إن كانت الأحداث التي تمر بها مصر حالياً تستحق التوقف والتحليل، اكثر من التعرض لموضوعات تتعلق بأشخاص أو مواقف لبعض الإعلاميين والسياسيين، فان الحقيقة تكمن في أن ما يدور بمصر في الأصل ما افتعله أو سعى اليه تلك النخبة من الإعلاميين والسياسيين ، فتحولت المنافسة السياسية والحزبية واختلاف الآراء إلى ما يشبه البحث عن مكان قبل أن تنفض الثورة وتنتهى إلى وضع مستقر، وتتثبت الدولة وتتهيأ للتحرك الطبيعي في جميع المسارات، فاصبح هناك جهتين ، المعارضة لما هو صادر عن رئيس الجمهورية، لا باعتراضات سياسية وعرض رؤيا بديلة، لكن لأنه إخواني ولأنه سيسعى إلى إحداث تغييرات جزرية بالدولة، وبدأت رؤيته تتضح في محاربة الفاسدين والقضاء على ذيول النظام السابق، وانه لن يتهاون في ذلك، لأنه عاهد الشعب على ذلك، واصبح مسؤولا أمام الله على عهده، ومحاسب من شعبه على وعده، فسعى الطرف المقاوم طيلة سنتين في إبطاء التغييرات ومقاومتها، لأنه يمتلك بالفعل الوسائل الكفيلة بذلك، من أموال ينفقها رجال النظام السابق، وقنوات إعلامية ضخمة، وأقلام تسعى للحفاظ على مكانتها التي كونتها في عدة عقود، وشخصيات سياسية لا يدرك المجتمع معرفتها جيداً، أهي معارضة أم كانت مع النظام السابق ؟، لكن مرور الأحداث وتكرارها يوضح تلقائيا المبادئ والقيم التي يؤمن بها تلك الشخصيات، في اللحظات الحرجة لابد أن يفصحون جلياً عن رؤيتهم، وربما أحياناً دون أن يدركوا ذلك، أو أنهم كانوا لا يرغبون فيه، كل هذا المشهد بالإضافة إلى الجبهة المؤيدة لقرارات الرئيس لإيمانها وقناعتها بما يتخذه من قرارات ستكون لها تأثيرا في حياة المصريين واستقرارها، توضحه ما تم في ظل الإعلان الدستوري الأخير لرئيس الجمهورية، وحالة الاستقطاب الأشد والأقوى في تاريخ مصر، والتي تقترب في بعض تفاصيلها من لبنان إلى حد ما، مع اختلاف أن الصراع السياسي في لبنان ليس من اجل الاستقطاب، بل هو حالة ثابتة ولا يمكن تغييرها، فلا تسعى الأحزاب أو الشخصيات في لبنان إلى تزايد شعبيتها في استقطاب المواطنين، بل فرض قوتها على ارض، أما في مصر، فلا يزال هناك إمكانية كبيرة في استقطاب الكثيرين الذى لم يتكون لديهم الرأي القاطع والنهائي في تأييد أي من الجبهتين، المؤيدة والمعارضة للرئيس أو من ينتمون له، خاصة أن مصر قادمة على تغيير وجهها بدستور وانتخابات برلمانية جديدة، نتائج تلك الانتخابات ستؤثر على السياسية المصرية لعدة عقود قادمة. فكلما اقتربت مصر من تحقيق بعض أهداف الثورة، زاد المناهضين اهتزازاً وارتباكاً، مما جعلهم يفقدون ما تبقى من مهنية وموضوعية لديهم، ولا اعرج على الكثيرين، لكنى سأعترض للأستاذ إبراهيم عيسى، الذى يوميا يقوم بوصلة " ردح " على التليفزيون لا ترقى بأسلوب معارض، ولا شخصية صحفي أو إعلامي، بل يمكننا وصفها بالشخصية المريضة التي التى تتطاول بالسب والقذف على المجتمع ككل بوصفه بالجهل، وتتعرض لرمز الدولة في رئيسها بوصفه بصفات يخجل اللسان عن ذكرها. د.سرحان سليمان الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والاقتصادي [email protected]