ربما اجتمعت كل العوامل التي تمنح شركات المقاولات الوطنية حق إدارة تخطيط وتنفيذ التجمعات العمرانية بغزة.. فقرار قمة الكويت الاقتصادية بإنشاء صندوق لتعمير غزة بعد ضخ الدول المشاركة 2.5 مليار دولار عزز فرصة شركات البناء والتشييد الوطنية لتنفيذ وإعادة الإعمار. ورغم المنافسة الشرسة التي قد تواجهها الشركات الوطنية وسط الشركات العربية العملاقة التي تمتلك أحدث وسائل التكنولوجيا في إنشاء وتصميم طرق وكبار وأنفاق، ومدي مقاومتها لأعمال الانفجارات وفي مقدمتها "بن لادن السعودية" و"الخرافي" الكويتية، إلا أن فرصة الشركات المصرية الأقرب للتنفيذ. الاعتبارات التي تساند الشركات الوطنية عديدة أهمها الخبرة الطويلة لمعظم الشركات المصرية في الدول سواء الأفريقية أو العربية، بالإضافة إلي تداخل الحدود بيننا وبين غزة، وهو ما يسهم في تقليل تكلفة نقل المعدات والآلات بالنسبة للشركات المساهمة في عملية الإعمار، وأيضا التشابه الكبير بين المباني لدينا وفي فلسطين وما تتميز به من بساطة. ويكفي أن مطار غزة والعديد من مطاحن الغلال التي تم إنشاؤها منذ سنوات قليلة بتصميم وتخطيط مصري من خلال مكتب صبور للاستشارات الهندسية، وكذلك بتنفيذ من شركة المقاولون العرب كدليل علي الميزة النسبية للشركات المصرية. وإذا كانت الشركات الوطنية قادرة علي إدارة عملية الإعمار إلا أن هناك مخاوف من "حشر" للاعتبارات السياسية التي من شأنها تقليص فرصتنا في عملية الإعمار، مثلما حدث في إعمار العراق.. الكويت، ولبنان، بعدما خرجت شركاتنا صفر اليدين، وتعرضت لمقالب في عمليات إعمار الدول الثلاث واستحوذت علي إعادة الإعمار شركات أجنبية. إذن قد تظل الاعتبارات السياسية عائقاً أمام الشركات الوطنية علي حد قول الخبراء والمتخصصين في قطاع التشييد والبنا،ء أما غير ذلك فكل المؤهلات والإمكانيات تصب في صالح الشركات الوطنية بنسبة تصل إلي 50%. وبصورة عامة نجد أن قطاع التشييد والبناء يعد واحدا من أهم القطاعات القائدة في الاقتصاد الوطني، حيث يحتل المرتبة السابعة بين قطاعات الاقتصاد المختلفة، ويسهم بنسبة 5% من إجمالي الناتج المحلي ويستوعب 8% من إجمالي القوي العاملة، كما أنه يسهم بنسبة 48% من إجمالي الاستثمارات الجديدة. ترتيب عالمي وطبقا لتقرير مجلس الوزراء نجد أن القطاع يحتل الترتيب 36 علي مستوي العالم منذ عام 2000 وقد ساهم القطاع في تحقيق نشاط ملحوظ أدي إلي طفرة في معدل النمو الحقيقي خلال عام 2005/2006 بلغ نحو 14%، مقابل 5% عام ،2004 ثم وصل إلي 15.8% عام 2007. سألت المهندس إبراهيم محلب رئيس شركة المقاولون العرب حول مدي فرصة شركات المقاولات الوطنية في عملية الإعمار.. فقال "أخشي تدخل الاعتبارات السياسية فتضيع فرصتنا". بهذا بدأ رئيس شركة المقاولون العرب إجابته.. فالخبرة التي تمتلكها شركات المقاولات الوطنية في الدول العربية، وتجاربها السابقة بالعديد من هذه الدول يعزز فرصتها في إدار ةوتنفيذ عملية الإعمار. وتابع قوله "المقاولون العرب قامت منذ 3 سنوات بتأسيس مطار غزة، وكذلك إعمال البنية الأساسية" لمحطات المياه والصرف الصحي، والمطاحن والغلال بتكلفة استثمارية بلغت نحو 200 مليون دولار. وعملية الإعمار علي -علي حد قوله- تتم علي عدة مراحل أولاها رفع المخلفات وباقي الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي" وهذه مرحلة عاجلة تتطلب التنفيذ الفوري ثم بعد ذلك يأتي دور التصميم والاستشارات الهندسية ولدينا مكاتب ذات خبرة في هذا الشأن لها بصماتها في العديد من الدول العربية والأفريقية ومنها مكتب "صبور" وممدوح حمزة للاستشارات الهندسية. الاعتبارات السياسية وبعيداً عن خبرة وقدرة الشركات الوطنية فإن الخوف هو التعامل بمنطق الاعتبارات السياسية وتحديد الشركات بناء علي مساهمات هذه الدول. علي أية حال كما قال فإن قطاع المقاولات المصري مؤهل لعملية الإعمار والتخطيط للدول التي تتعرض للدمار، والظروف الطبيعية، والتجارب السابقة تؤكد ذلك، خاصة أن المقاولون العرب قامت عام 2005 بأعمال تجاوزت 20 مليون دولار.