الطيبون لا يمرضون.. والأجدر أن يمرض الشريرون ربما تكون الوسيلة العادلة لعقابهم للانتقام منهم والتخلص من أشرارهم! محصلة ما استرعي انتباهي من تعليقات "طريفة" استمعت إليها وأنا علي فراش المرض أتأمل آمالي وعذاباتي تارة ومشاعر وآلام الآخرين نحوي استوقفتني طريقة التعبير عن الحب، والتعاطف والنظرة الي المرض، التي تتداخل فيها بقايا أساطير وخرافة بعضها يعود الي عصور مظلمة استخدمت فيها الكنيسة الأساطير للسيطرة علي الناس وحياتهم ومقدراتهم وبعضها ارتبط بالنظرة إلي ما يتجاوز إرادة وتحكم الإنسان مثل الخوارق الطبيعية علي أنها عقاب للإنسان. بعض كلمات المواساة والمشاركة الوجدانية تفوح فعلا بالعاطفة والطيبة ولكنها تنم عن أفكار قد تجافي العقل والمنطق صديقة طيبة جدا قالت بكل عفوية عندما علمت بالورم اللعين بعد يا لهوي "إنت معملتيش أي حاجة وحشة في حياتك تأخذين بأيدي الغلابة والمحتاجين.. ده انت طيبة جدا" واستدركت بعد ذلك لتقول "ربنا حينجيك عشان عملك الطيب". وأخري "يا عيني.. ده انت طيبة جدا ومتضريش أي أحد وإن شاء الله ربنا سينقذك" ويقودني ذلك إلي تحليل محتوي بعض هذه المآزرات والتي تعكس كيف تسللت بعض الأفكار الخرافية الي البعض بأن المرض يقع علي الإنسان عقوبة من الله لعبده.. وإذا ما افترضنا أن ذلك صحيح، فلماذا إذن مرض النبيون والصالحون؟ وإذا كان مرض الأبناء والآباء بل ووفاتهم عقابا فكيف يفقد الرسول عليه الصلاة والسلام أبناءه الذكور الذين ماتوا أطفالا ودفنهم بيديه وزوجته السيدة خديجة وعمه حمزة رضي الله عنه، إضافة الي انه شتم وكذب وقيل عليه ساحر وكاهن وسحر ومرض وقوتل وجرح وأخرج من بيته يعني تعرض لجميع أنواع البلاء التي لا تخطر علي بال بشر، كما نجد في سيرة الأنبياء والرسل الحكمة التي قد نغفل عنها عندما ينزل علينا أي ابتلاء فنبي الله نوح عليه الصلاة والسلام ابتلي في زوجته وابنه وقومه ونبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام ابتلي في أبيه وقومه ثم في زوجته هاجر حيث أمر بتركها في مكان ليس فيه زرع ولا بشر ثم في ولده حيث أمر بذبحه بيده. كذلك نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام ابتلي في أولاده جميعا خاصة في يوسف عليه الصلاة والسلام وأخيه وابتلي أيضا في فقد بصره من الحزن. وأيضا نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام ابتلي عددا من السنوات ظل طريح الفراش وزوجته تسعي علي رزقها ورزقه وفقد أولاده جميعا وماله كله وأرضه بعد أن كان غنيا. إذن استعراض هذه السير العطرة وغيرهم من الصالحين تؤكد اننا كبشر عاديين لسنا أفضل من الأنبياء ولا أحب الي الله منهم وقد ابتلاهم جميعا ويكون من نزل عليه الابتلاء قريبا من الله وهذا هو السر في استجابة الله لدعوة المريض.. لانه قريب منه مثله مثل المظلوم والصائم والمسافر "فغربة المسافر.. وتعب الصائم.. وذل المظلوم.. وآلام المريض كلها مقربة من الله" فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه. ولا أدعي اني من الضالعين في الدين ولكني قارئة ومتأملة في حكمة الوجود، لذلك فالذي أعنيه ان المرض رغم عدم وجود أي دليل علي أنه عقوبة من الله لعباده إلا انه بالتأكيد يتضمن حكمة أو حكما قد تتضمن ان يخرج الله به الكبر والعجب والفخر من عباده فلو دامت للعبد جميع أحواله من مال وصحة وأولاد وجاه وسعادة ربما لتجاوز وطغي ونسي مبادءه ومسئولياته تجاه مجتمعه ولو أصيب بأمراض الحياة والانغماس فيها فزاد وتجاوز في ساعات العمل والجري واللهاث وراء شئون الدنيا ربما نسي صحته وحق بدنه عليه وحق أسرته. وقد يكون من بين الحكم المستخلصة أيضا استنهاض قوة الحياة بداخل الانسان والقبض علي طاقة الأمل بأن الربيع دائما يلي فصل الشتاء وان الشفاء بيدينا بعد الله وأن الإنسان لابد أن يقدم الشكر للمولي عز وجل ولتلك الجراح والآلام التي جلبت له ذلك الادراك لما يدور حوله وداخله، بأن "يضرب فرامل" لموتور نفسه حتي يعمل صيانة وربما يستلزم الأمر عمرة لموتور النفس والروح وهي أهم من عمرة موتور البدن والجسد وهذه الحكمة هي أهم وأجدي من التفكير فيما إذا كان الله يعاقبنا بالمرض أو بأي مصيبة كانت. ولا يمكن أن نتجاهل هذا المعني وهذه الحكمة.. ولكن من المهم ان نتوصل أولا إليها حتي نفهم ونعي تلك الحكمة وذلك المغزي! ورغم أني أجد صعوبة في هذه الظروف بالذات لاستحضار رسائل تحمل الأمل والحلم بغد أفضل لكني في أشد الحاجة إليها بل ان كل من يحيطون بي هم في أمس الحاجة إليها وتحاصرني مجموعة من الأحداث المؤلمة، تهاجمني، أحاول أن أتملص من التفكير في مرضي فتهاجمني مصيبة أخي وزميلي العزيز عصام السباعي الذي تعرض لحادث مرور مفجع، قضت فيه نحبها زوجته الأخت والصديقة "هبة" والابن العزيز "يوسف" بينما يرقد