الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور محمد مرسي رجلان فاضلان، وقيمتان وقامتان كبيرتان، نحسبهما على خير ولا نزكيهما على الله تعالى، لكل منهما مميزاته، ولكل منهما كذلك سلبياته التي لا يخلو منها بشر، ومن ثم ينبغي التعامل معهما من هذا المنطلق، فلا يرفع كل واحد من مؤيديهما صاحبه إلى درجة العصمة، في الوقت الذي يكيل فيه الاتهامات، ويفتري فيه الأكاذيب، ويغمز فيه على أقل تقدير الطرف الآخر. ولا يصح أن يأخذنا التعصب لأحدهما بعيدا عن منهج الإسلام وأخلاقه، التي وضعت لتضبط أقوالنا وأفعالنا حال الرضا وحال الغضب، حال الموافقة وحال المخالفة، حال الحب وحال البغض، وغيرها مما يعتري الإنسان بصفة عامة، والمسلم بصفة خاصة من أحوال متباينة. وأحسب أن الرجلين إذا التقيا أو تناظرا لن يكون بينهما مثل ما بين مؤيديهما من تناحر وتراشق واتهامات، قد يستغلها الإعلام الفاسد في الإثارة والتشويه المتعمد لصورة التيار الإسلامي العريض، بعد أن ينفخ فيها، ويعمل على إشعالها، وهذا ما دفعني إلى أن أوجه هذه الرسالة إلى جمهور الناخبين الداعمين للفارسين النبيلين، اللذين ترتفع حظوظهما في الفوز بالسباق الرئاسي، مما يجعل توقع الفائز منهما أمرا في غاية الصعوبة؛ لما للرجلين من سمات ومميزات، أهمها ما يلي: أولا: أن الرجلين في سن واحدة تقريبا، إذ الفرق بينهما لا يتعدى ثلاثة أعوام. ثانيا: أنهما على قدر من العلم والأمانة والخبرة السياسية، فالأول منهما مارس العمل السياسي والنقابي لفترة تزيد على أربعين سنة، والثاني فارس برلماني له صولاته وجولاته تحت قبة البرلمان، كما أنه باحث متميز له العديد من الأبحاث والدراسات. ثالثا: الأول تدعمه قاعدة شعبية، ويحظى باتفاق معظم القوى الوطنية، بما فيه بعض التيارات الإسلامية، والثاني تدعمه جماعة وحزب لهما باع طويل في العمل السياسي، ولهما قاعدتهما الشعبية الكبيرة الحجم، الواسعة الانتشار. رابعا: أن لكل منهما مشروعه النهضوي الذي يرتكز فيه على المرجعية الإسلامية، وأزعم أنه لا خلاف بينهما في القواعد العامة والأساسية، التي يرتكز عليها كلا المشروعين. هذه المميزات وغيرها هي ما يوقع عددا كبيرا من الناخبين من أبناء التيار الإسلامي وغيرهم في حيرة شديدة، وقلق لا يعلم مداه إلا الله عزوجل، وقد حدثني أحد أساتذة الجامعة قائلا(إننا نوصف بأننا من النخبة، وتشتد حيرتنا بين هذين الرجلين، فما بالك بغيرنا من الناس؟)، وهي حيرة محمودة تدل على أمرين: أولهما: استشعار الناخب المصري أن صوته أمانة سيسأل عنها بين يدي ربه سبحانه وتعالى، وعليه أن يتأنى ويتريث قبل التصويت لأحد المرشحين، حتى لا يضيع الأمانة بتوسيد الأمر لغير أهله، فقد قال صلى الله عليه وسلم(إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة). ثانيهما: إدراك المواطن المصري أن صوته أصبح مؤثرا في العملية الانتخابية، وأنه قد يكون سببا في فوز أقوام وهزيمة آخرين، ومن ثم فهو لن يعطيه إلا لمن يستحق، بعد دراسة وافية، وقراءة متأنية للمشهد الانتخابي من جميع جوانبه. قبل الختام أود أن أقرر ما يلي: أن حرص كل واحد من الرجلين على الاستمرار في سباق الرئاسة إلى نهايته أمر محمود، ولا شيء فيه من الناحية الشرعية، طالما خلصت النوايا، وخلت الأغراض الدافعة إلى الاستمرار من الغرور والعناد، ولا ينبغي أن ينزعج منه أبناء التيار الإسلامي(أقول هذا مع ميلي الشديد للتوافق على مرشح إسلامي) فقد حدث مثل ذلك من عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، حتى حسمه عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه لصالح عثمان بعد استطلاع آراء المسلمين. أنني على يقين من أن الدكتور أبوالفتوح بما نسمعه عنه لن يتخلى عن أخيه الدكتور محمد مرسي حال فوز الثاني بالرئاسة، كما أنني على يقين من أن جماعة الإخوان المسلمين ستدفع بكل ثقلها وراء ابنها الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح حال فوزه بالرئاسة، لأن السباق بينهما ليس على ألقاب يقدر ما هو تنافس من أجل الفوز بشرف خدمة مصر وشعبها العظيم، كما أن فوز أحدهما يعد فوزا للآخر، من غير شك. أن مصر أكبر من الجميع، وهي في الوقت نفسه في أشد الحاجة إلى الجميع. [email protected]