قبل ان تشرق ثورة 25 يناير 2011 لتحرر مصر من نظام فاسد حتي التعفن لم تكن دعوات الخروج وقتها تنادي بإسقاط النظام بل كان الطموح إجبار النظام علي عزل وزير الداخلية ومواصلة الضغط لتغيير حكومة نظيف باكملها. انتفض الشعب ضد قمع الداخلية وجبروتها واستبدادها الذي تجاوز المدي والاحتمال لكن نظام مبارك تجبر وتعنت وصم آذانه عن الاستماع لصوت معارضيه كان سقف المطالب في الشارع يتسارع يزداد بشكل مرعب بينما النظام يسير بسرعة السلحفاة وربما عاجز حتي عن السير او الحركة سوي مواجهة الشارع بالقتل والسحل حتي سقطت الداخلية وانكسرت وانسحبت وفرت هاربة من الشوارع والميادين وبقي الشعب يناضل من اجل حريتة والمقابل دم علي مدار 18 يوما حتي اعلن النظام تخليه عن السلطة في مثل هذا اليوم 11 فبراير اي منذ عامين بالضبط. وجاء المجلس العسكري غير مستوعب للدرس ومارس نفس القمع في رهان منه علي طبيعة الشعب المصري الأقرب الي الملل وقصر النفس وربما الاستسلام والعودة للبقاء خلف أسوار الخوف لكن ارادة الشعب كانت أقوي ولم يصمد المجلس العسكري واضطر لتحديد موعد لانتخابات الرئاسة وتسليم السلطة. نفس السيناريو يتكرر مع نظام الاخوان والرهان علي بطش الداخلية وتطويعها كأداة لارهاب معارضي الاخوان وتأمين جلوسهم علي كرسي الحكم حتي لو تم سحل الشعب وتعريته مثلما حدث مع احد المواطنين علي الهواء، فالأهم تخويف الناس وإهدار كرامتهم وتعمد إذلالهم وإهانتهم واذا انكشف الامر وتحول لفضيحة عالمية مدوية بالصوت والصورة يمكن تقديم اعتذار وعفا الله عما سلف. في عام 1975 قدم المخرج علي بدرخان فيلم "الكرنك" عن قصة للاديب العالمي نجيب محفوظ وسيناريو وحوار ممدوح الليثي ومن بطولة نخبة من النجوم سعاد حسني، نور الشريف، كمال الشناوي، محمد صبحي، شويكار، فريد شوقي، تحية كاريوكا وفايز حلاوة.. وكشف الفيلم عن أزمة النظام مع الافكار ومحاربة كل صاحب رأي معارض من خلال مقهي الكرنك الذي يتم اعتقال روداه من الطلاب المثقفين المهتمين بالشأن السياسي وتعمد الداخلية تحطيمهم معنويا وقتل إرادتهم واغتصاب أحلامهم ظهر ذلك جليا من خلال الدكتورة زينب التي جسدت دورها سعاد حسني واغتصابها في المعتقل عبر احد بلطجية النظام الذي اشتهر باسم فرج فقام باغتصابها وإجبارها علي كتابة تقارير في زملائها أما حبيبها نور الشريف فكان يتلقي الصفعات علي "القفا" بشكل مهين لزرع الجبن في نفسة كان يجلد ويعلق، ظل القمع والجبروت حتي سقط رمز الطغيان كمال الشناوي وتم سجنه في اخر الفيلم بينما اصحاب الحلم لم ينكسروا وانتزعوا الحرية. بعدها بأربع سنوات وتحديدا في عام 1979 قدم المخرج حسين كمال فيلم "احنا بتوع الاتوبيس" عن قصة حقيقة للكاتب جلال الدين الحمامصي تناولها في كتابة "حوار خلف الاسوار" اما السيناريو والحوار لفاروق صبري وبطولة عادل إمام، عبد المنعم مدبولي، سعيد عبد الغني، جمال اسماعيل، يونس شلبي وتناول الفيلم تلفيق النظام ممثلا في الداخلية يدة الباطشة التهم لاي مواطن فالاعتقالات عشوائية تطال الجميع سواء المعارضة او حتي اللي بيمشوا جنب الحيط.. من خلال موظف ورب أسرة هو مدبولي يخشي جاره الذي سكن السطوح متوهما انه من الأمن حتي يلتقيه صدفة ويستقلان الاتوبيس معا الي ان تقع مشاجرة مع الكمسري ويتم اقتيادهما الي القسم وهناك يتم تلفيق تهم من عينة قلب نظام الحكم "لاحظ انها نفس التهم التي توجه للمعارضة حاليا" وما شابه واجبارهما علي التوقيع علي كل الجرائم الملفقة وبعد حفلة تعذيب جلد واهانة واذلال منها ربط مدبولي من عنقه مثل الكلب واركاعة علي الأرض وهو يقول "أنا كلب يا سعادة البيه" أو اذلال عادل إمام بإجباره علي عمل نوم العازب وهو يتقلب فوق صفيح ساخن موضوعا علي الارض او كهربته وكل أشكال التعذيب بينما الباشا سعيد عبد الغني رجل الداخلية والنظام يضحك ومعه الشاويش البسيط المغسول مخه من خلال ايهامه بأن هؤلاء أعداء الوطن الخونة فيضرب بقسوة وبلا رحمة. إلي أن تأتي النهاية بثورة هؤلاء المساجين المعذبين علي قيادات المعتقل مع ثورة الجنود علي مرؤوسيهم فيسقط الجميع لتسيل دماؤهم معا وتتحرر مصر من طغيان وجبروت نظام قمعي بدماء ابنائة الطاهرة. هكذا السينما تؤرخ لكل الأنظمة وتفضح جميع أشكال القمع، وما أشبه اليوم بالبارحة شارع محتقن وشعب يغلي ونظام لا يبالي وداخلية تقمع ونزيف دماء لا يتوقف، حتي الاتهامات تجدها واحدة سواء في السينما او حتي في الواقع سواء منذ 25 يناير 2011 ابان نظام حكم مبارك وصولا لخلعه في 11 فبراير واستمرارا للمرحلة الانتقالية للمجلس العسكري التي وصفت بالانتقامية من كثرة الدماء التي اسيلت خلالها ونهاية بنظام حكم الاخوان الذين يبطشون بمعارضيهم عبر ميليشياتهم كما فعلوا عند قصر الاتحادية أو عبر وزارة الداخلية التي تحمي مقر الجماعة في المقطم وتنكل وتسحل من يثور او يعارض مثلما حدث مع المواطن حمادة الذي تم تعريته عند محيط قصر الاتحادية ليكشف عن عورات نظام تغير اسما لكنه لم يتغير فعلا، ليبقي الشعب مواصلا ثورته في كل محافظات مصر مطالبا بحريته وبالقصاص لشهدائه وبإسقاط النظام الذي رغم مرور عامين علي إسقاطه يبدو انه لم يسقط ليستمر الهتاف يدوي "الشعب يريد إسقاط النظام" حتي إشعار آخر.