علي مدي السنوات الماضية فشلت الحكومات المتعاقبة في التعامل مع مشكلة الباعة الجائلين الذين يندرج عملهم تحت مسمي الاقتصاد غير الرسمي أو الخفي حيث لا يخضع لأي اوراق رسمية ولا يملك العاملون فيه سجلات تجارية أو بطاقات ضريبية. وقد أرجع الاتحاد العام للغرف التجارية في تقرير له تزايد تجارة الرصيف بشكل كبير في الفترة الاخيرة إلي مشكلة البطالة واتجاه العديد من الشباب للعمل في هذه التجارة السهلة التي لا تحتاج إلي تراخيص ولا تأجير محلات، كما أن قليلا من المال يكفي لشراء البضاعة. ويشيرالتقرير إلي أن عدد العاملين في هذه التجارة بلغ أكثر من 9 ملايين شخص يتعاملون مع سلع ومنتجات من الدرجتين الثانية والثالثة وتعد تجارة الرصيف المصدر الوحيد لدخلهم، كما أن حجم تجارة الرصيف تجاوز ال 75 مليار جنيه وهي تمثل 45% من حجم التجارة الرسمية وهناك اقبال كبير من جانب المستهلكين علي سلع ومنتجات الرصيف خاصة من محدودي الدخل. فيما يشير د. مختار الشريف الخبير الاقتصادي وعضو الاتحاد العام لجمعيات التنمية الاقتصادية إلي أن المشكلة الاساسية للباعة الجائلين انهم يندرجون تحت القطاع غير الرسمي وبالتالي لا يوجد قانون يستطيع حمايتهم، مضيفا أنه وبناء علي بعض المشاهدات تبينت أن هذه الفئة من المجتمع تتعرض للبطش من الحكومة والمحليات فهناك مطاردات مستمرة لهم علي مدار السنوات الماضية. ومن هذا المنطلق جاءت فكرة عمل قانون هدفه الاول رعاية حقوق هؤلاء الباعة الجائلين سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية مضيفا أن الاتحاد حاليا في مرحلة تجميع التجارب الخاصة بهذه الفئة حتي نتمكن في النهاية من الخروج بالتجربة الافضل. ويشير الشريف إلي أنه في حالة التعثر في الوصول إلي نص قانون لحماية الباعة الجائلين لسبب أو لآخر، فسوف نعمل علي إيجاد بعض الإجراءات التي من شأنها حمايتهم ومنها اختيار الأماكن الصالحة التي يمكنهم العمل فيها مع منحهم تأمينات اجتماعية واخري ضد البطالة والاهم العمل علي رفع المهارة الخاصة بهم من خلال تدريبهم وتهيئتهم للقيام ببعض انواع العمل الرسمي ان امكن لهم ذلك، وكذلك يمكن تيسير عملية حصولهم علي قروض لاستخدامها في بعض المشروعات التي تدخل في الإطار المؤسسي للدولة. وينوه الشريف إلي أن الباعة الجائلين متواجدون في كل مكان في العالم ولكن بنسب مختلفة، ومعظم التجارب الدولية اثبتت ان هذه الفئة تستحق معاملة افضل من المقدمة حاليا خاصة وان الحروب المستمرة معهم لن تفيد فهناك حلول كثيرة بسيطة يمكن تقديمها لتقنين أوضاع هذه الفئة. وفيما يتعلق بتوقعه رفض فكرة مشروع القانون من المسئولين يوضح مختار الشريف ان المشكلة ليست رفض القانون بقدر ما هي كيفية تهيئة الجو العام لتقبل الأفكار الجديدة فيما يتعلق بامكانية التعامل مع هذه الفئة من المجتمع ومن ثم فليس شرطا وجود قانون خاص بهم. ويري أحمد شيحة - سكرتير الغرف التجارية بالقاهرة - ان القانون يحمي أي مصري سواء أكان بائعا متجولا أو صاحب محل تجاري، مضيفا ان المشكلة ليست في القانون وانما في امكانية توفير مكان دائم أو مؤقت لهذه الفئة لأن القانون مهما كانت سلطته لن يحميهم طالما ظلوا في الشارع. ويوضح شيحة أن أي تاجر يحتاج إلي مكان والباعة الجائلون مشكلتهم عدم وجود أسواق مجمعة وبالتالي فحمايتهم هي ايجاد مكان يمكن من خلاله تطبيق جميع بنود القانون عليهم ووقتها يمكن ان يندرج تحت مسمي تاجر متجول. ويؤكد شيحة ان تقنين أوضاع هذه الفئة سوف يعود بالنفع علي القطاع بأكمله وتواجد هذه الفئة في ظل مكان وقانون رسمي لن يضرنا كتجار بل بالعكس فعمل كنترول عليهم أفضل من ترك الأمور تسير بشكل عشوائي منوها إلي أن هذه الفئة حاليا خارجة عن القانون حيث لا يوجد التزام سواء بالقوانين التجارية أو التموين ولا يمتلكون سجلا وبطاقة ضريبية وبضائع تدخل وتخرج دون فواتير رسمية يمكن الرجوع فيها، مشيرا إلي أن حل كل هذه المشاكل يمكن الرجوع فيها، توفير أسواق خاصة بهم وهي مسئولية الحكومة في المقام الأول لأننا منذ أعوام كثيرة نسمع عن أسواق سيتم انشاؤها لهذه الفئة ولا يوجد شيء يتحقق علي أرض الواقع في نفس الوقت الذي تتزايد فيه اعداد الباعة الجائلين كل عام فمعظهم من خريجي الجامعات الذي يفضلون العمل في هذه المهنة عن انتظار الوظيفة الحكومية خاصة وان مهنة التجارة مربحة وحتي وان كان مهدد فهو لا يعبأ بهذه الأمور لأن المكسب يعوض أي خسارة قد يتعرض لها في يوما ما.