نُشر بكتاب "فاتن" تأليف طارق الشناوي، إحدى مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي السابع والثلاثين 2015، برئاسة ماجدة واصف، مقال للكاتب الكبير يوسف إدريس بعنوان "فاتن حمامة عبقرية سينمائية" ويقول إدريس بمقاله: "تأمل أي صورة لفاتن حمامة أو شاهد لها أي فيلم وثق أنك من أول لحظة ستقف إلى جانبها وتتحمس لها، لا لجمالها وأناقتها ولا لأى اعتبار يتعلق بالجنس أو الإشارة ففاتن ليست من ممثلات الجنس ولكنها في رأيى من ممثلات نوع آخر، ممثلات العطف. الشخصية التي ظهرت بها فاتن في افلامها ولاقت نجاحا مدويا، هي شخصية الفتاة الضعيفة التي تحيا في ظل ظروف قاهرة اقوى منها ومن كل قدراتها وحيلها الشخصية التي لا تؤذى أحدا ولكن الناس والمقاي هي التي تجور عليها، وكل ما تفعله حينئذ أن تتألم أمام المتفرجين لتجسيد مأساتها، شخصية لا تطارد ظالما حتى تقهره، ولا تجرى وراء قضية وتصر حتى تكسبها، ولكنها تظل طوال الرواية كالعجينة التي تنغرس فيها الأحداث وتعتصرها المواقف وتسحقها الأقدام ولهذا فهى دائما مريضة أو يتيمة أو تعانى من زوجة أب دائما شهيدة تتعذب كفقراء الهنود على مسامير كتاب السيناريوهات والقصص. وقد يقول البعض إن فاتن لا ذنب لها في شخصية كهذه فهى تؤدى ما يعهد اليها به من أدوار وهذه صحيح لو كان هذا قد حدث في رواية واحدة أو دور واحد. ولكن هذه الشخصية هي الشخصية التي تظهر بها فاتن في السينما وفى كل ادوارها حتى دورها الناجح في «دعاء الكروان» كان من نفس اللون شخصيته قد أصبحت طابعا لها مثلما أصبح النواح طابعا لفريد الأطرش في كل أغانيه حتى المرحلة منها. والحقيقة التي لا جدال فيها أن فاتن قد برعت في أداء هذه الشخصية براءة دفعت الكل للإجماع على أنها ممثلتنا الأولى بلا منازع، ولكن فن التمثيل ليس هو فن أداء الأدوار والشخصيات وتجسدها بكامل أبعادها. الدور المكتوب في أي رواية ليس إلا مجرد قوس يرسمه المؤلف.. والممثل الموهوب هو القادر على أن يكمل القوس ويجعل منه دائرة تحيط بالشخصية كلها من أصغر تصرفاتها إلى أعنفها. فاتن ترسم الأقواس المكتوبة ببراعة منقطعة النظير ولكنها تظل أقواسا بل تتشابه لتصبح في النهاية قوسا واحدا أو شخصية واحدة ظهرت بها فاتن في السينما وظلت تتذبذب حولها... قد تختلف ولكنها أبدا لا تتغير فهى دائما فاتن التي تحب المأساة وتحمل هموم الدنيا في صدرها.. والغريب أنها شخصية مختلفة تماما عن شخصيتها الحقيقية، فهى في الحياة إيجابية منطلقة تلعب البريدج وتكسب وتريد الشىء وتناله وتختار الشخص وتتزوجه، ولكنها في أفلامها لا تختار ولا تنطلق ولا تثور ولا رأيتها مرة ضتحك ضحكة صافية من أعماق قلبها.. اللهم إلا دورها في فيلم «يوم سعيد» الذي أدته وهى طفلة ببراعة منقطعة النظير وبكل نزق الأطفال وعفرتتهم ومكرهم.. أما أدوارها كلها وهى كبيرة.. والعطف ليس عيبا ولكنه طريق سهل الاثارة المتفرجين واثارة العطف وحده.. مثلها مثل اثارة الضحك وحده أو الجنس وحده.. زوايا واحدة وكما أن النظر إلى الحياة من خلال زاوية واحدة خطأ، فكذلك تجسيد الحياة دراميا من خلال عاطفة واحدة خطأ أكبر. فاتن عبقرية سينمائية ولكن لماذا هذه النظرة المستدرة للعف لماذا هذا اللعب على شفقة المتفرجين، لماذالا تؤثر في الناس عن طريق حركتها في خلق الشخصية بدلا من التأثير عن طريق ما تقاسيه وتعانيه، لماذا لا تترك التمثيل بكل ضعفها كامرأة وتمثل بكل قوتها وكامرأة أيضا".