دائما ما يختلط الأمر علي الكثير من المعجبين للفنيين و المشاهير؟ هل أنت بالفعل معجب بشخصية الفنان أم معجب باعماله فقط؟ وهل لو عرفت الفنان عن قرب وقابلته سوف يستمر هذا الحب والاعجاب؟ وهل هناك شرط أن تكون شخصية الفنان في قوة و حجم موهبته؟ و هل يجتمع جمال الشخصية مع جمال الموهبة وقوة الابداع؟ . اسئلة كثيرة سوف أستخدمها كمحاور في طرح التحليل النفسي للمبدع الراحل لاحمد زكي . دعونا في البداية نستعرض نبذة بسيطة عن أحمد زكي رحمه الله والذي تحل ذكري رحيله هذا الشهر من خلال بعض المقالات و المواقع الالكترونية التي كتبت عنه، وهو ممثل مصري، اسمه بالكامل (أحمد زكي متولي عبدالرحمن بدوي)، ولد في مدينة الزقازيق التابعة لمحافظة الشرقية في عام 1949، ودرس في المدرسة الصناعية ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتوفى في عام 2005 عن عمر يناهز 56 عامًا من جراء مضاعفات سرطان الرئة الذي كان يعاني منه في أيامه الأخيرة، وخلال تصويره لفيلمه الأخير "حليم". كل كلمة في هذه النبذة الصغيرة ممكن أن نتوقف عندها ونفرد لها صفحات، لأن أغلبها له انعكاسات علي تكوين شخصيته.. وليكون حديثنا من مسألة اليتم وعلاقته بالإبداع والشهرة.. بعض الدراسات الاجنبية التي تناولت شخصيات المشاهير قد اكدت ان نسبة كبيرة منهم يتامى الأم أو الأب، فنجد أوباما وهتلر ومانديلا كانوا أيتام.. وفي مصر كان جمال عبد الناصر يتيم الأم وعبد الحليم يتيم الأم والأب، ولدينا أكبر وأعظم نموذج في البشرية وهو سيدنا محمد صلى الله وسلم. السر هنا إلهي فالله سبحانه وتعالي يمنح الأيتام عطية إلهية، يجعل الناس تحبهم وتعطف عليهم ويجعل لديهم ملكات خاصة ومواهب مثل الصوت الجميل وجمال الوجه والكاريزما والقدرة على الاقناع. فنجد أن احمد ذ كي تحول من شاب يتيم الي نجم الشاشة رغم انه لا يملك مواصفات الجان و الوسامة و لكن كان هناك سر فيه يجعلك تنبهر بأدائه وقدرته على التقمص. وبالنسبة للقدرة على التقمص فنجد أن أحمد زكي تقمص شخصيات رؤساء مثل جمال عبدالناصر والسادات ونجد أن أغلب المقربين من الزعيمين يقولون إنهم أحسوا بانهم أمام جمال عبدالناصر أو السادات شخصيا وهذا ما ذكرته السيدة جيهان السادات في أحد اللقاءات التليفزيونية.. كما تقول الكثير من الدراسات النفسية التي أجريت على الممثلين المشاهير إن الكثير منهم يعاني من التوتر والقلق وقرح المعدة والأرق خصوصا بعد قيامهم بادوار صعبة والاكتئاب والاضطراب الوجداني. من المعروف أيضا أن نجوم هوليود يستعينون دائما بالطبيب النفسي فبل قيامهم بادور مركبة، ولكن في مصر هذا لا يحدث و قد ذكر لي أحد المقربين من الراحل أحمد ذكي أنه ظل يعاني عدة اشهر من القلق و التوتر والأرق واضطرابات في المعدة بعد قيامه بشخصية الزعيم السادات لانه لم يستطع الخروج من الشخصية بسهولة، وأظن أن فيلمه الأخير وقيامه بشخصية عبدالحليم الحافظ قد أثر عليه صحيا، وجعل أعراض السرطان تتطور بسرعة، نظرا لوجود تشابه كبير في الظروف بينه و بين عبدالحليم حافظ مثل النشأة واليتم وصداقة صلاح جاهين والظروف الصحية وقد صور الفيلم أثناء تلقيه العلاج السرطان، لدرجة أن البعض قال إن مشاهد مرض عبدالحليم في الفيلم قد تم تصويره وأحمد زكي في المستشفى وهذا يوضح لنا جنون الموهبة ومقاومتها للمرض حتى آخر لحظة. ناتي هنا الي نقطة أخري أظن أنها أسهمت في تكوين شخصية المبدع أحمد زكي وهي الصداقة التي جمعته بصلاح جاهين، فصلاح جاهين مبدع من نوع خاص مثقف متعدد المواهب وكان يتبنى المواهب وكان أصحاب المواهب في جيل الستينيات والسبعينيات، و اقتبس هنا نقطة من مقال للدكتور خالد منتصر اسمه صلاح جاهين عبقرية الاكتئاب وهذا نص ما كتبه دكتور خالد منتصر: "مثلما كان نموذج مريض الكبد الذى يحكيه لنا أساتذتنا فى كلية الطب هو عبدالحليم حافظ، كان نموذج الاكتئاب الذى يساعدنا على فهم المرض هو صلاح جاهين، كنت أحب الطب النفسى، وأحب جاهين أكثر، كنت أحفظ تشخيص حالته «اضطراب وجدانى ثنائى القطب». عامل آخر نتحدث عنه هو زواج أحمد زكي مرة واحدة فقط وهي الراحلة هالة فؤاد والزواج لم يستمر فترة طويلة وأنجب منها هيثم أحمد زكي، ذكر لي بعض المقربين أن أحمد زكي كان يريد أن يعوض ما فاته بسبب اليتم وأن يكوّن أسرة مستقرة وأن تعتزل هالة فؤاد التمثيل فرفضت.. ما أدى إلى الانفصال ولكنها ظلت حبه الأول والأخير ولم يتزوج بعدها. الخلاصة أننا أمام شخصية تحمل قدرا من النرجسية المفيدة لأن هناك نرجسية ضارة وجنون العظمة لدى الكثير من المشاهير. تلك النرجسية التي تجعلك تهتم بصورتك الذهنية عند الناس وتحب النجومية والأضواء بجانب الاعتزاز بالنفس وحب الفخامة والكرم المبالغ فيه في بعض الأحيان بجانب عدم الاهتمام بالنقد السلبي.