علي أحد مواقع "الإنترنت" تعريف لأنواع العرب للوزير البحريني الراحل يوسف الشيراوي الذي كان بجانب عمله وزيرا للصناعة والنفط سنوات طويلة أحد المهتمين بالشأن السياسي والأدبي وكانت له مداخلاته وتعليقاته الظريفة في هذا الشأن. وقد قسم الشيراوي العرب لأربعة أنواع، الأول عرب العز والثاني عرب الرز والثالث عرب الهز والرابع عرب الطز. أما عرب العز كما يقول فهم المهاجرون إلي أوروبا والولاياتالمتحدة حين يزورون بلادهم الأصلية في الإجازات فيأخذون في توجيه النصائح لشعوبهم حول مزايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.. إلخ. وعرب الرز هم عرب الجزيرة العربية التي يسعد الإنسان فيها ويشعر بالأمان إذا حصل علي كيس رز وخروف مقطع. وعرب الهز هم بلاد الشام حين تتغذي الشعوب هناك علي الشعارات وهتافات تحرير فلسطين وبالروح بالدم نفديك يا زعيم. أما عرب الطز فهم دول شمال إفريقيا ومنهم ليبيا المعادية للإمبريالية والتي وضع لها القذافي شعار "طز في أمريكا" وبعدها سلم لهم مالديه من سلاح وأسرار وطز في الثورة. والشيراوي لم يوضح أين موقع مصر من كل هؤلاء ولكن من الواضح أننا كلنا في الهم شرق، فنحن العرب جميعا نشمل كل هذه الأنواع مجتمعة فنحن نحلم مثل عرب العز ونسعد بالرز مثل عرب الجزيرة العربية ونهتف بالشعارات وبالروح بالدم نفديك يازعيم مع أنه يكون قد انتقل إلي الرفيق الأعلي ومثل عرب الطز فإننا أصبحنا لانبالي بأي شيء ونستسهل أن نقول طز لكل الأشخاص ولكل القضايا في ظاهرة سلبية أصبحت مرتبطة بالفكر والعقل العربي. أما كيف وصلنا إلي هذه الحالة المذرية التي أصبحنا فيها لا نشعر أن نهتم بشيء فإن لذلك أسبابه الكثيرة التي جعلتنا في حالة من الترهل والخمول لا نتحمس لأي قضية ولا ننفعل مع أي حدث، وحتي مظاهرات بالروح بالدم نفديك يا زعيم أصبحت لا تستقطب اهتمام الكثيرين ولا يمكن تنظيمها بالشكل الجماهيري الواسع الذي كان الأمر عليه من قبل. ولا يمكن اغفال أن الهزائم المتوالية التي مني بها العرب كانت وراء هذا الإحساس بالفشل والعجز فقد أدركنا أنه لا فائدة من الشعارات أو من الحماس أو المقاومة لأن المقاومة في هذا الزمان أصبحت مثل الوقوف أمام قطار مندفع لا يمكن إيقافه، ولأن العالم أصبح لا يعترف بالمقاومة ويتعامل معها علي أنها نوع من العنف والإرهاب. كما أننا كعرب قد أغفلنا تحديد أهداف واضحة لنا، فلا نحن نجحنا في تحرير فلسطين ولا نحن استطعنا تنفيذ أحلامنا في تكامل اقتصادي عربي ناجح ولا العربي يقبل بالعربي علي أرضه ومازال يتعامل منه علي أنه وافد غريب لا يتمتع بنفس حقوق وامتيازات المواطن ويتعامل منه في كثير من الأحيان علي أنه مواطن درجة ثانية أو عاشرة في أحيان أخري. وكان لغزو العراق للكويت عام 1990 تأثير كبير في إنهاء الإيمان بفكرة العروبة لدي البعض، فالكويت التي كانت تمتليء بالتيارات القومية التي تغذي فكرة العروبة والتي كانت تمد يد المساعدة لكل الدول العربية وجدت نفسها محتلة من جارها العربي الذي طالما ساعدته في حربه ضد إيران ووجدت أن قرار تحريرها وعودتها مرة أخري دولة مستقلة هو قرار مرتبط بالقوي الأجنبية ممثلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لذلك ساد شعور هناك بعد التحرير بأن أمريكا تأتي أولا والعرب فيما بعد ان كان لهم دور أو تأثير، وهو شعور امتد أيضا إلي بقية الدول الخليجية الأخري التي بدأت في استضافة الأمريكان علي أراضيها وتقديم التسهيلات لهم مجانا بعد أن كانت الولاياتالمتحدة قبل تحرير الكويت تدفع لهم الكثير مقابل تأجير هذه القواعد العسكرية..! والنتيجة أن العرب أصبحوا ممزقين والعروبة أصبحت سرابا ونوعا من تأدية الواجب، وفقدت مؤتمرات القمة العربية فاعليتها لأن من يذهبون إليها لا يلتزمون بقراراتها ولا يؤمنون بها ولا يحرصون علي تنفيذها، وفقدت الشعوب العربية الثقة في هذه القرارات وفي قدرة قادتها علي التحرك الجماعي فسادت حالة من اليأس والإحباط التي حولت العرب جميعا إلي "عرب الطز"، وهو تعبير لا يعني إلا اللامبالاة والتجاهل لكل شيء والانشغال في مباريات كرة القدم والاندماج مع الفضائيات وتفريغ مخزون الغضب في حوارات سياسية علي الهواء هي نوع من التنفيس وليست تحريكا لأن الجسد أصبح خاملا والشعار لم يعد بالروح أو بالدم ولكنه "بالطز"..، وقد قالها الممثل حمدي أحمد في دوره الوحيد الذي كان مقنعاً في فيلم "القاهرة 30" قبل سنوات طويلة من فلسفة كل حياته في كلمة "طز" ويبدو أنها شعار المرحلة..!