أكد خبراء الاقتصاد أن اتجاه الحكومة لرفع ضرائب علي نحو 50 سلعة سوف يؤدي إلي تصاعد حدة التوترات والمعارضة لهذه السياسة، موضحين أنها سوف تؤدي إلي ارتفاع معدلات التضخم بدرجة كبيرة خاصة إذا ما كانت لسلع وسيطة. ورأوا أن فرض الضرائب سوف يؤدي إلي زيادة معاناة الطبقات المتوسطة والفقيرة لانخفاض دخلها الحقيقي. وأشاروا إلي أنه إذا استخدمت حصيلة الضرائب لعلاج العجز في الموازنة العامة للدولة فهي بذلك لا تنفق في الأوجه الصحيحة ولن يشعر بايجابياتها المواطن البسيط، بل علي العكس سوف تؤثر سلبا علي المشروعات الصغيرة والتي تعد العمود الفقري لأي اقتصاد. وشددوا علي أن اتجاه الحكومات لغرض الضرائب لعلاج العجز في الموازنة العامة دليلا علي فقدانها للرؤية الشاملة لإدارة الاقتصاد. وكانت الحكومة اتخذت قرارا بارجاء تطبيق رفع الضرائب علي 50 سلعة بعد أن آثار حفيظة عدد من القوي السياسية والاقتصادية ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي. وكان من أبرز السلع التي فرضت عليها زيوت الطعام 5% والاسمدة 5% والمطهرات والمبيدات 5% والخردة وفضلات الحديد 5% والاسمنت 10% والبيرة غير الكحولية 25%، المياه الغازية 25% وخدمات الفنادق 10%، وخدمات النقل السياحي 15% والنقل المكيف 10% وخدمات الوسطاء 10% بالإضافة إلي زيادة الضرائب علي خدمات اتصالات المحمول 18%، والخدمات التي تؤدي للغير 10% وعن كل تصريح إداري 90 قرشا، وعن كل رخصة تصدر من الجهاز الإدارة للدولة 3 جنيهات. يؤكد د.ايهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث باكاديمية السادات للعلوم المالية والإدارية أن رفع الضرائب علي نحو 50 سلعة في قرار واحد سوف يؤثر سلبا علي الاقتصاد حيث تؤدي الضريبة إلي ارتفاع معدل التضخر بدرجة كبيرة خاصة إذا ما كانت هذه السلع وسيطة. ورأي أن الآثار الاجتماعية لرفع الضريبة علي السلع وتتمثل في زيادة وتفاقم المظاهرات واحتدام المعارضة نتيجة زيادة معاناة الطبقات المتوسطة والفقيرة لانخفاض دخلها الحقيقي. وأوضح أن أداءالشركات لن يتأثر برفع معدلات الضرائب، مشيرا إلي أنها تلجأ إلي رفع أسعار منتجاتها بنفس النسبة. ونوه إلي أن الشركات قد تتأثر بطريقة غير مباشرة إذا ما انخفض الدخل الحقيقي للمواطنين بحيث يؤدي إلي انخفاض الطلب علي المنتجات واحداث موجة من الركود الاقتصادي وبالتالي تقل ربحيتهم. وأكد أن رفع الضرائب ليس كله شرا حيث يوجد آثار ايجابية تتمثل في تقليل العجز في الموازنة العامة للدولة خاصة أن بعض السلع المفروض عليها الضريبة تتميز بعدم مرونة الطلب عليها لأنها ضرورية للمجتمع. وعن تأثير ارتفاع الضرائب علي الشركات المتداولة بالبورصة أوضح الدسوقي أن التداولات بالسوق لا ترتبط بارباح الشركات والتي قد تتأثر نتية حدوث ركود اقتصادي وإنما ما يديرها هو المضاربات بدليل وجود شركات خاسرة وأسعار أسهمها ترتفع. ورأي أنه من الأفضل إلغاء القرار لأن آثاره السلبية تفوق ايجابياته بكثير، مشيرا إلي أنه إذا كان ضروريا رفع الضرائب فيكون بصورة تدريجية وتبدأ بالسلع غير الضرورية، أو أن يرفع من قائمة السلع المفروض عليها الضريبة السلع الوسيطة كالحديد والأسمنت حتي نحد من ارتفاع معدلات التضخم. وأكد أن هناك بدائل أخري لعلاج العجز في الموازنة العامة أفضل من فرض ضرائب جديدة منها ترشيد النفقات وضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة ووضع حدود قصوي للدخل. يري د.ياسر محمد جاد الله أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث الصينية بجامبعة حلوان أن رفع الضريبة علي السلع يختلف تأثيرها من سلعة لأخري مشيرا إلي أن رفع الضرائب علي سلع غير مؤثرة في الاستهلاك يكون مفيدا وايجابيا بينما رفعها علي سلع استهلاكية أو وسيطة تستخدم في العملية الإنتاجية يؤدي إلي آثار سلبية حيث إن رفع الضريبة يؤثر مباشرة علي الفرد. وأوضح أن رفع الضرائب علي السجائر يعد أمرا جيدا لأنها تضر بالصحة ورفع سعر الضريبة سوف يؤدي إلي خفض معدلات استهلاكها وبالتالي رفاهية المجتمع، أما رفع الضرائب علي سلع أساسية فإن تأثيرها سوف يكون سلبيا علي المستهلك حيث تقل من رفاهيته وتراجع دخل الأفراد مع تدني قيمة الجنيه بدرجة كبيرة. وأكد علي ضرورة أن يكون فرض الضريبة علي من يمكنه أن يتحمل عبء الضريبة بصرف النظر عن كونه مطلبا من متطلبات صندوق النقد الدولي للموافقة علي القرض. ورأي د.ياسر أنه إذا ما استخدمت حصيلة الضرائب في تحسين مستوي الخدمات فإنه أمر جيد، أما إذا ما استخدمت لتمويل العجز في الموازنة وبالتالي لا تنفق في الأوجه الصحيحة لها وبالتالي لن يشعر بايجابياتها المواطن البسيط. وأوضح أن تأثير فرض الضرائب علي المجتمع سيكون بمثابة الصدمة في الأجل القصير، مشيرا إلي أن الضريبة سوف تؤثر سلبا علي المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير القادرة علي التصدي لرفع الضريبة والتي تعد العمود الفقري لأي اقتصاد. وأكد د.ياسر أن الحكومة ليس لديها رؤية اقتصادية، والقرارات التي تصدرها غير واضحة، مشددا علي ضرورة وجود منظومة شاملة للاقتصاد، فمثلا حتي نحقق معدلا للنمو 7% لابد من توفير مبلغ معين كاستثمارات جديدة، يتم توضيح كيفية تدبير هذه المبالغ. ورأي أنه عندما تبحث الحكومات عن رفع الضرائب فإن ذلك يعد دليلا علي فقدانها للرؤية الشاملة لإدارة اقتصاده، فالضريبة تفرض بقوة القانون للجلب، ومن يتأثر بها الموظف العادي ومحدودو الدخل وهم الأغلبية في المجتمع. ونوه إلي أنه إذا كان الغرض من فرض الضرائب تمويل العجز فإن هذا يعد فشلا فمثلا حيث غاب عن الحكومة دراسة الآثار المترتبة علي المجتمع نتيجة فرض الضرائب مؤكدا أن تأثير الضرائب علي الاستهلاك سوف يؤثر علي المواطن البسيط فيزيد الفقير فقرا.