كتبت صحيفة نيويورك تايمز مقالا بعنوان " هل تتخلى تركيا عن أوروبا من أجل الشرق؟ " قالت فيه : إن تركيا حولت اهتمامها مؤخراً صوب الشرق، بعد أن سعت لفترات طويلة لدخول الاتحاد الأوروبي، وتساءلت: هل يتخلى الأتراك عن حلمهم في الانضمام للاتحاد الأوروبي قبل أن يتخلى هو عنهم؟ وأشارت إلى أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد جعل هدفه الرئيسي منذ وصوله للسلطة هو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي دفعه لاتباع سياسات أوروبية مثل إطلاق حرية التعبير ودعم حقوق الأقليات. وأضافت أن الأوروبيون شككوا في نوايا الأتراك واحتقروها، وسارت مفاوضات الانضمام في طريق لا نهائي غير واضح المعالم، مشيرة إلى أن الظروف الحالية تدفع الأتراك لإعادة حساباتهم، فأزمة القروض تزلزل أوروبا، كما أن الربيع العربي يعطي أنقرة فرصة لعب دور إقليمي. وقال إيرول يارار مؤسس مجموعة اقتصادية دينية محافظة تضم 20 ألف شركة قريبة من أردوغان : كان رئيس الوزراء أول زعيم مسلم محافظ أراد جذب تركيا إلى الغرب، ولكن الخيانة الأوروبية جعلته يتخلى عن هذا الطموح، والأتراك الآن يتساءلون: لماذا يجب أن نكون جزءا من هذه الفوضى؟. كما أن تركيا تلعب دورا إقليميا متزايدا، حيث فرضت عقوبات اقتصادية مشددة على سوريا، وبدأت استعدادات لتدخل عسكري محتمل، كما أنها أصبحت ذات صوت غاضب على إسرائيل خاصة بعدما جمدت روابطها معها بعد هجوم إسرائيل على قافلة إغاثة تركية كانت متجهة إلى غزة. وتعددت التصريحات للمسؤولين الأتراك الذين قالوا إن العلاقات مع أوروبا بلغت درجة اليأس، لاسيَّما بعد احتمال تولي قبرص رئاسة الاتحاد الأوروبي في العام المقبل، وقال الرئيس عبدالله غل في لندن الشهر الماضي: "إن قبرص نصف دولة تريد قيادة اتحاد بائس". كما قال وزير الاقتصاد التركي ظافر كاغلايان مؤخرا "هؤلاء كانوا يصفوننا في الماضي بالرجل المريض، الآن هم المرضى ونتمنى لهم الشفاء". وهناك استطلاع للرأي أجرته مؤسسة مارشل فند الألمانية، أظهر أن %73 من الأتراك يرون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي فكرة جيدة في عام 2004، لكن هذه النسبة نزلت إلى %38 العام الماضي. في النهاية أن برود العلاقات مع تركيا يكلف أوروبا ثمنا سياسيا في نفوذها بالعالم العربي، فتركيا تحاذي إيران والعراق وسوريا، وهي تتجه لتصبح محاورا مهما للغرب، وللمرة الأولى منذ عقود تجد أوروبا نفسها بحاجة لتركيا أكثر مما تحتاج تركيا لأوروبا.