لاشك انه في الظروف السياسية المعقدة التي تمر بها مصر، قد يختلف الأحزاب والأشخاص في تقييم قرارات مؤسسة الرئاسة، فيرى البعض أنها صائبة وتحقق الاستقرار والتقدم، وقد يختلف آخر في تصوره حولها، وفقا لفكره ومعتقداته السياسية التي يؤمن بها، وهذا الاختلاف ديمقراطي وحق لأى حزب أو شخص في التعبير عن تأييده أو معارضته، والتعبير عن ذلك بالوسائل المتعارف عليها كالمظاهرات السلمية أو بوسائل الإعلام المختلفة ، فذلك لا خلاف عليه، ولا يمكن الاعتراض على هذا المبدأ ، والا اصبحنا في عصر ما قبل الثورة، واننا لا نستطيع التعبير عن آرائنا بحرية، وعلانية، ونستخدم ما يوفر لنا من وسائل ممكنه يكفلها القانون في الإعلان عن تلك الآراء. لكن ما حدث من استجابة لقرارات الرئيس الأخيرة حول الإعلان الدستوري الأخير وتحصين التأسيسية للدستور ثم تعديل الإعلان الدستوري وعرض الدستور للاستفتاء، تباعدت تلك الرؤية التي عرضتها في إتاحة الرأي لكل حزب أو شخص أو تيار سياسي في التعبير عن رائيه، وعلى الطرف الآخر احترام الراي الآخر، وسوف أتعرض هنا بالحديث عن " جبهة الإنقاذ الوطني"، التي تشكلت لمعارضة قرارات الرئيس والدعوة للمظاهرات في أنحاء مصر لحث الرئيس على التراجع عن تلك القرارات، فبدأت حالات التخوين والتشويه لتلك الجبهة ووصفها بانها مؤامرة على الوطن، وما أتناوله ليس سراً بل تناولته ولا يزال، القنوات الإعلامية والصحف التي تعارض توجه الجبهة، فتم وصف الأستاذ حمدين الصباحى بانه له علاقات مع حزب الله اللبناني وانه تلقى أموالا من جهات خارجية مثل حزب الله وايران، وانه دعا أنصاره من التيار الشعبي لاستخدام العنف، أما الدكتور البرادعي فقد وصف بان له علاقات مع الغرب وخاصة أمريكا وانه يريد تنفيذ مخطط غربي أمريكي في مصر وانه يتعاون مع رموز النظام السابق من اجل إعادة النظام السابق مرة أخرى، أما السيد عمرو موسى فقد كان حظه من تلك الاتهامات بانه على علاقة بإسرائيل والماسونية وانه ينفذ مخططات إسرائيلية أمريكية في مصر، أما بقية أعضاء الجبهة فوصفت بانها تريد تحاول إسقاط المشروع الإسلامي في مصر، وتسعى لإحداث فوضى بأفكارها العلمانية والليبرالية واليسارية، ووصفت جبهة الإنقاذ ككل، بان هدفها إسقاط النظام الحالي بحشد المظاهرات واستخدام الإعلام الذى وصف بالفلولى وبتمويل خارجي وأيضا بالتعاون مع رموز النظام السابق وبتمويله أيضا، كل ذلك تم نشره في وسائل الإعلام المرئي والمقروء، كما أن النائب العام يحقق في عدة بلاغات لاتهام أعضاء الجبهة بالخيانة العظمى، ونضم إلى تلك الصورة ما ذكره رئيس الجمهورية في حديثه أن يعلم بان هناك مخطط لبعض أشخاص يجتمعون في فندق أو في مكان ما، وانه سوف يعلن عن ذلك المخطط في الوقت المناسب، وتم أيضا خلال الأحداث القبض على بعض البلطجية في مظاهرات الاتحادية وأثناء حرق مقرات الإخوان وفى السطو على المجلس الشعبي للإسكندرية، ثم تم الإفراج عن هؤلاء البلطجية، مما اثأر استغرابي كيف لبلطجي يتم القبض عليه وبحوزته سلاح، ثم يتم التحقيق معه، ويتم الإفراج عنه، دون نشر تفاصيل هذا التحقيق؟ كما أننا أمام حقيقة أن رئيس الدولة قد دعي تلك الشخصيات للحوار، فاذا كانت بالفعل هناك مؤامرة من الجبهة ضد مصر كما تنشره وسائل الإعلام، وقد تفاعلت معها من كثرتها وانتشار تفاصيلها، فإننا أمام امرين: إما ما قد تم تناوله ضمن أساليب التشهير والإعلام الكاذب وهذا يعاقب عليه القانون، وإما أننا بالفعل أمام مؤامرة وعلى أجهزة الدولة المسؤولة عن ذلك مثل الداخلية والمخابرات والأمن الوطني ومؤسسة الرئاسة أن تعلن عن ذلك صراحة، وفى الوقت الحالي، وان ادعاء أن الوقت غر مناسب فكان أيضاً من المناسب عدم التشهير أو اتهام أحداً حتى يتضح بالفعل أن هناك مؤامرة، وانا شخصيا ادعوا تلك الشخصيات ألا يتنازلوا عن حقهم في الدفاع عن انفسهم وبيان حقيقة موقفهم، وان يتقدموا ببلاغات ضد الجهات التي تنشر تلك الادعاءات ، إلا انه قد يتصور البعض في عرضي لهذا الموضوع انى أدافع عن الجبهة ، لكن الحقيقة أنى أعارضها، وأعارض موقفها من القرارات الأخيرة، وأعارض فكرها السياسي، بل انى من المؤيدين لقرارات الرئيس الأخيرة وللدستور، إلا أن الأمر يتعلق بالموضوعية وعدم التعرض للأشخاص دون أثبات أو دليل بما لا يليق، والا تحولت مصر إلى فوضى من اتهامات وتخوين لأى تيار من الجهتين المعارض أو المؤيد للرئيس، فإننا أمام قرارات ، ولكل الحق إبداء رائيه، وبطريقة سلمية، واننا نريد أن نؤسس لمبدأ الحرية والديمقراطية، والتقيد بالقانون في اتهام الأشخاص أو الأحزاب، خاصة عندما يكون الاتهام الخيانة العظمى، ومحاولة إسقاط نظام منتخب، فإننا نختلف حول وقرارات سياسية، فقد نكون اليوم مختلفين، وغداً متفقين، وانه لابد أن نخرج من دائرة الديمقراطية إلى التشدد في الآراء، ونشر الشائعات مما يدعوا إلى فتنة وإثارة الفوضى. إن نقص المعلومات وانتشار الشائعات وعدم مهنية الإعلام يشكل خطراً كبيرا على امن الوطن وتماسكه، ومن حق المواطن العادي أن يعلم حقيقة الأحداث، وأن تسعى الدولة لنشر كافة المعلومات، حتى لا تزيد الشائعات والاتهامات مما يعرض لأمن الدولة للخطر، فما هي حقيقة ما ينشر من اتهامات لجبهة الإنقاذ الوطني؟ وما نتائج التحقيق مع البلطجية في مظاهرات الاتحادية وفى حرق مقرات الإخوان الحزبية، وغيرها ؟ ولذلك اجد في الدستور الجديد ما يكفل الحماية للأشخاص أو المؤسسات من تلك الوسائل، في يتعلق بالنشر واتهامات الأخرين، ونشر الأخبار والمعلومات ويتيح أيضاً حرية الحصول على المعلومات من أي جهة رسمية، لذلك ادعوا جبهة الإنقاذ الوطني لقبول الدستور الجديد، الذى سيكفل لأشخاصها الحصول على حقوقهم اذا لم يثبت ادعاءات اتهاماتهم. د.سرحان سليمان الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والاقتصادي [email protected]