علي الرغم من الأزمات التي تمر بها الولاياتالمتحدةالأمريكية واحدة تلو الأخري، إلا أن اقتصادها سيظل المحرك الأول للاقتصاد العالمي، وتمر أمريكا حالياً بأزمة ديون طاحنة، فضلاً عن تراجع التصنيف الائتماني لها إلي سلبي، وأكد الخبراء أن تخفيض تصنيف الولاياتالمتحدة سيحمل معه انعكاسات عامة علي الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن تزيد معدلات الفائدة بشكل حاد علي ضوء التخفيض، وستتراجع قيمة الدولار، حيث غيرت وكالة "ستاندرد آند بورز" النظرة المستقبلية إلي سلبية لخمس شركات تأمين كبري، وهي متركزة في أمريكا. كما خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مؤخراً التصنيف من "مستقر" إلي "سلبي"، ورفعت موديز مخاطر أن يخسر هذا البلد علامته في حال "تراجع الانضباط المالي في السنة المقبلة" أو "تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير"، وأعلن هذا القرار بعد ساعات قليلة علي إقرار الكونجرس خطة لخفض العجز في الميزانية الأمريكية ترافق مع رفع سقف الدين الذي يجيزه القانون للدولة الفيدرالية. قال محسن عادل المحلل المالي، العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الإستثمار إن المؤسسات الاقتصادية والمالية العربية تترقب بشدة تطورات محادثات الدين الأمريكية التي تشهد تجاذبات قوية بين قطبي الكونجرس الجمهوريين والديموقراطيين، كما أن هذا الوضع جعل الأسواق العربية والعالمية، تتعرض لتقلبات قد تزيد خطورتها كلما تعثر الكونجرس في رفع سقف الدين العام البالغ 14.3 تريليون دولار في الوقت الحالي، وذلك قبل الثاني من أغسطس، وتشير آخر الإحصائيات إلي أن الاستثمارات العربية في سندات الخزانة الأمريكية بلغت نحو 400 مليار دولار. أوضح أن الأزمة التي تواجهها الولاياتالمتحدةالأمريكية تضع كثيراً من الدائنين لها أمام مشكلات كبيرة، حيث إن استثمارات الدول الدائنة مركزة في الأذونات والسندات الصادرة عن الخزانة الأمريكية، ويأتي تخفيضها ليؤكد أن هذه السندات - وإن بقيت موثوقة حتي هذه اللحظة - ستهبط أسعارها في أسواق رأس المال الثانوية، فالدائنون الراغبون في الحصول علي السيولة أو تنويع استثماراتهم سيضطرون إلي بيع جزء من محفظتهم بالسندات الأمريكية بأسعار أقل من الأسعار التي اشتروها بها، وهكذا يتكبدون خسائر رأسمالية في استثماراتهم بها. وحول انعكاسات الأزمة الأمريكية علي اقتصادات العالم العربي، قال عادل إن انعكاسات هذه الهزة علي اقتصادات العالم العربي ستكون واضحه، خاصة أن هذه الأزمة ليست بالحديثة، إذ إنها تفاقمت خلال السنوات العشر الماضية، وبالضبط منذ عام 2000 حينما كان سقف الدين الأمريكي في حدود 5950 مليار دولار "5.9 تريليون"، في حين أصبح سقف هذا الدين الآن في حدود 14.3 تريليون دولار، أي أنه تضاعف أكثر من مرة خلال عشر سنوات، وأسباب ذلك معروفة، منها الحروب في أفغانستان والعراق وارتفاع النفقات الأمريكية داخلياً وخارجياً. أضاف أنه من ناحية تراجع قيمة الدولار علي الصعيد الدولي، فإن معظم عملات الدول العربية، خاصة الدول النفطية، مرتبطة بالدولار، فهذا يعني أن هذه الدول ستتعرض لخسائر وقد تزيد هذه الخسائر في حال تعرض الدولار إلي انتكاسة بسبب أزمة الديون الأمريكية، فضلاً عن أن ما يحدث في الولاياتالمتحدة ينعكس دائما علي اقتصادات العالم العربي، نظراً للعولمة التي باتت تربط الشرق بالغرب، اقتصادياً واجتماعياً، لذلك فإن الانعكاسات المرتقبة من أزمة الدين الأمريكي ستكون واضحة. وحول مصير الأموال العربية المستثمرة في سندات الخزانة الأمريكية، قال عادل إنها ستشهد تأخراً في السداد، وفي الواقع فإن الأكثر أهمية من ذلك أن الولاياتالمتحدة التي خفضت معدل الفائدة علي الدولار إلي 1%، فإن هذه السندات لا تنتج ما يغطي التضخم، وبالتالي هناك خسارة كبري للدول التي تملك هذه السندات التي يكون مردودها من 2 إلي 3%، وعندما ينخفض الدولار بنسبة كبيرة، فهذا يعني أن هناك خسارة كبيرة في قيمة الموجودات "السندات" التي تقيم بالدولار. وأضاف أنه عندما تتراجع إيرادات رؤوس الأموال العربية فإنه لا يبقي فائض كاف للاستثمار، وللأسف، فإن الدول