هل تصلح التشريعات والصناديق ما أفسده الدهر في سوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة أكد الخبراء أن البنوك مازالت تتعامل بخوف تجاه تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة فالأيادي المرتعشة حسب وصفهم والضمانات المجحفة مازالت عائقا أمام نمو هذا القطاع مشددين علي ضرورة دعم الأفكار الريادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، كونها تسهم بشكل كبير أيضا في ايجاد فرص عمل الأمر الذي يسهم في تراجع نسبة البطالة التي تتزايد بشكل مطرد. يأتي ذلك في الوقت التي اتخذت فيه الحكومة العديد من الإجراءات لتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة علي رأسها إطلاق صناديق مالية متخصصة في تقديم التمويل للمشروعات الصغيرة مستفيدة من بعض القروض والمنح الخارجية التي حصلت عليها مصر من عدد من الدول العربية والأجنبية في الفترة الأخيرة، وفي مقدمتها بنك التنمية الصيني الذي قدم 200 مليون دولار وهو المبلغ الذي جري توجيهه إلي وزارة الاستثمار التي بادرت بتأسيس سلسلة من الصناديق المتخصصة لتمويل هذه المشروعات، حيث اطلقت الوزارة صندوق "بداية" برأسمال 200 مليون جنيه علي أن يتبعه صندوقان آخران هما بداية 2 وبداية 3. أضف إلي ما سبق مبادرات البنوك لتمويل مثل هذه المشروعات والتي كان توقيع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا" اتفاق تعاون مع البنك الأهلي المصري بقيمة 150 مليون جنيه هي إجمالي قمية القروض التي يوفرها البنك لدعم مشروعات شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الصغيرة والمتوسطة المسجلة بقاعدة بيانات الهيئة إلي جانب إعلان بنوك أخري، مثل البنك الأهلي سوسيتيه جنرال والبنك التجاري الدولي، زيادة محفظة التمويل المخصصة للمشروعات الصغيرة لتدور بين 15 و 20% من إجمالي التمويل المتاح من هذه البنوك خلال العام المقبل ،2013 بهدف تعزيز الجهود الحكومية الرامية لدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والاستفادة من التيسيرات المقدمة لأصحاب هذه المشروعات سواء في شكل اعفاءات ضريبية أو غيرها. أكد الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي علي ضرورة مساندة الحكومة للمشروعات الصغيرة بازالة العقبات التي تقف حائلا أمام تنفيذها مع تشجيع البنوك علي التمويل بالإضافة إلي تسويق المنتجات داخليا وخارجيا والذي يوفر فرص عمل للشباب ويساعد علي نمو الاقتصاد المصري. وأضاف أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعد العمود الفقري لأي اقتصاد قومي في العالم خاصة في دول العالم النامي لما تمثله من دعامة حقيقية للاقتصاد المصري، وقدرتها علي امتصاص أكبر عدد ممكن من القوي العاملة مما يساعد علي القضاء علي مشكلة ظاهرة البحث عن عمل. أكد أنه ورغم أهمية هذه النوعية من المشروعات وما تشكله من قيمة مضافة في اقتصاد الدول نظرا لمشاركتها مع الصناعات الكبيرة في تعزيز الصادرات ومع العلم بأنها تستوعب ثلثي قوة العمل فإن إجمالي الصادرات المصرية من تلك المشروعات لا يتعدي ال 4% فقط في حين تصل نسبة مشاركة هذه المشروعات في صادرات بلد مثل الصين 60% وتايوان إلي 56% وهونج كونج 70%. أكد الدكتور عبدالرحمن بركة رئيس بنك مصر رومانيا السابق أن الشروط التي تضعها البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة مجحفة وهو ما أدي إلي استمرار مشكلات هذه المشروعات وعدم قدرة القائمين عليها علي إقامتها، مطالبا بضرورة زيادة التسهيلات من جانب البنوك. وأضاف أن البنك عليه تعريف العملاء بالخدمات التي يقدمها في مجال تمويل المشروعات الصغيرة ومتابعة هذه المشروعات لضمان نجاحها لتعظيم دورها في بناء الاقتصاد، خاصة أنها تعتبر طوق النجاة للاقتصاد القومي. ومن جانبه أكد الدكتور أيمن فرج باحث اقتصادي بجامعة القاهرة علي أهمية دعم قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والحاجة إلي تقليل الانفاق وزيادة الدخول مطالبا بتخصيص بنك لاقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكذلك تفعيل الآليات التمويلية الأخري كالتخصيم والتأجير التمويلي وصناديق الاستثمار. أكد أن تأسيس بنك صناعي يساعد في تمويل المشاريع الصغيرة بأسعار فوائد مناسبة، مشيرا إلي أن الفوائد التي تفرض حاليا عالية جدا في حين لابد ألا تتجاوز وفق الدراسات العالمية علي هذه المشاريع 3،5%. ويلمح إلي التجربة السعودية في هذا المضمار، قائلا إن السعودية تعفي 50% من المشروع الصغير والمتوسط من الفوائد، وال 50% الأخري تعطي فقط 2،5% في حين تتراوح هذه الفوائد في تونس ما بين 2،5% و3،45% مشيرا إلي ضرورة تخفيض أسعار الطاقة علي الصناعات. طالب بتعديل قانون الإفلاس وتطبيق قانون الضمانات المنقولة مشددا علي ضرورة التأمين علي القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلي أنه في الآونة الأخيرة تعرضت المشروعات الصغيرة لأزمة كبيرة لتوقف نشاطها بسبب الاحداث التي أعقبت ثورة 25 يناير والتأمين ساعد البنك في تجاوز هذه المشكلة. واعتبر أن المشروعات التي أنشئت وفقا لدراسات جدوي منطقية هي الأكثر نجاحا والأكثر قدرة ومساهمة في حل مشكلتي الفقر والبطالة موضحا أن تلك المشروعات تسيطر علي حجم كبير من سوق رأس المال وحجم الأعمال الكلي حيث تتراكم فيها رؤوس الأموال والعمالة وتنتج أكبر حجم من الاستثمارات وهي بمثابة المحرك والمشغل للاقتصاد الوطني والممثل للشريحة الأوسع من المجتمع، مبينا أنه بالاعتماد علي حيويتها ونجاحها وقدرتها علي الاستمرار والبقاء تستطيع المحافظة علي حيوية الاقتصاد وقدرته وتطوره. أكد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تحظي في الوقت الراهن باهتمام مخططي السياسات الاقتاصدية والاجتماعية في دول العالم المتقدم والنامي علي حد سواء، لافتا إلي أن هناك اتجاها عالميا متسارعا لدعم ومساندة هذه المشروعات، لما لها من دور حيوي وجوهري في تحقيق الأهداف، والوصول إلي مستويات متقدمة ورفاهية عالية.