أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الشخصي للشباب أحمد الهنداوي على أن الإرادة السياسية في أية دولة بالعالم يجب أن يوازيها فعل حقيقي لدعم الشباب والاستثمار فيهم وإعادة الاعتبار لهم، ليكونوا قادرين على تحقيق ذاتهم والعيش بشكل فاعل. وقال الهنداوي، في تصريح له، اليوم الأربعاء،:"لا يمكن إحداث تنمية حقيقية وسلام وأمن أهلي إلا من خلال دمج الشباب بشكل إستراتيجي في مجتمعاتهم..لا مفر من أن يكونوا فاعلين في الشأن العام". وأضاف:"لا يوجد مخرج من أزماتنا اليوم بدون العمل مع الشباب ومن أجلهم، وأن يلعبوا دورهم الحقيقي وألا يدعوا الخضات التي حصلت أن تنال من عزيمتهم"..لافتا إلى أنه وبالرغم من أن كثيرا من الشباب العربي بات محبطا بسبب البطالة والنزاعات الدائرة في المنطقة وما يشاهده من أخبار دم وقتل وتطرف ؛ إلا أن الشريحة الأوسع منهم راغبة في غد أفضل للمنطقة وتوافر فرص عمل حقيقية وتعليم لائق كي يكونوا مواطنين حقيقيين وأن تحترم مواطنتهم وحقوقهم وواجباتهم". ونبه إلى أن الشريحة الأوسع في تنظيم (داعش) الإرهابي هي من الشباب حيث يتم التغرير بهم إما لأنهم حاصلون على تعليم سلبي أو يعانون من البطالة أو من ظروف اقتصادية صعبة، مستشهدا في هذا الصدد بمقولة الأمين العام "إن الرصاص والفعل العسكري يقتل الإرهابيين ولكن التعليم والتنمية الحقيقية وتوفير فرص عمل تقتل الإرهاب". وقال مبعوث الأمين العام "إن ما نقوله اليوم هو أن الحل العسكري ربما يستطيع الحد من الإرهابيين، ولكن الحد من الإرهاب - وهذه رسالتنا إلى منتدى عمان - لا يمكن تحقيقها إلا بالعمل وتحقيق التنمية وتوفير فرص حقيقية وتجفيف تمويل منابعه"، مشددا في الوقت ذاته على أن الحل الأمني والعسكري مطلوب لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي. وعن ثورات الربيع العربي التي أطلق شرارتها الشباب، أجاب الهنداوي "إنني كنت شاهد عيان على العديد من حركات الشباب الذي خرج للمطالبة بحقه في مستقبل أفضل إلا أن بعض الدول لم تستوعب الدرس وبعضها خذلتهم واليوم هناك شعور سلبي تجاه هذه الثورات ونزعة إلى تحميلهم مسئولية ما جرى". وأعرب عن رغبته في ضرورة التركيز على الشباب العربي العاقل والمعتدل وعلى الدور الذي يمكن أن يلعبه في الدفاع عن السلم الأهلي والحوار والقيم والعيش المشترك إلى جانب الحد من خطاب الكراهية. وعن خطط الأممالمتحدة لإعادة إدماج الشباب الذي يعاني من إقصاء اجتماعي وسياسي واقتصادي، قال الهنداوي إن قضية إدماج الشباب والعمل معهم ومن أجلهم هي واحدة من أهم أولويات الأممالمتحدة، حيث شهدت الأعوام الثلاث أو الأربع الماضية توسعا ملحوظا في برامج المنظمة الدولية المعنية بالشباب. وأضاف "إن التحديات التي تواجه الشباب اليوم مركبة، ومنها معدلات البطالة المرتفعة وغياب مشاركتهم في الشأن العام إضافة إلى ضعف جودة التعليم، لافتا إلى وجود نحو 600 مليون شاب في مناطق نزاعات وأوضاع أمنية هشة، الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي كل أن يوليهم عناية خاصة وأن يركز عمله على قضاياهم. وعن المنتدى العالمي للشباب والسلام والأمن، قال الهنداوي إن الأممالمتحدة لديها ثلاثة محاور رئيسية في العمل وهي: التنمية وحقوق الإنسان والأمن والسلام وتاريخيا تم إدماج الشباب في محوري حقوق الإنسان والتنمية، إلا أن الجانب الذي لم يشهد مشاركة كبيرة منهم هو الأمن والسلام لأنه دائما ما كان ينظر إلى هذا المحور على أنه قضية تتعلق بمجلس الأمن وبقضايا سياسية وأمنية واستخباراتية لذا فلم يتم إدماجهم فيه. وأضاف "توصلنا الآن إلى أن قضية السلم والأمن هي قضية محورية للشباب في مناطق النزاعات بالدول العربية وفي دول العالم ؛ لأنهم يكونون الأكثر عرضة للنزاعات والصراعات وجلهم يدفع الثمن"..لافتا إلى أن عدد النازحين واللاجئين بفعل النزاعات والكوارث حاليا هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. وأفاد بأن المنتدى جاء ليؤسس أجندة جديدة لإدماج الشباب ليس فقط في قضايا التنمية والتشغيل والصحة وإنما في بناء السلام ومكافحة الإرهاب وفي بناء سلم أهلي حقيقي، مؤكدا على أن المنتدى يشكل نقلة نوعية بطريقة عمل إدماج الشباب في عملية صنع القرار. وأكد على أن المنتدى – الذي سيشهد مشاركة دولية واسعة وحضور نحو 12 وزير خارجية عربيا وأجنبيا - يدل على أن هناك وعيا من قبل الدول والمجتمع الدولي بأنه لا يمكن بحالة إحداث التنمية والاستقرار دون إدماج الشباب بشكل إستراتيجي. وقال الهنداوي "إننا نلحظ أن هناك نزعة بتحميل الشباب المسئولية عن وقوع المشاكل ؛لذا فإن المنتدى يأتي للرد على ذلك ليقول أنهم جزء من الحل وليسوا جزءا من المشكلة وإنما هم ضحايا المشاكل التي تقع". وأشار إلى أن المنتدى يوفر فرصة لتأسيس أجندة جديدة بعنوان (الشباب والأمن والسلام)، قائلا "إن هذ التسمية ليست من اختراعنا فمجلس الأمن أقر قبل سنتين أحد القرارات المهمة وهو (النساء والأمن والسلام)، وما نطمح إليه هو من خلال المنتدى تجميع كل القضايا تحت مظلة جديدة تحت أجندة (الشباب والأمن والسلام) وأن تذهب إلى المجلس مجددا كي يتبناها". وأضاف "إن المنتدى يأتي متابعة لجلسة مجلس الأمن التي عقدت في أبريل الماضي، ونأمل أن يعود إعلان عمان الذي سيصدر عنه إلى المجلس مجددا ليتبنى قرارا يتعلق بتأسيس جديد لهذه الأجندة وتأسيس مرحلة يتم العمل فيها مع الشباب كي يكون شريكا في تحقيق السلام وليس بوصفه ضحية أو إرهابيا". وتابع "إننا نحاول الآن فتح قناة كبيرة لنعكس الصورة الحقيقية للشباب المعتدل الذين يشكلون الأغلبية وعلى رأسهم الشباب السوري ؛ لأن من يختطف الساحة العامة اليوم إما الإرهابيون أو الميليشيات على الجانب الآخر أو من يحمل السلاح ويقاتل، أما المعتدلون من الشباب فلا مكان لهم". وشدد على أنه لا يمكن حل هذه النزاعات دون استرداد الشباب إلى الساحة العامة ليكونوا في مقدمة التصدي لخطاب الكراهية والعنصرية، قائلا "إنني أضع هذا التحدي على عاتقي بصفة شخصية لنعزز صوت الشباب المعتدل ونقويه في العالم العربي والدولي لأنهم أكبر ضحية لما يدور في هذه الصراعات". وردا على سؤال حول الاحتفال باليوم العالمي للشباب وعدم شعور الشباب العربي به؟، أجاب الهنداوي "إن هذا اليوم ليس للاحتفال وإنما للتذكرة بضرورة العمل والتركيز على الشباب والاستثمار بهم ؛ لأنه لا يمكن تحقيق التنمية إلا من خلالهم"، داعيا المجتمع الدولي والقطاع الخاص إلى ضرورة تحمل مسئولياتهما والعمل على الاستثمار في الشباب. وقال "يجب أن لا نحتفل على مشاكل وإنما علينا أن نستخدم هذا اليوم وهذه المناسبة للتذكر بأننا لم نحسن الاستثمار في هذه الشريحة الديموجرافية الواسعة من الشباب، إن هناك فرصة كبيرة أمام المنطقة العربية والعديد من الدول الأفريقية وأخشى أن لن تعود". ودعا الحكومات العربية إلى ضرورة التفكر بالأرقام الموجودة الآن، حيث إن هناك واحدا من كل ثمانية شباب عاطلون عن العمل بالعالم مقابل واحد من كل ثلاث في المناطق العربية كما أن أرقام الميزانيات المخصصة للشباب في الدول العربية متواضعة مشيرا في هذا الصدد إلى أن نصيحة الأمين العام لكل الدول هو الاستماع بشكل حقيقي للشباب. وعن طبيعة المهام التي يقوم بها الهنداوي، أجاب إن مبعوث الأمين للشباب هو منصب تم استحداثه فقط قبل عامين ونصف العام والمهام الملقاة على عاتقه هي (داخليا): تنسيق جهود الأممالمتحدة ووكالاتها المختلفة خلف إستراتيجية واحدة للعمل مع الشباب وزيادة تركيز المنظمة بكل أطرها في التعامل معهم ومشاركتهم في عملها، و(خارجيا): العمل مع الدول والقطاع الخاص لزيادة الاستثمار في الشباب وتركيز الضوء على قضاياهم دوليا. وتتناول جلسات المنتدى على مدى يومين محاور فرعية تتضمنها أجندة الأمن والسلام للأمم المتحدة كقضايا مكافحة التطرف، ودور الشباب في بناء السلام، ووضع الشباب في مناطق النزاعات، ونوعية التعليم المطلوب لتعزيز ثقافة السلام وحقوق الإنسان وتقبل الآخر. كما تتضمن أوضاع الشباب العائدين الناجين من المنظمات الإرهابية وكيفية إعادة إدماجهم في المجتمع، والتأكيد بأن الحرب على الإرهاب ليست عسكرية أمنية فقط، بل ثقافية فكرية تدمج الشباب. ويسعى المنتدى، الذي جاء ترجمة لمبادرة ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني أثناء ترؤسه جلسة خاصة لمجلس الأمن لمناقشة دور الشباب في بناء السلام وحل النزاعات ومكافحة الإرهاب في أبريل الماضي، إلى إشراك الشباب بشكل فاعل في أحد أهم محاور عمل الأممالمتحدة وهو السلام والأمن إلى جانب التنمية وحقوق الإنسان. وسوف يشارك في المنتدى وزراء خارجية البحرين، العراق، فلسطين، اليمن، السودان، والسنغال إضافة إلى وفود رسمية عالية التمثيل من منظمات الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والسويد والنرويج وسنغافورة وعُمان وأذربيجان وأفغانستان وإثيوبيا والصومال وأوغندا، وجزر القمر.