الخبراء: ضربة قاصمة للاستثمار ووسيلة جديدة للجباية يعتبر الكثير من خبراء الاقتصاد وممثلى منظمات الاعمال أن سلسلة الاجراءات الضريبية الأخيرة التى أعلنت عنها الحكومة مؤخرا بمثابة ضربة قاصمة للاستثمار. وسجل هؤلاء العديد من النقاط الاعتراضية على معظم أنواع الضرائب التى جرى فرضها بدعوى تحقيق العدالة الاجتماعية بينما هى فى جوهرها وسيلة لجمع مزيد من الاموال لسد جانب من عجز الموازنة. بداية أشار الدكتور سعيد عبد المنعم استاذ المحاسبة والضرائب بكلية التجارة جامعة عين شمس الى ان التعديلات الأخيرة لم يكن لها إلا غرض واحد وهو الغرض المالى، حيث توجد اغراض أخرى بخلاف الهدف الاقتصادى وهى تحقيق العدالة الضريبية وهو ما لم يتوافر فى القرارات الأخيرة حيث لم تزد الضريبة التصاعدية التى اقرتها الحكومة من نصيب الشرائح المحدودة الدخل لأن نصيب هذه الشرائح بقى كما هو دونما تغير مع ارتفاع طفيف فى نصيب الشرائح المرتفعة. وأضاف ان التركيز على فرض ضريبة على البورصة يضر بالاستثمار وسبق ان اعلنت حكومة الدكتور شرف عن نيتها فى ذلك وقوبلت بهجوم شديد، أمر آخر كشف عنه د. سعيد وهو الضريبة على توزيعات الارباح بالنسبة للشركات التى اعتبرها ازدواجا ضريبيا لأن هذه الشركات سبق ان دفعت ضرائب الشركات وبالتالى فأنا أحصل منها الضريبة مرتين، موضحا ان زيادة ضرائب المبيعات بنسبة 1 % له هدف مالى بحت وهو زيادة الحصيلة وسوف يؤدى ذلك الى ارتفاع اسعار السلع والخدمات، موضحا أنه كان ممكنا ان نوسع القاعدة الاقتصادية ونحصل أمولا دون التفكير فى الضرائب الجديدة من خلال حلول موجودة بالقانون نفسه وكان على الحكومة قبل ان تتخذ مثل هذه القرارات المؤثرة أن تسأل أهل الخبرة وتطرح عليهم رغبتها فى ذلك الأمر، فعلى سبيل المثال الانتقال الى ضريبة القيمة المضافة مثلا كان سوف يحقق ارباحا تفوق ال 1% التى تم زيادتها على ضرائب المبيعات وبدون مشاكل رفع الضريبة. ويرى الدكتور رمضان صديق استاذ التشريعات المالية والضريبية بجامعة حلوان ان الضريبة التصاعدية هى الضريبة ذات الأسعار المتعددة أى التى يتغير سعرها بتغير قيمة وعاء الضريبة فيزيد السعر بزيادة قيمة الوعاء فإذا كانت اسعار الضريبة هى 10 % على الدخل الذى يبلغ ألف جنيه و20% على الدخل الذى يبلغ 2000 جنيه و40 % على الدخل الذى يبلغ مليون جنيه فإن هذا هو التصاعد الفعلى فى سعر الضريبة أما ما أعلنته الحكومة من زيادة وتصاعد فى أسعار الضرائب فإلى حدا ما يفتقد الرؤية الواضحة لأن التصاعد فى الضريبة يجب ان يطبق بحيث تزداد الضريبة كلما زاد الربح وقد يجد المشرع حالة الممول الاجتماعية سببا للتصاعد فيفرض الضريبة على الدخل بسعر يزيد على الممول الأعزب عنه بالنسبة للمول المتزوج ويعدل وقد يكون نوع السلعة سببا آخر للتصاعد فتفرض الضريبة على المبيعات بسعر منخفض على السلع الضرورية. وأكد عبد الله العادلى رئيس لجنة الضرائب بجمعية ابدأ ورئيس قطاع الضرائب بمكتب برايس وترهاوس أن قرارات الحكومة الأخيرة والخاصة بتعديلات الضرائب لم تكن مدروسة بالشكل الكافى ولم يكن مدروسا أثرها على الاقتصاد والاستثمار موضحا أن هذه التعديلات سترفع من تكلفة الاستثمار مما سيؤثر على قدرة مصر على جذب الاستثمار الأجنبى بما يتناقض مع تحركات الحكومة لجذب الاستثمارات المباشرة، وكشف العادلى أن الاتجاه نحو هذه الإجراءات وحدها لزيادة الموارد الضريبة دون إجراء تعديل هيكلى فى أداء مصلحة الضرائب بما يسمح بتعديل معاملتها مع الممولين وإقرار الربط الذاتى للمول لن تزيد الحصيلة وربما ستؤثر التعديلات بالسلب على الحصيلة الحالية، مشيرا الى أن التعديل الجديد يأتى ومصر على وشك الدخول فى مرحلة كساد والهدف الأساسى من هذه التعديلات هو الجباية لسد العجز فى الموازنة دون النظر الى الآثار المترتبه عليها، وأشار الى ان خضوع الطرح الأول من الأسهم بعد القيد بالبورصة يثير التساؤل حول الأسباب لخضوع تلك الحالة فقط من ارباح الأسهم ولماذا الخضوع لمرة واحدة ولماذا لا تخضع ارباح الأسهم بصورة عامة تحقيقا للعدالة التى يجب ان يسدد عنها ضريبة متوقعا الا يترتب على هذا التعديل حصيلة لأنه يختص بحالة وحيدة غالبا ما تكون ارباحها بسيطة وفى نفس الوقت لا يحقق العدالة خاصة ان المشرع أعفى الأموال الساخنة التى تضارب فى البورصة من الضريبة ولا تفيد الاقتصاد بصورة مباشرة، وأضاف ان هذا التعديل سوف يؤثر على قدرة الشركات التى ستقيد بالبورصة لغرض طرح اكتتاب جديد للتوسع الذى يمثل الهدف الرئيسى للبورصة فى توفير السيولة للشركات من خلال الاكتتاب العام كبديل للاقتراض من البنوك مما يؤثر على توسعات الشركات، وطرح العادلى بديلا لهذه الضريبة من خلال اقتراح بخضوع التعامل بالبورصة للضريبة بسعر 2 % تخصم من المنبع عند كل معاملة على ان يخضع لها جميع المتعاملين بالبورصة، حيث سيكون تطبيقها أسهل وتحقق حصيلة كبيرة بعد منح قدر من الاعفاء للمعاملات عندما تقل عن حد معين. من جهة أخرى أكد شريف الكيلانى رئيس قطاع الضرائب بإرنست ويونغ ان الاتجاه نحو زيادة الضرائب حل قديم ولم يثبت نجاحه على مدى الحكومات المتعاقبة موضحا ان خفض الضريبة فى مصر عام 2005 كان سببا مباشرا فى زيادة الحصيلة وجذب الاستثمارات المباشرة. واوضح ان قرار الاستثمار فى اى دولة مرتبط بتوفير 10 محاور فى مقدمتها اهتمام الدولة بتطوير النظام التعليمى والاستقرار السياسى والاهتمام بالبنية الاساسية، واذا ما تم تطبيق تلك المحاور على مصر حاليا لقياس مدى قدرتها على جذب الاستثمار نجد انها غير موجودة، موضحا ان التعديلات الاخيرة التى رفعت من مشاركة الشركات فى الضرائب بنسبة 25% تكشف ان مصر لن تكون محل جذب الاستثمار الاجنبى