تعتبر القراءة هى الباب الملكى للمعرفة، ومن ثم للثقافة، وبدون الكتاب فإن بحث سبل الارتقاء بالثقافة فى مصر، يعد ضربا من ضروب الخيال، ولذا فإننا سوف نتناول خلال هذه السلسلة، التى ستستمر لأربع حلقات؛ أهم المشاكل التى تواجه إصدار الكتب، فى مصر سواء على المستوى الرسمى أو على مستوى دور النشر الخاص. وإذا بدأنا هذه السلسلة اليوم بالنشر الحكومي؛ سنجد أن غياب الاستراتيجية، وسوء التوزيع، وانعدام الدعاية والترويج، وتغليب روح التفكير النمطى والبيروقراطي، وتأخير طباعة الكتب لفترات طويلة.. هي أهم القواسم المشتركة التى تجمع بين أغلب المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة فى مجال النشر. ورغم وجود الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهى المنوط بها نشر الإصدارات الورقية، إلا أننا نرى تضاربا فى الأداء وتعارضا فى ممارسات النشر بين مؤسسات وزارة الثقافة، حيث تصدر الهيئة العامة لقصور الثقافة أكثر من 20 سلسلة فى مجالات مختلفة، وكذلك الوضع مع المجلس الأعلى للثقافة، والمركز القومى للترجمة، والمركز القومى للمسرح، ودار الكتب والوثائق القومية، وحتى صندوق التنمية الثقافية يضع أنفه فى النشر، ويصدر كتبًا خاصة بالمهرجانات التى يشرف عليها. ويعتبر كثير من المثقفين أن تفرق دماء النشر بين هيئات الوزارة، أمرا يؤدى إلى الارتباك والفوضى، ومن ثم إلى الخلل الذى يصل فى بعض الأحيان إلى إهدار المال العام، ولذا فإن حل هذه المعضلة لن يأتى إلا بثورة حقيقية بمعنى الكلمة على كل الموروثات القديمة والمشاكل المتراكمة، فى كل هذه المؤسسات، ليتم فى نهاية الأمر توحيد جهات النشر، بدلا من الحلول المؤقتة التى تعتبر نوعا من «الترقيع»، لمعالجة مشاكل مزمنة.