نظمت وزارة الدولة للسكان بالتعاون مع وزارة العدل والمجلس القومي للمرأة، ورشة عمل أمس الأحد لأعضاء الهيئات القضائية، تحت عنوان "دور القانون في مكافحة العنف ضد المرأة ومناهضة ختان الإناث" في أحد فنادق القاهرة. وقال المستشار فتحي المصري - مساعد وزير العدل لشئون المركز القومي للدراسات - أن المركز شارك في هذه الورشة المستمرة على مدى يومين إيمانا منه بأهمية دور المرأة في المجتمع، ودور القضاء المصري في التصدي للممارسات العنيفة ضدها. وقالت الدكتورة نجلاء العادلي - مستشارة التعاون الدولي بالمجلس القومي للمرأة - أن هناك تحسنا في القوانين المتعلقة بالمرأة، لافتة إلى أن المجلس سيطالب مجلس النواب المقبل بإصدار قانون شامل لتجريم العنف ضد المرأة، حيث تندرج أنواع العنف ضد المرأة تحت قسمين الأول هو العنف المجتمعي، كالتحرش، والثاني العنف الأسري كحرمان الفتاة من التعليم، وإجراء الختان لها، وكل تصرف فيه عنف يصدر من الأسرة تجاه البنت. وقال الدكتور محمود سالم أبو عاصى - عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر - أن الإسلام يناهض كل أشكال العنف ضد المرأة، فلم يبح الشرع للرجل ممارسة العنف الحقوقي ضد المرأة كأن ينتقص من حقوقها الشرعية سواء في النفقة أو غيرها، أويستولي على إرثها أو مالها، ولا يجوز له أن يمارس العنف النفسي ضد المرأة - هذا النوع من العنف الذي لا يعرفه القانون – مثل التهديد بالطلاق وغيره، مما يضر بالمرأة ويفقدها الاستقرار النفسي، وتمنع الشريعة أيضا العنف التربوي الموجه للمرأة، مثل حرمانها من التعليم أو العمل، أو الترقي في مراحل التعليم، أو أن يفرض عليها زوجا لا تريده وهي بالغة، وتابع، في ظل اهتمامنا بالمحافظة على كيان الأسرة، يجب أن تراعي التشريعات المواءمة بين عمل المرأة ومصالح الأسرة. وأضاف بأن الشريعة تمنع الرجل من أن يمارس العنف الجسدي ضد المرأة، بل ويحق للمرأة إذا لم تستطع الدفاع عن نفسها، أن تبادله عنفا بعنف، من باب الدفاع عن النفس. واستطرد الدكتور أبو عاصي قائلا: يعد ختان الإناث صورة من صور العنف الجسدي ضد المرأة، ولا يعد قضية دينية، وإنما هو مجرد عادة موروثة، فلا توجد نصوص صريحة في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية تبيح ممارسة ختان الإناث، وهي عادات وموروثات قديمة لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية، ولا يجوز أن نغلب الموروثات الثقافية والعرف على أحكام الشريعة، خاصة أنه ثبت ضرر ختان الإناث بالبحث العلمي الرصين، لذلك يمنع ويحرم وفقا للقاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار. وقالت الدكتورة فيفيان فؤاد - منسق البرنامج القومي لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث بالمجلس القومي للسكان - أن الكثير من أشكال العنف ضد المرأة غير محسوس مثل الخطاب الديني الذي يحث على ألا تعمل المرأة، أو لا تعمل في وظائف معينة، فنسبة بطالة الإناث عالية جدا، كما أن نسبة النساء التي تعمل من المتزوجات في الفئة العمرية من 15 – 49 سنة، نحو 15%، فلابد من تمكين المرأة من التعليم والعمل، وتابعت، لدينا دستور وقوانين، ولكن دائما تكون المشكلة في التطبيق، فنحن بحاجة إلى جلسات للمناقشة مع مجلس الدولة وغيره، وفتح حوار مجتمعي، حتى تصبح مواد الدستور حية، وليست حبرا على ورق. وأكدت على أننا بحاجة إلى تشريع قانوني أكثر وضوحا وحسما لتجريم ختان الإناث، خاصة فيما يتعلق بالأطباء الذين يجرون عمليات الختان للبنات بالمخالفة للشرع وكل القوانين الطبية التي تمنع هذه الممارسة، وتساءلت: هل يمكن أن يتدخل التشريع لحسم هذه القضية مع الأطباء؟. وتحدثت جيهان توفيق - مدير إدارة الهيئات الدولية بالمجلس القومي للمرأة - عن جهود المجلس في مكافحة العنف ضد المرأة، واستعرضت الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ودور المجلس في التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، إلى جانب برامج التمكين السياسي لها، وأشارت إلى أن المجلس أعد إستراتيجية لتمكين المرأة ومناهضة العنف ضدها، بمشاركة كل الجهات المعنية. وتحدث المستشار أحمد النجار - وزارة العدل - عن الإطار التشريعي للعنف ضد المرأة، والدور الإيجابي للقضاة في هذا الشأن، وعرض نماذج للعنف ضد المرأة وكيفية المواجهة بالقانون، وأوضح أن ختان الإناث جريمة جنائية، مجرمة بالمادة 242 مكرر من قانون العقوبات، ودار النقاش لمعرفة إذا كانت هذه المادة كافية لمكافحة ختان الإناث أم هي بحاجة إلى تعديل، أو إيجاد تشريع قانوني جديد للقضاء على هذه الممارسة الضارة، خاصة وأن ختان الإناث تراجع كثيرا في مصر، فانخفض بين الفتيات من 15- 17 سنة بنسبة 13% بين، عامي 2008 و2014، وفقا للمسح الصحي الأخير، وهذا معناه أن العرف بدأ يتلاشى.