عندما اختار قلبها وقررت أن تكون زوجة، ارتدت فستانها الأبيض المزركش، وكانت من أجمل الفتيات في الحارة الشعبية التي تسكن فيها، لم تكن تعرف أن زوجها وحبيبها سيكون سبب مرضها وعجزها، ولم يقف بجانبها في أزمة عمرها. بجسد نحيل وقصير، وملامح سمراء، ووجه يحمل في تفاصيله الحزن، اتكأت السيدة السبيعنية «كريمة. ح» على عكازها، وممسكة في يدها الأخرى بابنتها «أمل. ح» الفتاة العشرينية، التي ضاع بصرها وأصبحت كفيفة، والأمل ضعيف في شفائها بعد أن أصيبت بانفجار في العصب البصرى أثناء ولادتها لطفلتها «لوجى». «البوابة» التقت ب«أمل» ووالدتها في مقر محكمة الجيزة للأسرة، أمل الفتاة العشرينية التي هزمها الحب، ولم ينصفها الزواج، ولم يقف بجوارها سوى والدتها العجوز، التي استعدت أن تفقد أي شىء من أجل ابنتها حتى تستعيد بصرها مرة أخرى. لم يؤثر في حياتها سوى أنها ضحت بعد أن تزوجت من حبيب عمرها بعد أن انتهت من دراستها في مرحلة الثانوية العامة، ولم تُكمل الدراسة حتى تستطيع الزواج من حبيبها «محمد. م» الشاب الثلاثينى الذي يعمل موظفًا في إحدى الشركات، ولكن قرر أن يُكمل دراسته في كلية الهندسة، حتى يحصل على لقب مهندس، ورغم وقوفها بجواره ومساندتها له، وبعد أن اقترب من الحصول على لقب «مهندس» بدأ يتغير معها، ويصبح أكثر جفاء وقسوة عليها، وكأنه يعاقبها على عدم استكمال دراستها وتضحيتها من أجله، وبدأت تزيد الخلافات بينهما بعد أن بدأ يعتدى عليها بالضرب والسب. وبعد مرور عام ونصف على زواجهما، وأثناء ولادتها لابنتها الوحيدة «لوجى»، أصيبت بانفجار في العصب البصرى، ففقدت بصرها على أثره، ولكنه فضل مصلحته على مرضها، ورفض علاجها رغم أنه كان هناك أمل لعودة بصرها، ولكن إهماله لها وتركها بالشهور بدون نفقة عند عائلتها أفقداها بصرها بدون رجعة، وبالرغم من ضعف الحالة المادية لوالدتها إلا أنها حاولت إنقاذ ابنتها من تلك المحنة، ولكن بعد أن أجريت لها عددا لا بأس به من العمليات إلا أن قدرها كان أن تظل كفيفة حتى يأذن الله بعودة بصرها إليها. وفى ظل احتدام محنتها عليها وعلى والدتها، ظلت أمل وحيدة بدون زوجها، وترك طفلته تترعرع في منزل جدتها، وتركها بدون نفقة أو منفق، وبالرغم من هجرها إلا أنها لم تحصل على حريتها من زوجها، بل قام برفع ثلاث دعاوى إنذار بالطاعة عليها، حتى يسقط عنها حقوقها الزوجية والمادية، وردًا على دعوى النفقة التي أقامتها عليه حتى تستطيع الإنفاق على ابنتها، ولا يريد حتى الآن دفع أي نفقة لابنته ولا يراها منذ ولادتها، حتى أنها تنادى شقيق والدتها الأكبر ب«بابا»، لأنها لا تعرف والدها حتى الآن. وتمر الأيام والأسابيع والشهور، ولا تزال «أمل» تعانى من كثرة زيارتها لمحكمة الأسرة بالرغم من مرضها، وعدم قدرتها على التحرك بمفردها ولا تتحرك بدون مساعدة والدتها، وتعانى أيضًا من القهر النفسى الذي تعيش فيه، بعد أن هجرها زوجها وهى في أشد الاحتياج إليه، وإلى حبيبها الذي أحبته لمدة تزيد على خمس سنوات، وضحت بمستقبلها الدراسى من أجله، ولكن اللى تحسبه موسى يطلع فرعون. من النسخة الورقية