مما لا شك فيه أن بنوك القطاع التجارية قد لعبت دورا مهما وحيويا منذ التأميم لمصلحة اقتصادنا القومي.. وبعد تخلي الدولة عن مرحلة الاقتصاد المخطط ودخولنا لمرحلة الاقتصاد الحر وبدء القطاع الخاص في لعب دور القائد للاقتصاد ومع تسارع برنامج الخصخصة وخاصة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة بدأت بنوك القطاع العام التجارية في دخول مرحلة من تراجع حصتها السوقية في مقابل زيادة مطردة للحصة السوقية لبنوك القطاع الخاص وأغلبها باتت بنوكا أجنبية وعربية وهي بنوك أصبحت تزاحم وبحق بنوك القطاع العام علي صدارة الجهاز المصرفي المصري ومن خلال رصد ما يعيق بنوك القطاع العام التجارية عن منافسة بنوك القطاع الخاص نستطيع في النهاية الوصول لتوصيات تدفع بنوك القطاع العام لحلبة المنافسة بقوة لتسترد حصتها السوقية المؤثرة وبالتالي تسترد قدرتها الكاملة علي أن تكون حائط الصد ضد أي تكتل أو تآمر علي جهازنا المصرفي ومن خلال قراءتنا للمراكز المالية الأخيرة الصادرة لهذه البنوك "الأهلي - مصر - القاهرة" فقد توصلنا لأسباب تدني نتائج أعمال هذه البنوك وهو ما كان سبيلا لتدني حصتها السوقية وتراجعها عن التطور المنشود، وأول الأسباب هو ارتفاع معدل العائد علي الودائع مقارنة ببنوك القطاع الخاص. وهم أسباب هذا الارتفاع هو الدور الاجتماعي لبنوك القطاع العام التجارية فمعدلات التخضم وارتفاعها المستمر وخاصة خلال العام المالي الأخيرة 2007/2008 قد أدت لأن تصبح الفائدة علي الودائع سلبية وبدرجة كبيرة، وقد أدت السيولة الكبيرة المتوافرة لدي البنوك المصرية لعدم قدرة البنك المركزي المصري علي استهداف التضخم من خلال سعر الفائدة رغم اشاراته المتكررة للبنوك خلال العام المالي 2007/2008 والمتمثلة في ارتفاعه المستمر بأسعار الفائدة علي الايداع لديه والاقتراض منه.. وعدم استجابة البنوك لأشارات المركزي برفع سعر الفائدة علي الودائع لمجابهة ارتفاع معدل التضخم وامتصاص التأثيرات السلبية لهذا الارتفاع قد تحملته بنوك القطاع العام التجارية التي كانت تستجيب استجابة فورية لكل إشارة من إشارات البنك المركزي برفع سعر الفائدة وخاصة علي بعض الأوعية الادخارية "شهادات الادخار" الخاصة بالقطاع العائلي. وأدي ذلك لارتفاع معدل العائد علي الودائع بهذه البنوك لأعلي من 6% مقابل معدلات عائد علي الودائع لا تزيد علي 4% بأغلب بنوك القطاع الخاص وخاصة ذات رأس المال الأجنبي وهو ما أدي لانخفاض هامش العوائد لبنوك القطاع العام وما لهذا الانخفاض من تأثير سلبي علي ناتج الأعمال "صافي الربح"، فعلي سبيل المثال بلغ معدل النمو بصافي أرباح البنك الأهلي فيما بين عامي 2006 و2008 6،4% فقط مقابل 95،5% ل HSBC قدرها 1181 مليون جنيه، وكان البنك المركزي المصري قد أعطي لشهادات الادخار ميزة بألا يخصم من أرصدتها نسبة الاحتياطي "14%" التي تودع لدي المركزي بدون عائد وهو ما يجب معه الارتفاع بأسعار الفائدة علي هذه الشهادات بمقدار 1،5% مقارنة بأسعار الفائدة علي الودائع لأجل، وهو ما كانت تفعله البنوك عند بداية إصدار هذا القرار في بداية القرن الحالي إلا أنه وبمرور الوقت وبتزايد السيولة لدي البنوك خفضت البنوك من أسعار فائدة هذه الشهادات وأصبحت تقارب فوائدها باقي أنواع الودائع الأخري، وفي ظل هذا الوضع كان يجب علي البنك المركزي أن يتخذ قرارا بعدم تمتع البنوك التي تخفض من عوائد شهاداتها الادخارية لأقل من 1% زيادة علي أسعار العائد علي باقي أنواع الودائع من ميزة عدم خصم نسبة الاحتياطي من أرصدة هذه الشهادات وهو ما لم ينتبه إليه البنك المركزي المصري. ثاني أسباب تدني نتائج الأعمال ببنوك القطاع العام هو انخفاض معدلات النمو بالأنشطة المصرفية المختلفة مما أدي لانخفاض حصتها السوقية فبنهاية يونية 2008 بلغ معدل نمو الودائع علي مستوي الجهاز المصرفي. بدون ودائع القطاع الحكومي التي اقتصر ايداعها علي البنك المركزي فقط 14،9% بينما بلغ هذا المعدل ببنوك القطاع العام التجارية "الأهلي - مصر - القاهرة" 5،7% فقط وهو ما أدي للتأثير سلبا علي الحصة السوقية لهذه البنوك من ودائع العملاء التي انخفضت من 53% إلي 48،7%، كما بلغ معدل النمو بالقروض والتسهيلات الائتمانية بالجهاز المصرفي المصري 13،5% في نهاية يونية 2008 بينما بلغ هذا المعدل ببنوك القطاع العام التجارية 2،4% فقط وهو ما أدي أيضا للتأثير السلبي علي الحصة السوقية لهذه البنوك من القروض التي انخفضت من 44،3% إلي 40%. وأدي انخفاض الحصة السوقية من الودائع والقروض لانخفاض نسبة أصول هذه البنوك من إجمالي أصول الجهاز المصرفي المصري من 42،8% إلي 38،6% بنهاية العام المالي 2007/،2008 وتعود الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض إلي عدم قدرة فروع بنوك القطاع العام التجارية علي منافسة مثيلاتها بالبنوك الخاصة وخاصة ذات رءوس الأموال الأجنبية، ووضعا في الاعتبار التوسع الأفقي الكبير الذي قامت به بنوك القطاع الخاص من فتح فروع وبشكل كبير بنطاق القاهرة الكبري وعواصم المحافظات الرئيسية وفيما بين عامي 2006 و2008 زادت فروع البنوك بمقدار 382 فرعا. وعدم قدرة منافسة فروع بنوك القطاع العام لفروع بنوك القطاع الخاص يرجع لتقديم خدمات مصرفية للدولة تؤثر سلبا علي دولاب العمل بالفروع وكذا الإدارات المعنية بدون قيمة فعلية تضاف للنشاط وتؤثر ايجابا علي ناتج الأعمال مثل تسويق شهادات الاستثمار "المجموعات أ، ب، ج" والخاصة ببنك الاستثمار القومي وتمول بها الموازنة العامة للدولة، وكذا تقديم خدمات اجتماعية للجمهور في صورة صرف معاشات من الفروع عائدها ضعيف إذا ما قورن بالضغط علي دولاب العمل بالفروع والازدحام الذي يؤدي لهروب كبار العملاء لفروع بنوك القطاع الخاص وخاصة ذات رأس المال الأجنبي التي تقدم خدمات مصرفية سريعة مع شكل أنيق للفروع يماثل مثيلاتها بالدول الأوروبية. كما أن البنك الأهلي تحديدا يقوم بفتح الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان الخاصة بقطاعات الدولة المختلفة بعوائد زهيدة وهو ما يؤدي لظهور عائد الخدمات المصرفية والايرادات الأخري بقائمة الدخل بقيمة لا تتناسب مع حجم الحسابات النظامية والذي بلغ في آخر مركز مالي سنوي صدر للبنك 138،5 مليار جنيه قابله عائد خدمات مصرفية وايرادات أخري بقيمة 1488 مليون جنيه