يقولون "الوقائع الرسمية" ويقصدون الأحداث كما حدثت دون زيادة أو نقصان، ويقال إنها نشرت بجريدة الوقائع الرسمية إشارة إلي صدق وقائعها، وأتذكر في حوار إذاعي بيني وبين يوسف إدريس أديبنا الكبير أني كنت أتكلم عن واقعة ما فقال لي ساخرا "من الأمانة مناقشتها والخوض فيها واستخراج مضمونها قبل أن تنشر في الوقائع الرسمية نصا جامدا متحجرا تحجرا رغم الواقع الحي بكل حرفية حدوثه"، وأتذكر عبارتي ردا علي يوسف أدريس: لعلك تقصد الفرق بين التاريخ والتأريخ، فلمحت عيني يوسف إدريس وقال: أصبت المعني، فالتاريخ نص خبر أو حادث والتأريخ هو تحليل هذا الخبر أو الحادث في سياق زمني، والتاريخ الذي يعتمد علي الحدث المجرد هو شكل من أشكال الوقائع الرسمية. أما وقد أهدتنا "العولمة" تكنولوجيا النت، فقد ظهر في حياتنا المواقع الإلكترونية، وما أدراك هذه المواقع، صحيح أنها أسرع صحافة وصحيح أن الخبر يبث في ثوان وتعرفه الدنيا في نفس وقت البث ولكن المواقع بدأت تتسابق في حمي تنافسية ومثلما كنا نقول صحافة صفراء، صارت هناك "مواقع صفراء" تسيء إلي البعض بالتشويه استغله فنون تحريك الصور علي النت بأساليب شيطانية ربما من هنا كنت أقول دائما إن النت هي ساحة الحق أحيانا وساحة الباطل كثيرا، ولقد تعرضت في وقت من الأوقات لفبركة علي النت في موقع ما كان الهدف إحداث وقيعة بيني وبين الداعية الإسلامي عمرو خالد وأخذت وقتا حتي ظهر أنها وقيعة مدسوسة لا أصل لها ولا فصل، وحين التقينا عمرو خالد وأنا في طائرة "مصر للطيران" العائدة من لبنان ضحكنا علي فصول الفبركة وأصولها، الغريب يومئذ أن بعض الأقلام الهوجاء نقلت وعلقت علي الخبر الذي نقله الزميل محمد صلاح من النت ونشره وهات يا تعليقات فيها تشفٍ وحقد وكانت كلها باطلة لأنها بنيت علي باطل نفس الشيء حدث علي بعض المواقع مؤخرا حين كنت اسجل حلقة من برنامجي الجماهيري "حديث المدينة" وتيارات المواقع في الفبركة بين الاحتجاز والاقتياد والعلقة السخنة في الميدان ولم يحدث شيء من كل هذا فقد كان ضيوفي الحقيقيون شباب ثورة يناير بكل آفاقهم الواسعة وهم الذين مكنوني من التسجيل وسط جو مشحون باللغط والهمجية ولكن شيئا مما ذكر المواقع لم يحدث، هناك ألف كاميرا وموبايل تسجل الحقيقة إلا إذا فبرك محترفو النت صورة لي بأسلوبهم الجهنمي ولذلك ظهرت الجمعة الماضية بلحمي وشحمي ولست وحدي من تعرض لشرور النت، علي أي حال، يظل الفيس بوك الذي ولدت في رحمه الثورة هو نقطة الضوء، ويقيني أن الثورة ستغير في النفوس المريضة التي أفرزتها المرحلة الانتقالية.