة حقنهم بمحاليل طبية منتهية الصلاحية. ويصل حجم استهلاك السوق المحلية من المحاليل الطبية إلى 120 مليون عبوة سنويا وكان المصنع المغلق ينتج ما يقرب من 60٪ من الإنتاج، مقابل 40٪ لشركتين حكوميتين تابعتين للشركة القابضة للصناعات الدوائية، ومصانع أخرى. ورصد تقرير الأطباء استغلال شركات تلك الأزمة وقامت بتخزين المحاليل «لتعطيش السوق»، وبالتالى رفع سعره عن طريق وجود حلقات وسيطة تخزن المحاليل ثم تبيع تلك المحاليل فى السوق السوداء بأسعار مرتفعة، سواء كانت هذه الحلقات شركات توزيع أو مخازن أو غيرها، وربما يكون ذلك أحد أسباب نقص المحاليل وعدم قيام شركات الأدوية بتوريد كميات المحاليل التى تم التعاقد عليها بحجة ارتفاع أسعار المواد الخام وتوقف خطوط الإنتاج بسبب أزمة «الدولار». وقال محيى عبيد، نقيب الصيادلة، إن الحل بعيد المدى هو إنشاء مصنع للتحاليل، وبالفعل وافقت محافظة سوهاج على تخصيص 40 ألف متر بالمنطقة الصناعية بغرب طهطا لصالح نقابة الصيادلة لإقامة مصنعين لإنتاج المحاليل الطبية وإنتاج ألبان الأطفال، وبدورها وافقت هيئة الاستثمار على منحنا قطعة أرض وسيتكلف المصنع مبدئيا 120 مليون جنيه. واستكمل أنه بإنشاء ذلك المصنع سيتم حل أزمة السوق المصرية، خاصة فى المستشفيات الحكومية، موضحا أن النقابة تسعى لسد العجز فى أقرب وقت ممكن عبر إنشاء مصنع جديد، وسيتم تمويل المشروع بالكامل من أموال الصيادلة. وطالب بعودة خط إنتاج مصنع «المتحدون» من جديد، وقيام الحكومة بأخذ عينة من إنتاجه المُصادر وإذا كانت صالحة للاستخدام توزعها على السوق لحل الأزمة. وقال أحمد فاروق، الأمين العام لنقابة الصيادلة، إن «نقص المحاليل الطبية» أهون الأزمات التى تواجهها سوق الدواء، موضحا أن هناك أزمات طاحنة أدت إلى وفاة الكثيرين. وأضاف أن قضية نقص الدواء ليست سلعة بل أمن قومى يجب الحفاظ عليه. واستكمل أن هناك نقصًا فى حقن «الآر إتش» لحماية الأجنة من الأنيميا الناتجة عن تكسير كرات الدم الحمراء أثناء الولادة، ونقصها يعرض ملايين الحوامل للإجهاض، وتلك جريمة قتل متعمد من القائمين على أمر الصحة فى مصر، بالإضافة إلى اختفاء أمصال ولقاحات وأدوية لمرضى الكبد. وطالب فاروق باستجواب أحمد عماد وزير الصحة أمام مجلس النواب، لمسئوليته الكاملة عن هذا الأمر، وتشكيل لجنة تقصى حقائق لمعرفة من يحتكر السوق وكشف فساد غلق «شركة المتحدون» وما تلاها من أزمات، بالإضافة إلى تجاهل توفير قطعة لمصنع «النيل» الذى توقف خط إنتاج التحاليل به، متسائلا «لأجل من يتم إيقاف تلك المصانع، وعلى من شجع الاحتكار أن يتم محاسبته من قبل نواب الشعب».