* مازالت الأزمة المالية الحالية تهز صورة الاستقرار المالى والاقتصادى الفلسطينى، والذى حاولت السلطة الفلسطينية رسمها على مدار سنوات ومن وجهة نظر خبراء الاقتصاد فإن رئيس الحكومة فى رام الله د. سلام فياض يدير الأزمة المالية ولا يعالجها، وهناك فرق بين السياسة المالية وإدارة الأزمة المالية يجب أن يكون هناك استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه الأزمة، واتضح أن السلطة تفتقد لهذه الاستراتيجية. فياض الذى يرجع العجز فى موازنة السلطة كنتيجة طبيعية لنقص التمويل الخارجى والذى بلغ عام 2010 قرابة المائة مليون دولار وعجز تصاعدى فى عام ،2011 وترتب على هذا العجز ديون الحكومة التى وصلت لنحو مليار و300 مليون دولار بحسب إعلان فياض نفسه، فقد قرر رئيس الوزراء اتخاذ خطوات إضافية لمواجهة هذا العجز يأتى على رأسها مشروع قانون الضريبة الجديد الذى أعدته الحكومة ليطال الشرائح العليا التى يزيد دخلها السنوى على 200 ألف شيكل "حوالى 53 ألف دولار" وترتفع ضريبة الدخل من 15% إلى 30% على هذه الشريحة. لجأت حكومة فياض إلى هذا القرار لتعويض النقص الكبير المتواصل منذ عامين فى الدعم الخارجى، لذا فإن رفع الضريبة هو أحد خيارين لتحقيق هذا الغرض، ثانيهما ترشيد الإنفاق الحكومى. لقد واجهت السلطة الفلسطينية العام الماضى عقبات جديدة فاقمت من الأزمة المالية، تمثلت فى إقدام إسرائيل على حجز المستحقات المالية للسلطة مرتين: الأولى فى شهر يونيو، والثانية فى شهر نوفمبر، وهو ما ترك السلطة فى حال وصفها فياض ب "الإرباك الشديد الذى وصل حد الشلل"، إذ لم تتمكن السلطة من الوفاء بالتزاماتها مثل دفع الرواتب فى الشهرين المذكورين. وعلى الرغم من أن إسرائيل استأنفت تحويل مستحقات السلطة التى تصل إلى حوالى مائة مليون دولار شهريا، إلا أن احتجازها أدى إلى إضعاف ثقة الجمهور بقدرتها على الوفاء بالتزاماتها. هذا ناهيك عن معاناة الفلسطينيين من نسبة بطالة مرتفعة 25% ويبلغ معدل دخل الفرد 1600 دولار سنوياً وخبراء فى الاقتصاد يؤكدون أن الأزمة المالية ناجمة عن التوظيف غير المنظم الهادف إلى حل مشكلة البطالة وتشعب التزامات السلطة التى تشمل قطاع غزة والخارج بما فى ذلك أسر الشهداء "34 ألف أسرة" والجرحى والحالات الاجتماعية ولا يمكن إغفال حالة الانقسام الحادثة بين الضفة الغربية وقطاع غزة والتى كان لها أثر سلبى وتكلفة مالية مدمرة لأن الانقسام يحرم السلطة الوطنية من إىرادات مهمة فى قطاع غزة، فيما يبقى عليها ذات الالتزامات، وعلى سبيل المثال ففى عام 2011 بلغت نسبة الإيرادات المتصلة بالنشاط الاقتصادى فى غزة من إجمالى إىرادات السلطة 2% مقارنة ب 28% عام ،2005 على رغم أن السلطة تصرف حوالى 45% من موازنتها على قطاع غزة، وبحسب حكومة رام الله فإن حكومة حماس فى غزة تساعد بشكل مباشر وغير مباشر فى العجز الذى تعانيه حكومة فياض، وتدفع السلطة أكثر من نصف ميزانيتها لغزة ومن بينها رواتب لأعضاء حماس فى الحكومة والمجلس التشريعى وموظفين وهو جزء من التزام السلطة لصالح غزة، غير أن السلطة لا تتقاضى فى المقابل أى ضرائب من غزة مقابل الخدمات المختلفة التى تقدمها.. فحكومة حماس تمنع التجار من تسليم السلطة فواتير ضريبة القيمة المضافة للبضائع التى تشترى من إسرائيل، وتحصل السلطة على جزء من ضريبته حسب الاتفاقات، كما لا تدفع شركة الكهرباء التى يديرها مسئولون من حماس أى عوائد مالية للسلطة التى تدفع لها شهريا 45 مليون شيكل ثمن كهرباء عن إسرائيل. هذه الأزمة الطاحنة جعلت فياض يخرج عن صمته ويقولها صراحة لماذا لا تستطيع السلطة التغلب على أزمتها المالية خاصة فى ضوء ظروف سياسية صعبة وانقسام بين شقى الوطن وتسريب غير واعٍ بالمطلق للأموال المدفوعة أصلاً من المواطنين إلى خزينة حكومة الاحتلال فى إشارة إلى الفواتير التى تمنع حماس أن تستلمها السلطة وجعلت فياض يتساءل صراحة عن السبب لعدم التعامل مع فاتورة الكهرباء المستودة من إسرائيل إلى قطاع غزة. لكن كل ذلك لم يمنع أن يؤدى قرار الحكومة تعديل قانون ضريبة الدخل إلى حدوث اعتراضات واسعة فى قطاع الأعمال خصوصا الشركات الكبيرة وهو ما يهدد بهروب رأس المال الفلسطينى والأجنبى إلى الخارج. السلطة الفلسطينية فى السنوات الأخيرة عملت جاهدة على تقليص احتياجاتها من الدعم الخارجى بصورة كبيرة، لكن