بدلا من أن تحيي الحكومة الضريبة العقارية، وهي ضريبة عادلة إذا تم اعفاء المسكن الخاص، فإنها فتشت في الدواليب القديمة لحكومات النظام السابق وعثرت علي مشروع بزيادة ضريبة المبيعات وهي ضريبة غير عادلة وقررت احياءها والعمل بها. لقد كانت حكومة نظيف تتأهب قبل 25 يناير لتنفيذ المرحلة الثانية من ضريبة المبيعات تحت اسم "الضريبة المضافة".. كان د. يوسف بطرس غالي وزير المالية يري أن ذلك أمر ضروري لاتمام الإصلاح الضريبي الذي بدأه بإعادة النظر في ضريبة الدخل وتلاه بالضريبة العقارية.. لكن ظروف الانتخابات البرلمانية التي أجريت في خريف 2010 هي التي أجلت تنفيذ مشروع الضريبة المضافة والتي تتضمن زيادة في ضريبة المبيعات.. منذ خشي الحزب الوطني الحاكم وقتها أن تؤثر هذه الضريبة بالسلب علي حظوظ مرشحيه الانتخابية، في وقت كان الغضب الشعبي يتصاعد والتبرم والضيق من زيادة الضغوط الاقتصادية لدي أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة والفقراء يتزايد.. ولذلك لم ير مشروع الضريبة المضافة النور في عهد النظام السابق. وبعد 25 يناير تصور الكثيرون أن إصلاحا ضريبيا لابد وأن يتم، خاصة في ظل تصاعد المطالب من قبل حركات وقوي وأحزاب سياسية بضرورة تخفيف الضغوط الاقتصادية علي المواطنين وأيضا ضرورة انتهاج سياسات ضريبية أكثر عدلا لا تساوي في الضرائب بين الأغنياء والفقراء.. لكن هاهو ظن هؤلاء يخيب بعد أن قررت الحكومة الحالية إحياء مشروع زيادة ضريبة المبيعات. فهذه الضريبة ليست عادلة لأنها تساوي في العبء الضريبي بين كل المستهلكين، فقرائهم وأغنيائهم، فهي تحدد سعرا للضريبة يدفعه كل مستهلك للسلع الخاضعة لهذه الضريبة، خاصة السلع الاستهلاكية التي لن يقدر الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة علي الاستغناء عنها. وهكذا.. تستمر سياسات الجباية الضريبية التي كان معمولا بها في ظل النظام السابق، وهي سياسة أرهقت كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة كثيرا. نعم الحكومة تبحث عن زيادة مواردها نظرا لأن هذه الموارد لا تتناسب مع نفقاتها، الأمر الذي يجعلها تعاني عجزا متزايدا باستمرار في موازنتها.. ولكن علاج هذه المشكلة لا يجب أن يتحمله من تنوء أكتافهم بأعباء هائلة ولا يستطيعوا تحمل مزيد من هذه الأعباء.. ولا يمكن التعلل هنا بأن صندوق النقد الدولي يصر علي ذلك، لأننا لا نمل من تكرار أن خطتنا لعلاج عجز الموازنة هي خطة مصرية خالصة لا دخل للصندوق بها!.. فضلا عن أن الصندوق يطالبنا بخفض العجز في الموازنة ولا يصر علي أن نستخدم آليات محددة في هذا الصدد. فلتبحث الحكومة عن زيادة مواردها بشكل لا يضيف أعباء جديدة علي صغار المستهلكين، حتي لا ينفجر هؤلاء المستهلكون في وجهها مثلما انفجروا من قبل في وجه حكومات سبقتها. عبدالقادر شهيب