تم إطفاء ألسنة اللهب ولكن الدخان لايزال يتصاعد.. أو بالأحري هذا هو ما تصف به مجلة "الأيكونوميست" حال اقتصادات منطقة شرق ووسط أوروبا بعد التدخل الخارجي الضخم لتهدئة القلق الذي كان يضرب أسواق الديون وأسواق العملات في هذه البلدان.. وفي يوم 5 نوفمبر اجتمع صندوق النقد الدولي ووافق علي ضمانة مالية لأوكرانيا قيمتها 16،5 مليار دولار بشروط ميسرة، أما النمسا فقد قدمت لبنوكها حقنا نقديا قيمته 100 مليار يورو "129 مليار دولار" علما بأن هذه البنوك دائنة لمقترضين من شرق أوروبا بقروض قيمتها 290 مليار دولار، وقد حصل بنك إيرست يوم 10 أكتوبر علي حقن قدره 2،7 مليار يورو عن طريق طرح إصدار للأسهم أما في المجر التي حصلت أيضا علي ضمانة مالية من صندوق النقد الدولي فإن الأسواق استقرت بعد إقرار البرلمان لحزمة من قوانين السياسة المالية تناسب أو تعالج التوقعات بانخفاض اجمالي الناتج المحلي 1% دفعة واحدة هذا العام، وفي صربيا التي لاتزال تتباحث مع صندوق النقد الدولي أعلن المسئولون عدم حاجتهم إلي مزيد من السيولة علي الرغم من أنها سوف تسحب وديعتها البالغة 695 مليون دولار من الصندوق. وقد قام إيلمارز ريمسفكس محافظ البنك المركزي في لاتفيا إحدي جمهوريات البلطيق بزيارة العاصمة البريطانية لندن ليؤكد أن بلاده لا تواجه انهيارا يشبه ما هو حادث في أيسلندا، وقال الرجل الذي كان بصحبته ممثلون لكل من سويد بانك ونورويا وهما من البنوك الاسكندنافية التي تمتلك حصة كبيرة من النظام اللاتفي إن ارتباط عملة بلاده باليورو خطوة لا رجعة عنها، وعلي عكس أيسلندا فإن ديون لاتفيا الحكومية للخارج قليلة وعملتها أكثر استقرارا، ولكن علامات الاستفهام تتركز علي بعض البنوك المملوكة محليا ومدي جدوي السياسات المالية المتهورة التي تم إقرارها أخيرا والتي وصفها أحد الوزراء بأنها بمثابة الضغط علي بدال البنزين لزيادة سرعة السيارة، فهذه السياسات قد تؤدي إلي تحقيق معدل نمو يفوق 10% سنويا ولكنها غير مجدية في زيادة القدرة التنافسية لمنتجات لاتفيا، ومع ذلك فإن الأشهر المقبلة ستشهد تقلص اجمالي الناتج المحلي اللاتفي بنسبة 5%. وتقول مجلة "الأيكونوميست" أن تعقيدات السياسة الاقتصادية في لاتفيا لا تجذب اهتمام المستثمرين الأجانب ويقول نايل شيرنج الخبير في شركة الاستشارات كايتال أيكونوميكس إنهم تلقوا بعض الاستفسارات من المستثمرين خلال الأسبوعين الماضيين عن بنوك منطقتي البلطيق واسكندنافيا ولكن اهتمام المستثمرين تحول الآن إلي بلغاريا، فهذه الدولي تعاني من عجز كبير في ميزانها الحسابي يتوقع أن يصل إلي 24% من إجمالي ناتجها القومي هذا العام وحتي الآن فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد تكفلت بسد هذا العجز وهذا أمر جيد علي الورق لأن الاعتماد علي القروض قصيرة الأجل هو الذي يثير القلق، ولكن المؤسف حقا أن ثلث الاستثمارات الاجنبية في بلغاريا يتجه إلي قطاع العقارات والممتلكات وهو ما أدي إلي ارتفاع اسعارها وتحول هذا الارتفاع إلي فقاعة توشك علي الانفجار.