التفريقُ بين البنا وسيد قطب خرافةٌ إخوانيةٌ! لما بدأ بعض الناس يستبشع ما كتبه سيد قطب وما حوته كتبه من تكفيرٍ للمجتمعات ومن دعواتٍ للتكفير وما تؤدي إليه من إرهابٍ وتفجير ، أخذ الإخوان المسلمون يرددون خرافةً مفادها: أن فارقًا كبيرًا بين قطب والبنا، وأن الأخير هو من يمثل الإخوان دون الأول، في حين أن الحقائقَ التاريخية والعلمية تثبتُ ألا فارق البتّة بين البنا وقطب، وقد كان سيد عضوًا فاعلًا في الإخوان ومسئولَ ملفِ الدعوةِ فيها في عهد المرشد الهضيبي، والذي قال عنه كما نقلته زينب الغزالي أنه : “,”لا يعرف للأستاذ سيد قطب فكرًا يخالف فكر الإخوان المسلمين“,” . وأولُ من ابتدع تلك الخرافة كان الأستاذ / فريد عبد الخالق حين كان عضوًا في مكتبِ الإرشاد في أواخر الثمانينيات، وذلك حين ظهرت جماعة الجهاد بأفعالها الإجرامية والإرهابية، وانتهاجها للعنف والإرهاب ، وكانت الجماعة تعلن على الملأ أنها تستقي أفكارها والتي ينتج عنها أفعالها من كتب قطب، وهو ما أحرج الجماعة الأم- الإخوان المسلمين- والتي كانت تتسترُ دائمًا برداء السلمية زاعمةً أنها جماعةٌ دعويةٌ لا تعرفُ الإرهابَ أو العنفَ، فظهرتْ جماعةٌ تتبعُ فكرَ عضوٍ بارزٍ من أعضاءِ الإخوان وتقوم بأعمال الإرهاب والعنف، فأراد عبد الخالق أن ينفي عن الجماعة الحرجَ والتهمةَ وحتى لا تتحمل الجماعة تبعات أفعال تنظيم الجهاد، ويحسب عليها أفعالهم، أو تنسب الجماعة إلى الإرهاب أو ينسب الإرهاب إليها، فتفتق ذهن عبدالخالق عن فكرة خبيثة، فأصدر بصفته عضوًا في مكتب الإرشاد أمرًا لرجلين من الإخوان أحدهما قطري الجنسية صهيوني الهوى يدعى: يوسف القرضاوي، والآخر أردني يدعى: يوسف العَظُم بأن يكتبا عن التكفير في فكر سيد قطب والتحذير منه، وبذا يخرج الإخوان من تبعة أفكار سيد حتى لو كانوا يؤمنون بها، فهم وعلى مرأى ومسمع من الناس يتبرءون من فكر قطب وينددون به. كان عبد الخالق في ذلك مستخدمًا مبدأ التقية الإخوانية الذي أسسه البنا وهو أن تعلن خلاف ما تبطن حتى لا ينصرف الناس عنك إن عرفوا حقيقتك. ومستخدمًا في ذلك أيضًا آليات الفكرِ الحركي والذي لا يمانع من الإنكار على شيءٍ تعتقده صحيحًا من أجل خداعِ الناس. وأما قطبُ نفسه فكان يعترفُ بأنه على فكرِ البنا وأنه أيقونةُ البنا ومحيي فكرَه من جديد! ولم يكن ينكرُ أبدًا أنه يسيرُ على خطى البنا، ولم يكن يزعمُ أن خلافًا ما بين فكره وفكر البنا، بل كان يصرحُ في كتاباته وكلماته بأن الإسلام توقف من الوجود منذ عهدِ الخلافة الراشدة وظل العالمُ بلا إسلامٍ هذه القرون حتى جاء البنا فأنشأ جماعته فأنشأ بها الإسلام من العدم! وكان قطبُ يعتبر نفسه أيقونةَ البنا وتلميذَه وناشرَ فكره في الخافقين، وأن كل ما كتبه ما هو إلا تعبيرٌ وصياغةٌ لعقيدة البنا التي لم يكتبها، بل ويُرْجِع سبب محنة الجماعة في الخمسينيات والستينيات إلى انحرافها عن فكر البنا الذي يمثله هو ، وأن الجماعةَ لن تعود إلى ما كانت عليه إلا إذا تبنت ما يكتبه قطب لأنه في الحقيقة ليس إلا ما كان يعتقده البنا. وعليه فما يردده البعضُ عن وجود الصقور والحمائم داخل الجماعة أو وجود ما يسمى ب“,”التيار الإصلاحي“,” داخل الجماعة ليس إلا محض خرافة إخوانية يرددها الإخوان أنفسهم لتجميل وجه الجماعة. ولكن الحقيقة التي لا محيص عنها ولا فرار منها أنهم كلهم قطبيون يا عزيزي! حتى البنا نفسه كان قطبى الفكر والهوى.