فجأة دخل الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء هو وأسرته يوم الاحد الماضي، مطعم التابعي في المهندسين، والمشهور بتقديم وجبات الفول والطعمية من أجل تناول طعام الإفطار هو وأسرته، ولم يصدق رواد المطعم الشعبي أنفسهم، ولاسيما بعد أن بدأ الدكتور شرف في طلب اطباقا من الفول والطعمية والباذنجان المخلل وسلطة الطحينة والعيش البلدي، له ولأولاده وزوجته، بل بعضهم لم يصدق أن الجالس أمامهم هو رئيس وزراء مصر، لأنه كان يرتدي ملابس بسيطة جدا، وكان بلا حراسة شخصية، أو حتي سائقا لسيارته، وهذا ماجعل رواد المطعم يندفعون نحو شرف، بعدما انتهي من تناول الفول والطعمية لأخذ صورة تذكارية معه هو وأسرته، كي يتأكدون أن ما يحدث ليس بحلم . والحقيقة أن تناول رئيس الوزراء لطعامه في مطعم التابعي الشعبي جعلني أتذوق أحلي ثمار ثورة 25 يناير، ليس لأنني من هواة تناول الفول والطعمية، أو لأنني كنت من رواد هذا المطعم تحديدا، لأنه يقع في شارع جامعة الدول العربية، وعلي ناصية الشارع الموجود فيه مقر جريدتي القديم بالمهندسين، جريدة العالم اليوم، والتي شاركت في تأسيسها والعمل فيها منذ عشرين عاما وحتي الأن، ولكن لأنني عشت اليوم الذي رأيت فيه رئيس وزراء مصر، ومسئولا بحجم الدكتور عصام شرف، يجلس بين عوام الناس ويأكل الفول والطعمية بلا حاشية أو حراسة، أو إجراءات أمنية مهينة للمصريين . ففي العهد السابق، أيام "الملكية المباركية" كان مرور رئيس الوزراء في الشارع يعني إغلاق المرور وحبس المواطنين في السيارات لمدد طويلة مما يزيد المرور إختناقا، وتعطيل مصالح المصريين، وإذا تصادف أن مر موكب رئيس الوزراء وكانت بجواره سيارات مواطنين عاديين، نجد الحراسة الشخصية المرافقة لرئيس الحكومة تخرج أسلحتها من شبابيك العربات المصفحة - ذات السارينة العالية - التي تركبها، وتلوح للسيارات بالابتعاد مستخدمة ألفاظ تهديد ووعيد لا تليق أحيانا . وإذا فكر رئيس الوزراء في السابق أن يتناول طعامه، والذي كان إما في مطعم مشهور جدا وفايف استار، أو في مطعم بأحد الفنادق الكبري، كان تأمين هذه الأماكن يجعل المواطنيين يشعرون وكأنهم ليسوا في بلادهم، بسبب منع المرور، والتفتيش، وخلافه، بل إن رواد الفنادق من السائحين كانوا يحبسون في غرفهم أحيانا، لأنه ليس من المهم أن يخرج السائحون لمشاهدة معالم بلادنا وفقا لبرامج زيارتهم، ولكن الأهم أن يتناول رئيس الوزراء طعامه المجاني الفاخر هو وحاشيته في الفندق . وما كان يحدث مع رؤساء الوزارات السابقين في تأمين تحركاتهم كان يحدث مع الوزراء ولكن بدرجات متفاوته، فتأمين تنقلات وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي مثلا، كان يختلف كثيرا عن تأمين تحركات وزيرة القوي العاملة السابقة عائشة عبد الهادي، رغم أنها كانت تفضل أيضا تناول الطعام في المطاعم الراقية بعد أن كانت تتناول الفول والطعمية مع العمال وقت أن كانت ناشطة في الحركة النقابية العمالية، ولكن كانت المناصب في عهد مبارك "المحبوس" تعني التعالي علي المواطنين، وجاءت الحكومة الحالية الذي يتناول رئيسها الفول والطعمية، لتعيد الاعتبار إلي الشعب المصري الكريم الأبي الذي لن يذله حاكم أو يهينه مسئول بعد الآن. حمدي البصير [email protected]