رغم حالة الهدوء التي فرضت نفسها علي سوق العملات المحلي لاسيما أن الفترة الماضية شهدت إجازة عيد الفطر المبارك فإن التحركات الرهيبة للجنيه الاسترليني لفتت انتباه جميع المتعاملين وقفزت بالعملة البريطانية إلي صدارة العملات الأكثر نشاطا بالسوق متجاوزة الدولار واليورو. وشهدت الصرافات الأيام الماضية زيادة رهيبة في الطلب علي الجنيه الاسترليني لاسيما بعد تراجع سعره ما يقرب من 7 قروش دفعة واحدة أمس ولكن المفاجأة تمثلت في أن الطلب الكبير علي العملة البريطانية قابله ندرة في المعروض سواء في شركات الصرافة أوالبنوك نفسها ولم تفلح آلية الانتربنك بين الصرافات والبنوك في تغطية احتياجات السوق، وفسر المتعاملون بشركات الصرافة بأن ذلك الطلب الكبير علي الاسترليني مرتبط بالتراجع الحاد في سعره لدرجة أنه أغري الجميع مستثمرين ومستوردين وأفرادا لشرائه خشية معاودة الارتفاع لاسيما أن الانخفاض جاء كبيرا وغير متوقع، وفيما يخص ندرة المعروض قال المتعاملون إن الاسترليني من العملات ثقيلة الحركة ولا تفضل الصرافات الاحتفاظ به ولكنهم فوجئوا بعدم توافره بالبنوك عند طلبه. يقول ياسر عبدالحميد مدير عام شركة الغانم للصرافة إن الاسترليني جذب الأنظار من جميع العملات لاسيما بعد الطلب المفاجئ والكبير عليه بعد فترة طويلة من الهدوء التام علي التعامل به وأشار عبدالحميد إلي أن تراجع سعر الاسترليني دفع المستثمرين إلي شرائه لتغطية التزاماتهم ولكن الأمر الغريب هو عدم توافره بالسوق سواء في البنوك أو الصرافات وهو ما أدي إلي وجود فوارق كبيرة في بعض الشركات ما بين سعري الشراء والبيع يصل إلي جنيه كامل. ووصف عبدالحميد حركة التعاملات أمس بأنها هادئة تماما ويشذ الاسترليني عن تلك القاعدة بوجود عمليات طلب عليه في حين تراجع الطلب علي الدولار واليورو والمتراجعين أيضا. أما عزت أبوزيد مدير عام شركة برنت للصرافة فيصف حركة المعاملات بغير المفهومة في ظل التراجع الحاد في سعر الاسترليني وزيادة الطلب عليه بصورة كبيرة ونقص السيولة منه بالبنوك والصرافات معا. وأشار أبو زيد إلي أن الاسترليني فقد ما يقرب من 10 قروش من سعره منذ إقفال الجمعة، وتراجع أمام الدولار من 1.64 إلي 1.58 دولار أمس وسجل بالصرافات أمس 870 قرشا للشراء و 875 قرشا للبيع، مشيرا إلي أن تراجع سعره هو السبب الحقيقي في زيادة الإقبال عليه من الجميع سواء مستثمرين أو مستوردين أو حتي أفراد عاديين يشترونه بلا هدف لأن سعره أصبح مغريا جدا. وأضاف أبوزيد أن نقص السيولة المعروضة من الاسترليني يرجع إلي تمسك حائزيه به من بنوك وشركات وأفراد حتي لا يتعرضوا لخسائر فادحة، مؤكدا أن البنوك عجزت عن توفير طلبات الشركات من الاسترليني واعتمدت علي أولوية الحجز وهو ما يؤكد وجود نقص حاد من العملة البريطانية، واستبعد أبوزيد أن يؤدي ذلك إلي وجود مضاربة علي الاسترليني في ظل إحكام الرقابة من ناحية وتخوف المضاربين من تقلبات السوق، مؤكدا علي أن كل الطلبات عليه حقيقية لتغطية التزامات. وتوقع أبوزيد ألا يستمر هذا الوضع طويلا لاسيما ان هناك قاعدة اقتصادية تؤكد أن كل سقطة سعرية يتبعها صعود تدريجي للعملة. وفيما يخص اليورو فقد تراجع أمس حوالي 3 قروش ليسجل 805 قروش للشراء و808 قروش للبيع وشهد تراجعا نسبيا في الطلب عليه وإن استمر الطلب عليه لتغطية احتياجات المستوردين لاسيما بعد انخفاض سعريه ومن ثم انخفاض تكلفة السلع المستوردة أما الدولار فقد سجل 549.5 قرش للشراء و550.5 قرش للبيع مستمرا في سلسلة الهدوء والاستقرار السعري في حين زاد المعروض من العملة الامريكية مقابل الطلب عليها. وعلي الصعيد العالمي هبط الدولار إلي أدني مستوي له امام الين منذ ثمانية أشهر أمس في الوقت الذي تخلص فيه مستثمرون من مراكز مكشوفة بالين في الوقت الذي تراجعت فيه توقعات بأن اليابان ستتدخل عند هذه المستويات. وتراجع الدولار امام الين إلي مستوي متدن بلغ 88.23 ين وهو اضعف مستوي له منذ اواخر يناير عندما سجل 87.10 ين وهو أدني مستوي له منذ 13 عاما. ونقلت دورية داو جونز نيوزواير عن هيروهيسا فوجي وزير المالية الياباني قوله بان التحركات التي حدثت في سعر صرف الدولار الين في الاونة الاخيرة "ليست غير طبيعية". وجاء هذا التقرير بعد ان قال فوجي إنه يعارض الاضعاف المتعمد للين أو أي عملة أخري خلال اجتماع مع وزير الخزانة الامريكي تيموثي جيثنر معززا آراءه بانه من غير المحتمل ان تتدخل اليابان في اسواق العملة. وقال متعامل كبير في شركة سمسرة يابانية إن "كثيرا من الزيادة الحالية في الين قامت علي اساس عمليات شراء بالمضاربة، ولكن كثيرين في السوق لا يعتقدو بان السلطات اليابانية ستقوم بعمل عند هذه المستويات لأن التدخل في العملة اعتبر في الاونة الاخيرة عملا حمائيا ربما تري السلطات انه لابد من تفاديه". وأضاف المتعامل ان السوق ستحتاج لأن تري الدولار الين يتراجع لاقل من مستوي 10.87 ين علي الاقل للتفكير بجدية في امكانية التدخل. وتدخلت اليابان في سوق العملات في الماضي لاضعاف الين لأن هذا ساعد في الحفاظ علي ميزتها التنافسية في التجارة العالمية. وتراجع الجنيه الاسترليني بشدة امام الدولار إلي 1.5770 دولار، وهو ادني مستوي له منذ اواخر مايو متراجعا لاقل من حد الدعم للجنيه الاسترليني عند نحو 1.5800 دولار. وهبط الجنيه بنسبة 1.6% امام الين متراجعا لفترة وجيزة لاقل من حد 140 ينا وهو ادني مستوي له منذ اواخر ابريل. وتعرض الجنيه الاسترليني لضغوط بعد ان قال محافظ بنك انجلترا الاسبوع الماضي إن ضعف الجنيه سيساعد الصادرات والاقتصاد البريطاني. وهبط اليورو امام الدولار بنسبة 0.4% اواخر التعامل في نيويورك إلي 1.4631 دولار متراجعا نتيجة هبوطه امام الين مقلصا المكاسب التي تحققت امام الدولار يوم الجمعة بعد ان اظهرت بيانات وصول ثقة المستهلك الامريكي إلي اعلي مستوي لها هذا الشهر منذ يناير 2008 وهبط الين امام اليورو إلي 129.84 ين.
