عاد التضخم ليرتفع مجدد مع ارتفاع تكلفة الغذاء ليعيد إلي الأذهان لعبة القط والفار بين أسعار الفائدة ومعدلات التضخم إذ تشتعل التكهنات حول إمكانية رفع أسعار الفائدة مجددا خلال الشهور القادمة بعد خفض متتال استمر قرابة الست مرات متتالية. الخبراء من جانبهم اعتبروا أن زيادة التضخم أمر متوقع ومفروغ منه خاصة أن الاقتصاد المصري يعاني من أخطر أنواع التضخم وهو التضخم المستورد الذي أخذ في الإنطلاق من جديد معتبرين أن سعر الفائدة هو الورقة المتاحة في الوقت الراهن للسيطرة علي التضخم قبل بدء رحلة صعوده مجددا. يذكر أن ارتفاع تكاليف الغذاء -والمشروبات دفعت معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية ليصعد مجددا إلي خانة العشرات في سبتمبر وذلك في أول زيادة له في عشرة أشهر الأمر الذي ينبيء بانتهاء دورة التخفيف النقدي. وأظهرت أرقام للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي تديره الدولة أن معدل التضخم بالمدن وهو مؤشر تحركات الأسعار الذي يحظي بأكبر متابعة قفز إلي 10.8% علي أساس سنوي في سبتمبر من 9% في أغسطس. من جانبه يؤكد الدكتور أيمن فرج الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة أن الاقتصاد المصري يعاني مخاطر التضخم المستورد الذي أوشك علي الأنفجار مجددا معتبرا أن خفض أسعار الفائدة كانت مرحلة وانتهت وأن العودة إلي رفعها مجددا هو أمر طبيعي حفاظا علي أموال المودعين من التآكل بفعل التضخم. ارتفاع الناتج وتابع قائلا إن التضخم هو الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات، سواء كان هذا الارتفاع ناتجا عن زيادة كمية النقد بشكل يجعله أكبر من حجم السلع المتاحة، أو العكس أي أنه ناجم عن زيادة في الإنتاج فائضة عن الطلب الكلي، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، فضلا عن الدور المغذي للتوقعات التضخمية. أضاف أنه ليس من السهل تحديد متي يصبح ارتفاع الأسعار تضخميا ويمكن القول إن هناك تضخما عندما ترتفع الأسعار المحلية بشكل أسرع من ارتفاع الأسعار العالمية. ففي هذه الحالة تكبح الصادرات وتسهل الواردات ويخشي في نهاية الأمر أن تنضب احتياطيات الدولة وقد تتحول إلي دولة مدينة. وحول تأثير سعر الفائدة علي معدل الإدخار أشار فرج إلي أنه بالرغم مما تؤدي آلية زيادة سعر الفائدة من تحفيز للإدخار بتغيير التكلفة النسبية للاستهلاك الحالي والمستقبلي وتجعل الاستهلاك في المستقبل أقل تكلفة بالنسبة للاستهلاك الجاري إلا أنها تميل أيضا إلي تقليل الإدخار عن طريق خفض مقدار الإدخار الحاضر اللازم لشراء مقدار معين من الاستهلاك في المستقبل اثر الدخل واثر الثروة بتغيير القيم الحالية للأصول المالية والعقارية المعمرة ثم الأثر الناجم عن التغييرات في الائتمانات المتاحة وهو ما يتوقف إلي حد كبير علي وجود مصادر بديلة للأموال ومنها الأسواق الخارجية وعلي قدرة مختلف المقترضين علي استخدام هذه المصادر البديلة. ويري هؤلاء أن زيادة المدخرات تتوقف علي عوامل عديدة منها مستوي دخول الأفراد ومدي نمو الوعي الإدخار والمصرفي والعادات الاستهلاكية والاستقرار السياسي ومدي نمو السوقين النقدي والمالي. صناديق المعاشات أوضح فرج أن العلاقة السببية بين نمو الدخل ومعدل الإدخار مازالت شائكة لم تحسم بعد خاصة في ظل تأثير بعض العوامل المؤسسية عليها مفسرا ذلك بأن جزءا كبيرا من الإدخار في بعض الدول ومن ضمنها مصر، يتخذ شكل مساهمات في صناديق المعاشات أو أشكالا أخري من الإدخار الإجباري التي تتحقق بغض النظر عن معدل العائد عليها أي أن المدخرات الإجبارية المتمثلة في التأمينات والمعاشات تمثل الجانب الأكبر من الإدخار المحلي بينما الاختيارية مثل صندوق توفير البريد وشهادات الاستثمار والأوعية الإدخارية الأخري تسهم بنسبة أقل في هذه الأموال حيث تشير الإحصاءات إلي أن المساهمة للقطاع العائلي في الإدخار تأتي أساسا من الهيئة القومية للتأمين والمعاشات والهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، والجزء الثاني من المدخرات العائلية يأتي من الإدخار المصرفي وصندوق توفير البريد وبعض أنواع التأمين كما أنها تعتمد علي مدي مشاركة الجمهور في التعامل مع المؤسسات المالية لافتا إلي أن مصر من الدول التي لا تتمتع بمؤسسات مالية قوية ومشاركة فعالة لن تتأثر كثيرا بالتغييرات في أسعار الفائدة.