غدا اليوم الوطنى لمناهضة ختان الإناث، وهو ذكرى وفاة الطفلة بدور ابنة المنيا ذات ثلاثة عشر عاما؛ إثر خضوعها عادة ختان الإناث في 14 يونيو 2007. ورغم أن بدور لم تكن أولى الضحايا لهذه الممارسة، ولكنها كانت الضحية التى حركت المجتمع، بعد سنوات طويلة من مناهضة هذه العادة، لاتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الممارسة، انتهت بصدور قانون لتجريم ختان الإناث من مجلس الشعب عام 2008. وقانون ينشئ ثقافة جديدة في المجتمع المصري، تقول إن الختان جريمة، وليس عادات أو تقاليد. واليوم وبعد مرور سبع سنوات على هذه الذكرى الأليمة، يشعر المجلس القومي للسكان وبرنامج الأممالمتحدة الانمائي، الآن أن قدرا من الحق قد رد إلى بدور، وإلى كثيرات من ضحايا الختان اللاتي لا نعرف أسماءهن، بعد أن حول النائب العام أول دعوى قضائية للمحاكمة القضائية، ضد طبيب وأب، لاشتراكهما في هذه الجريمة، التى أودت بحياة الطفلة سهير الباتع، ابنة الثلاثة عشر عاما بالدقهلية، في يونيو 2013. ويحارب المجتمع المصرى ختان الإناث منذ بداية القرن العشرين، هذه الممارسة التى تنتهك حق المرأة في حياة جسدية ونفسية سليمة، بغطاء من ادعاءات دينية وأخلاقية واجتماعية كاذبة، لتخفي الأسباب الحقيقة للأفكار المجتمعية التى تنظر إلى المرأة باعتبارها جسدا بلا إرادة أو ضمير، وأن الطريقة الوحيدة للتحكم في هذا الكائن وضبط رغباته هي قطع جزء عزيز من جسده عن طريق الختان. وهي نفس الفكرة التى تؤدى إلى انتشار ظواهر العنف ضد النساء، وعلى رأسها ظاهرة التحرش المشينة. إن الحركة المجتمعية والقانونية والثقافية، التى ترغب في القضاء على ممارسة ختان الإناث في مصر، لا تهدف فقط إلى حماية حقوق النساء والفتيات، ولكنها تهدف إلى نشر الثقافة العلمية، واستعادة الكرامة الإنسانية، للمواطن المصرى، سواء كان ذكرا أو أنثى، ضد ثقافة الخرافة والقهر والكبت، التى نراها جزءا من ثقافة مصر الجديدة التى نريدها. إن ما يدعو للتفاؤل أننا على الطريق الصحيح للقضاء على هذه الممارسة، هو تناقص أعداد الفتيات اللاتي يتعرضن للختان الآن، بالمقارنة بما كانت عليه معدلات الممارسة في السنوات السابقة. فقد كشفت دراسة لمنظمة الصحة العالمية أجريت على عينة قومية ممثلة لفتيات المدارس من سن 10-18 سنة، عام 2007، أن انتشار الممارسة بينهن لم يتعد 50%، وكانت نسبة انتشار العادة فى المسح الصحى السكاني لعام 1995 نحو 97% بين النساء فى السن من 15-49 عاما. كما تؤكد المتابعة الميدانية التى يقوم بها البرنامج القومي لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الاناث، بالمجلس القومي للسكان، بالمشاركة مع الجمعيات الأهلية المنتشرة في قرى مصر، أن اتجاهات الشباب، من الذكور والإناث قد تغيرت بشكل كبير نحو رفض هذه العادة، واعتبارها أحد أشكال ممارسات العنف ضد الفتيات، وأن هناك شجاعة ملحوظة بين الفتيات الصغيرات للتعبير عن رفضهن لهذه الممارسة، والدفاع عن حقهن في الحياة والكرامة الإنسانية. وتركز الخطة الوطنية لمناهضة ختان الإناث في الفترة القادمة على خفض معدلات ممارسة ختان الاناث، بنسبة 20% خلال الخمس سنوات المقبلة، بمشاركة الجمعيات الأهلية والهيئات التعليمية والدينية والإعلام. وتعمل الخطة في طريقين متوازيين، الأول تغيير اتجاهات المصريين من النظر إلى ممارسة ختان الإناث، كعادة وتقاليد تؤدى إلى عفة وشرف الفتاة، إلى جريمة تنتهك الحقوق الأساسية للفتاة وللأسرة المصرية. والثاني هو تطبيق القانون على الممارسين للختان، بكل حزم، وسد الثغرات التى كانت تحول دون تقديم المخالفين للقانون إلى المحاكمة.